بقلم غالب قنديل

العقوبات وتصعيد الضغوط الأميركية

غالب قنديل

دفعة العقوبات الأميركية التي اعلنت في مؤتمر صحافي مشترك عقده معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر وقاتل البنوك مارشال بلغينسلي المفوض بالعقوبات المالية تمثل رسالة مكشوفة إلى جميع من يهمهم الأمر في لبنان فالحرب الأميركية على الاقتصاد اللبناني مستمرة تحت شعارات زائفة وخطيرة يراد منها في الظاهر محاصرة المقاومة وحلفائها لكنها معدة لإلحاق المزيد من الأذى بالاقتصاد الوطني وبالمزيد من الشرائح الاجتماعية اللبنانية.

أولا يطال الاستهداف هذه المرة شركتين لصناعة وتسويق الأدوية وشركة الأمانة للمحروقات التي سبق ان برز اسمها في كسرها لإضراب الشركات الكبرى الذي تسبب بأزمة خانقة في لعبة ابتزاز وضغط خطيرة استعملت لتصعيد منسوب التوتر الاجتماعي والسياسي في البلد وتفعيل القلق والتوتر والاضطراب في الشارع اللبناني  بعد الانهيار المالي والمصرفي الذي كانت موجة العقوبات الأميركية المشددة من محركاته الرئيسية بعد ضربة تصفية بنك الجمال.

الشرائح الاجتماعية التي تلحق بها العقوبات الأذى  في زمن الأزمة التي يعيشها اللبنانيون أوسع بكثير من دائرة مالكي الشركات المطلوب وضعها قيد الانهيار بالإجراءات المالية والمصرفية الناشئة عن رزمة العقوبات الأميركية فبالتأكيد إن آلاف العاملين في هذه المؤسسات وعائلاتهم مستهدفون وهم من المتضررين ولكن الأخطر هو ما سينعكس على اللبنانيين عموما من نتائج تسد في وجههم منافذ تساعد في الحد من وطاة الانهيار على مستوى عيشهم وكلفة حصولهم على المحروقات والأدوية.

ثانيا يمثل تصعيد العقوبات رسالة سلبية واضحة لحكومة الرئيس حسان دياب ولرهانات بعض القوى الداعمة لها على احتواء التصعيد الأميركي الذي انطلق بركوب الحراكات الشعبية والتفعيل المتواصل لمنصات التدخل الحراكي والسياسي الأميركي ضمن امر العمليات الذي يستهدف المنطقة برمتها وجميع بلدان وقوى محور المقاومة وقد سبق ان ادخل لبنان في حلقة الانهيار الكبير وهي تلاقي داخليا ما طلبه وتمناه الحلف السياسي المحلي الذي يناكف الحكومة ويسعى لعرقلة مساعيها ومحاولاتها الإنقاذية.

الولايات المتحدة مصممة على تصعيد الضغوط ضد لبنان وتدير ظهرها لجميع  فرضيات العودة للمساكنة السياسية في لبنان وهي ستعبر عن هذا النهج تباعا من خلال التوجيه السياسي لحكومات الغرب والخليج وللمؤسسات المالية الدولية التي تهيمن عليها طالبة تشديد الضغوط والشروط على لبنان وحصر الجرعات الإنعاشية المالية بمنع السقوط الكبير الذي تفضل واشنطن تحاشيه إتقاء لمخاطر حدوث انعطافة كبرى في موقع لبنان من الاستقطاب الإقليمي بين المحورين مع رغبتها بإبقاء لبنان رهينة لوصايتها ولشروطها السياسية التي يقوم شركاؤها ووكلاؤها في الداخل والخارج بضمان فرضها على الحكومة اللبنانية.

ثالثا السؤال المحوري للحلف السياسي الداعم للحكومة هو عن الاستعداد لتبديل نهج التعامل مع العقوبات الأميركية والتحول من منهجية التكيف والخضوع إلى خطة سياسية وقانونية وإدارية ومالية للتمرد والمقاومة وعن مدى القدرة على تبديل طريقة التعامل اللبناني مع هذا الاستهداف المكشوف الذي لم يكن يوما محصورا بالمقاومة وهيكلها الحزبي والسياسي بل هو موجه ضد الاقتصاد اللبناني المطلوب سحقه وسد منافذ تنفسه الحقيقي المتاحة ويفترض منهجيا ان تحدد سبل المواجهة بالاستفادة من تجارب البلدان المستهدفة بالعقوبات وكذلك البلدان التي شهدت انهيارات اقتصادية ومالية للتعلم من عبرها.

المطلوب بداهة هو سن قانون يقدم الحماية الدستورية والقانونية للشركات والمصارف اللبنانية ضد العقوبات الأميركية ويعدل آليات التعامل معها في مصرف لبنان الذي حوله الخضوع الحكومي طيلة اكثر من عشرين عاما  إلى مخفر يقوده مفوض العقوبات الأميركي ويتحكم بواسطته في الشاردة والواردة والمطلوب العمل على آليات مصرفية وتجارية تتيح الحد من نتائج العقوبات وآثارها على اللبنانيين واقتصادهم ومن خلال توسيع نطاق الشراكات التجارية والمصرفية وتنويعها والسؤال لماذا لا يطرح خيار حظر المشاركة الأميركية في قطاع النفط مقابل العقوبات؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى