بقلم غالب قنديل

حول الكهرباء والمحروقات والنفط

غالب قنديل

تواجه حكومة الرئيس حسان دياب حملة تهويل سياسي وإعلامي منظمة تقودها أطراف لبنانية مرتهنة للوصاية الغربية والأميركية خصوصا وقد أطلقت الأبواق ملوحة بالويل والثبور وعظائم الأمور بعدما تسرب عن زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني الدكتور علي لاريجاني الذي تناقل الإعلام اللبناني معلومات عن عرضه مساعدات إيرانية تتعلق بحاجات لبنانية حيوية ومنها محطات توليد الكهرباء.

 

الدعوة المتجددة لرفض العروض الإيرانية تحذر من خسارة المساعدات الأميركية التي لاتقارن بقيمة ما تعرضه إيران أوبتأثيره الاقتصادي والمالي وتلك المساعدات التي تتغنى بها الأبواق المسعورة في التهويل على الحكومة جرى تخفيضها في الموازنة الأميركية الجديدة كما بينت التقارير الصحافية سواء من البنتاغون او من وكالة التنمية الأميركية ومجموعها الكلي لايتخطى المئة مليون دولار في السنة بينما توفر المساعدة الإيرانية المليارات وتنهي أحد أخطر مصادر العجز المالي والمديونية منذ عقود.

منذ سنوات أبدى المسؤولون الإيرانيون استعداد شركاتهم لتركيب محطات توليد كهربائية ضخمة تلبي حاجة لبنان  وبناء شبكات التوزيع الخاصة بها وسبق لقائد المقاومة ان تعهد بتحويل ذلك كله إلى هبة تقدمها الحكومة الإيرانية إذا تجاوب لبنان الرسمي الذي منعته الضغوط الأميركية من ذلك.

 منذ سنوات أيضا عرضت جهات إيرانية تركيب تجهيزات جديدة لمصفاتي طرابلس والزهراني واعتماد الساحل اللبناني لتسويق شحنات النفط والمشتقات النفطية المعدة للتصدير وهذا الأمر يمكن ان يكون ميدان استثمار لبناني مشترك مع كل من سورية والعراق في أي تصور جدي لمستقبل قطاع النفط في لبنان ومن شأنه خفض كلفة الاستهلاك اللبناني من المحروقات ويمكن ان يؤمن آلاف فرص العمل للبنانيين ويدخل عائدات مالية بالعملة الصعبة للخزينة اللبنانية.

من يمارس التهويل يطلب إلى الحكومة رفض عروض توفر المليارات للاحتفاظ بمساعدات أقل بكثير لمجرد ان مصدرها الولايات المتحدة ومع التدقيق في الخلفيات يتبين ان شركة جنرال إلكتريك الأميركية مهتمة ومشاركة في مناقصات معامل توليد الكهرباء وينبغي حرمان لبنان من الهبة الإيرانية لحماية فرص التحكم الأميركي ماليا وتقنيا بالقطاع.

إن التحرر من المواقف المسبقة ومن الإذعان الأعمى للهيمنة الأميركية يقود فعليا إلى اختيار طريق الشراكة مع سورية والعراق وإيران في مجالات كثيرة وهو أحد مفاتيح إنقاذ لبنان لأنه يوفر فرصا للتعاون في الإنتاج والتوزيع عبر شبكات عابرة للحدود تنقل الطاقة الكهربائية والغاز والنفط وعلى جميع المتباكين على العجز المالي والركود الاقتصادي ان يكفوا عن التلويح بالعصى الأميركية لحرمان البلد من فرص جدية للانتعاش والتطور .

إن حاجة العراق لمنافذ تسويق النفط والغاز على حوض المتوسط هو فرصة لبنانية ثمينة يكمن التقاطها بالشراكة مع سورية لكن في لبنان احتكار يضع يده على قطاع المحروقات وهو ينتمي سياسيا إلى طابور التبعية والهيمنة ويقطع الطريق على كل ما يمكن ان يعيد المبادرة إلى المؤسسات العامة وهذا الاحتكار هو الذي ساند جهود تحويل المصفاتين إلى خردة مهملة بعدما أبقى منها الخزانات التي استعملها لحساب شركات الاستيراد والتوزيع.

إنها الفرص الجدية والمجدية لحل معضلات الكهرباء والمحروقات والنفط التي  تلتهم نسبة كبيرة من العملة الصعبة في لبنان كل سنة والمخارج المربحة موجودة في الشراكة العابرة للحدود ومعها فرص عمل كثيفة للبنانيين وعائدات مالية مؤكدة فالشراكة المنتجة مع الأشقاء تعزز مقومات الاستقلال والسيادة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى