بقلم غالب قنديل

الإنجازات السورية ومعادلات المنطقة

غالب قنديل

يكتب الجيش العربي السوري في انتصاراته الميدانية المتلاحقة معادلات جديدة في المنطقة ويقيم حدودا حاسمة وسدودا مانعة في وجه الأطماع التركية بينما يضع الخاتمة الواضحة لخطة تحويل محافظتي حلب وإدلب إلى رقعة تسودها وتسيطر عليها جماعات الإرهاب والتوحش متعددة الجنسيات التي حشدها ائتلاف العدوان الأطلسي التركي السعودي القطري الأردني بجهود تجمعت لسنوات وتعددت أشكالها بين التمويل والدعم المخابراتي وتأمين شحنات السلاح ومخيمات التدريب في ظل رعاية إعلامية واسعة ومستمرة  قدمتها  إمبراطوريات أجنبية وعربية ومنصات متعددة في المنطقة والعالم عملت على تصوير حرب التوحش والفوضى والتدمير والاحتلال على انها ثورة شعبية.

 

أولا يلفت الانتباه تسارع انهيارات معاقل الإرهابيين في ريفي حلب وإدلب امام زحف قوات الجيش العربي السوري وهذا ما يأتي بعد سنوات من تعفن سيطرة فصائل القاعدة والأخوان وداعش التي اقترنت بلصوصية بشعة واضطهاد دموي للناس تغطية الثورة المزعومة بالحديد والنار وببطش وحشي نافر اخمدت به احتجاجات طالبت بعودة الدولة ومؤسساتها بينما سادت حروب نفوذ ونهب فصائلية متعددة بين الجماعات المسيطرة التي جمعت بين الدعم الخارجي والسرقات المتضخمة لموارد عيش السوريين المختلفة.

تظهر امام المواطنين السوريين فكرة عودة الدولة ومؤسساتها كحاجة لاسترجاع الحياة الطبيعية اقتصاديا وخدميا ولاستعادة الإحساس بالأمان بدلا من رعب السيافين وذل الاستباحة التركية والفصائلية البشعة لجميع المحرمات خصوصا بعد نموذج الرعاية الذي قدمته الدولة السورية لمواطنيها دون تمييز بمن فيهم القاطنون في معاقل الإرهاب.

ثانيا استنفذت الدولة الوطنية السورية خلال السنوات القليلة الماضية جميع السبل السلمية للفك بين من يسمون أنفسهم معارضة سياسية وبين جماعات الإرهاب والتوحش ولم توفر فرصة أو اتفاقا إلا وأعطت الفرص الزمنية والعملية لاختباره بديلا عن استعجال شن الحملات العسكرية ووظفت في ذلك سلسلة من قرارات العفو ومبادرات الاحتواء لاسترجاع مواطنيها الذين تورطوا في ممارسة العنف واستدرجتهم التشكيلات الميليشوية المتعددة.

القتال لتحرير المناطق الباقية تحت سيطرة فلول المجمع الميليشيوي العميل الباقي بخليطه الأجنبي تكوينيا وبتشغيله الخارجي في الشرق والشمال بات آخر الدواء ومطلبا شعبيا مستعجلا لتخليص البلاد من حلقة الاستنزاف المرهقة التي يزيد وطأتها الحصار الاقتصادي المفروض على سورية واستيلاء الاحتلال الأميركي على موارد النفط في شرق البلاد لحرمان السوريين من ثرواتهم ولعرقلة أي جهد وطني لإعادة بناء ما دمره العدوان البربري.

ثالثا تسقط الفصول الجارية من معركة استعادة السيادة الوطنية في الشمال السوري كثيرا من الظنون والشكوك المبرمجة  التي أشيعت حول حقيقة الموقف السوري وتؤكد الوقائع مصداقية التحالفات السورية لاسيما مع روسيا وإيران وحزب الله كما تظهر حزم القيادة الوطنية السورية ومصداقية التزامها بالدفاع عن الاستقلال والسيادة ورفضها المساومة في وجه التدخلات العدوانية على اختلافها منذ انطلاق الحرب الكبرى التي استهدفت سورية ودورها في المنطقة وما تمثله كقلعة مقاومة تحررية مناهضة للهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية على المنطقة.

يدرك حلف العدوان المتقهقر والمهزوم أن الفصل القادم هو طرد الاحتلال الأميركي بعد إنجاز تحرير إدلب وفرض انكفاء الجموح التركي العدواني وصياغة الأطر المناسبة لمستقبل العلاقات التركية السورية على أساس احترام السيادة السورية بمعونة الحليفين الروسي والإيراني.

رابعا يكتب أبطال الجيش العربي السوري بدمائهم وجهودهم هذه الصفحات كما فعلوا قبلها مع الحلفاء الذين لم يبخلوا في التضحية وهم باتوا الشركاء الموثوقين في تأسيس الشرق الجديد المحرر من الهيمنة ولاشك أن المرحلة الباقية من المسيرة الوطنية السورية ستكون الحاسمة وهي تستدعي مزيدا من الصبر والتضامن الوطني والصمود والتضحية فهذا قدر سورية ودورها التاريخي لأنها قلب العروبة والشرق الكبير.

المسافة الفاصلة عن الانتصار النهائي لسورية لم تعد طويلة وسيزداد الاعداء شراسة كلما اقتربت سورية من خط النهاية لان ما بعد ذلك التحول العظيم سيكون غير ما قبله وهو هدف جليل يستحق التضحية فنهوض سورية القوية بعد انتصارها سيكون تحولا نوعيا وحاسما يفهم معناه بشدة المستعمرون الصهاينة قبل سواهم ولذلك نجدهم اليوم في حالة من الحيرة والتخبط بعد سنوات متلاحقة على إدامة النزف السوري وتحييد القدرات السورية عن توازن القوى في المنطقة وهم يعلمون ان تحرير الجولان العربي المحتل سيكون في رأس اولويات القائد بشار الأسد بعد إتمام دحر العدوان وطرد الغزاة والمحتلين وهذا سر العويل في تل أبيب كلما طرح دونالد ترامب فكرة الخروج من الشرق السوري الذي يعلم مخططو الإدارة ولاسيما في البنتاغون انه القدر الذي ينتظرهم مهما تحايلوا وسعوا إلى استئخاره.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى