بقلم غالب قنديل

أسئلة وتحديات تنتظر اجوبة عملية

غالب قنديل

التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة كثيرة ومتشعبة تبدأ بالتهيؤ للتصدي لمناكفات سياسية وعمليات شغب منظم تقودها اطراف محلية كانت مشاركة بقوة في الحكومات المتعاقبة وغنمت الكثير من أموال المحاصصات والتقاسم والعمولات وهذه الأطراف منيت بفشل كبير حين اخفق رهانها على ركوب الحراكات التي ورثت الانتفاضة لتنفيذ انقلاب سياسي يطيح الغالبية النيابية ويلغي نتائج انتخابات 2018 .

 

كان انتقال الغالبية إلى تسمية الرئيس دياب بعد استقالة الحريري وتعنته في رفض العودة إلى السراي رئيسا مكلفا اول الطريق في مسار سياسي توجته حكومة التكنوقراط المكرسة لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الناتج عن تهتك نموذج الريع والاستهلاك التابع للغرب الذي قام مع انطلاق حلقة الاستدانة المفرطة والفقاعة المالية العقارية التي رافقتها واحدثت دوامة نزيف استهلكت مدخرات اللبنانيين وقسما كبيرا من ودائعهم في عملية هدر وتقاسم شاملة سحقت الإنتاج الوطني واعدمته الفرص المتاحة للنمو والتطور .

الأسئلة الكبرى التي تطرح نفسها في معاينة فرصة وقف الانهيار مع ولادة الحكومة الجديدة ومباشرة عملها بعد نيل الثقة في مجلس النواب خلال الأيام المقبلة سيتوقف عليها مسار هذه التجربة التي يخوضها اللبنانيون ويواجهون من خلالها تحديات غير عادية.

اولا من الواضح في ردود الفعل الغربية ان هناك رغبة أوروبية في المساعدة عبرعنها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بينما يحتفظ الجانب الأميركي بشروطه السياسية المعادية للمقاومة كما أوحت تصريحات الوزير بومبيو بتصميم أميركي على أهداف محاولة الانقلاب الفاشلة التي تحركت من خلال محاولات تحويل الانتفاضة بعد خطفها إلى ثورة ملونة على الطريقة الأميركية والأسئلة هنا تتعلق بمصير قروض سيدر وشروط صندوق النقد الدولي وبالموقف الحكومي من كل ذلك فماذا ستفعل الحكومة في التعامل مع هذا الملف الحيوي الدقيق وكيف سترتب الأولويات والشروط وماذا ستقبل وماذا سترفض؟.

ثانيا أمس وعد الرئيس دياب بنهج اقتصادي جديد ويفهم من ذلك إعادة ترتيب الأولويات والتوجهات الاقتصادية والمالية وهو ما يفترض ان يكون واردا في البيان الوزاري وفي توجهات وجدول أعمال الفريق الاقتصادي الجاري تكوينه كما تقول المعلومات فهل سيجري العمل على إعادة هيكلة الديون العامة والفوائد وهل ستتخذ تدابير استثنائية لدعم القطاعات الإنتاجية وتحفيز نموها ؟ وماذا عن إعادة هيكلة الدين العام وعن سياسة تثبيت سعر الصرف وعن مصير الودائع المصرفية واختلال ميزان المدفوعات والميزان التجاري ؟

ثالثا يتردد في الكواليس كلام عن وعود إماراتية وقطرية لإسعاف القطاع المصرفي والمالي بسيولة بالعملة الصعبة سواءمن خلال قروض ميسرة أو عبر ودائع  تدعم قدرة المصرف المركزي واحتياطه والمؤشرات تقول إن الرئيس دياب سيزور دول الخليج بداية للحصول على أجوبة واضحة بشأن ذلك فهل سيلاقي تجاوبا ومعونة ومن غير شروط سياسية ؟

رابعا في حال واجه لبنان ضغوطا شرسة تبشر بها القوى المناوئة للحكومة وصمم الأميركيون على التمسك بأجندة الانقلاب الفاشل هل تملك الحكومة ورئيسها إرادة وقابلية التوجه إلى البدائل الشرقية بحثا عن فرص الإنعاش المالي ؟ إلى الصين مثلا وكيف ستواجه الاعتراضات الأميركية الأكيدة؟

خامسا هل ستبادر الحكومة إلى خطوات عملية  لتنشيط تسويق المنتجات اللبنانية في العراق وتسهيل النقل عبر سورية وهل ستتخذ الخطوات السياسية والعملية المناسبة لتفعيل عودة النازحين السوريين إلى وطنهم ولتسهيل مشاركة اللبنانيين في ورشة إعمار سورية ومن خلال التنسيق المباشر بين الحكومتين؟

سادسا  أمام تحدي المعترضين على الحكومة والساعين إلى إفشالها وربما إسقاطها هل ستتنصل الغالبية من مسؤوليتها وتترك الحكومة وحيدة في المواجهة أم ستكون أحزاب وجماهير الغالبية النيابية معبأة سياسيا للدفاع عن الحكومة وبرنامجها ودعما للفرصة التي تمثلها في ظروف الكارثة الاقتصادية والمالية التي وصلنا إليها من خلال صيغة الحكم الذي قام على التقاسم الريعي والارتهان للهيمنة الأميركية ولمشيئتها السياسية؟

سابعا كيف ستتعامل الحكومة مع شعاري محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة اللذين شغلا قسطا كبيرا من اهتمام الساحات الحراكية المطلبية ورددهما الرئيس دياب في كلماته وما هي خطوط العمل في هذا الاتجاه وما هو السقف الفعلي لذلك؟

ثامنا ما هو خيار الحكومة ورئيسها في التعامل مع مطلب سن قانون جديد للانتخابات والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة وهل ستتبنى الحكومة مبدأ استكمال البنود الإصلاحية في اتفاق الطائف لتثبيت السلم الأهلي والوحدة الوطنية من خلال اعتماد نظام المجلسين وتشكيل الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية لمباشرة عملها ؟

الأكيد ان بعض الأسئلة تعتبر استعجالا في تحميل الحكومة الوليدة ما يفوق طاقتها الفعلية وهي المكرسة لمهمة وقف الانهيار واحتواء نتائجه والتخفيف من وطأته على اللبنانيين ولكن محاولة بلورة الأجوبة العملية والواقعية هي جزء من مسيرة الإنقاذ الحقيقي فالعديد من محاور التحرك المتاحة تتشابك مع حاجة الاستقرار ومع تلبية الطموحات الشعبية وهي ليست بعيدة عن مفهوم التحول الاقتصادي من الريعية  إلى الإنتاج والتحرر السياسي من قبضة الهيمنة الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى