بقلم غالب قنديل

ظافر الخطيب شعلة فكر ثوري تحرري

غالب قنديل

مع استشهاد القائد البطل قاسم سليماني والصفعة الإيرانية المدوية للغطرسة الاستعمارية الأميركية وفي ظل تنادي محور المقاومة في المنطقة بجميع أطرافه لطرد القوات الأميركية من المنطقة أتذكر في هذه الأيام مجموعة من المباديء الفكرية التي جذبتني إلى رابطة الشغيلة عندما كنت طالبا في الجامعة اللبنانية وكانت تصلني إلى مقعدي في كلية التربية بانتظام نشرة صوت الشغيلة التي كانت مطبوعة بصورة بدائية على الستانسيل وكنت اتلقفها بشغف وأطالعها بنهم مع مجموعة من الزملاء وكنا يومها في زمن غليان نبحث في ما بيننا فكرة بناء قوة ثورية تحررية اكتشفت نواتها الفكرية والنضالية التي تناسب ما تبلور لدي من توجهات ومباديء في صورة رابطة الشغيلة التي قدمتها لي تلك النشرة.

 

المناسبة هي أننا في ذكرى انقضاء أربعة وأربعين عاما على استشهاد الرفيق ظافر الخطيب الذي عرفت بعد استشهاده وعندما ساهمت في جمع نصوصه الفكرية والسياسية بالشراكة مع الرفيق زاهر الخطيب انه كان يتولى تحرير عدد كبير من مقالات النشرة هو والرفيق المناضل المفكر حميدي العبد الله وكان ظافر يومها من يقوم بالطباعة بعد الكتابة ثم يوصل النسخ إلى رفيقات ورفاق يقومون بتوزيعها في الأحياء والبلدات والجامعات والمعامل وكنت من المترقبين للحصول على أعدادها ثم عرفت أن رفيقة مناضلة من الرابطة كانت زميلتي هي التي تولت توزيعها سرا على الصفوف والقاعات في مبنى كلية التربية بعد انضمامي إلى رابطة الشغيلة.

أولا طرح الرفيق ظافر الخطيب مبدأ وحدة النضال التحرري الوطني والقومي وارتباط عملية التغيير الاجتماعي والسياسي في البلاد العربية بالتحرر من الهيمنة الاستعمارية ومن جميع أشكال النهب اللصوصي للثروات والهيمنة على الأسواق وأولا وأساسا الالتزام بقضية تحرير فلسطين والتصدي للقاعدة الاستعمارية المتقدمة التي يمثلها الكيان الاستيطاني الصهيوني واعتبر ظافر أن تحقيق الوحدة القومية وإقامة دولة عربية واحدة ومركزية هدف حاسم لكل نضال وطني وقومي في البلاد العربية ولذلك خصص مقالات عديدة لشرح فكرة الضرورة الاستراتيجية التاريخية لقيام جمهورية عربية واحدة محررة من الاستعمار والاحتلال والتجزئة وما تزال تلك الفكرة حية تؤكدها جميع التطورات والأحداث التي بات الشائع في التعامل معها استخدام مصطلحات أقل جرأة وشجاعة لتقريب المفهوم إلى الجماهير التي خضعت لحملات تشويه الوعي ومعاداة الفكرة القومية فبات شائعا في الأدبيات الوطنية استخدام تعابير التشبيك والتكامل وسواها من المصطلحات التي تخدم حقيقة الوحدة العربية.

ثانيا دعا الرفيق ظافر مبكرا إلى رفع شعار طرد القواعد العسكرية والأساطيل الاستعمارية الغربية والجيوش الأطلسية من البلاد العربية من برها وبحرها واعتبر تحقيق ذلك الشعار هدفا حاسما لأي نضال وطني او قومي اوثوري من المحيط إلى الخليج لتحرير الثروات الضخمة المنهوبة ووضعها في خدما بناء الدولة القومية الواحدة الحرة اقتصاديا واجتماعيا وتصفية الإرث الاستعماري بجميع أشكاله ونتائجه.

في هذا السياق التحرري جاهر ظافر الخطيب بضرورة وحدة نضال شعوب الشرق ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وابتكر فكرة الدعوة إلى بناء اتحاد شرق أوسطي يضم البلاد العربية وشعوب وقوميات المنطقة المجاورة لتكوين قوة إقليمية حرة واحدة.

 ثالثا من هنا كان موقف رابطة الشغيلة الصلب إلى جانب الثورة الإيرانية ودولتها الحرة التي صفت ركائز الاستعمار في إيران وانطلقت لبناء دولة مستقلة  قوية واعتمدت على قدراتها الذاتية في بناء اقتصادي واجتماعي وسياسي وطني ذاتي المركز وتحدت الحصار الإمبريالي والتآمر الصهيوني الرجعي .

لقد باتت إيران بفضل ذلك النهج الواضح قلعة شعبية حرة مناهضة للاستعمار والصهيونية وشكلت مع الجمهورية العربية السورية على الأسس ذاتها نواة ما نعرفه اليوم بمحور المقاومة وحيث مثل احتضان حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن تعبيرا حيا عن هذا التوجه الذي راكم سلسلة من الإنجازات والانتصارات الكبرى التي ردعت الغطرسة الأميركية الغربية والعدوانية الصهيونية بشجاعة واقتدار فكانت أبرز فصولها ملحمة الدفاع عن سورية والصفعة النوعية التي سددها مؤخرا الحرس الثوري الإيراني لقواعد الاحتلال الأميركي في العراق وهي الأولى من نوعها في تاريخ العالم بعد الحرب العالمية الثانية.

رابعا إن معركة طرد الوجود الأميركي من الشرق العربي هي التحدي التاريخي الذي يخوضه محور المقاومة في المرحلة الراهنة وهو يجسد ما نادى به القائد الشهيد ظافر الخطيب الذي اعتبر دائما أن وحدة حركات التحرر في المنطقة شرط للانتصار والتقدم في عملية تغيير شروط العيش التي يستحيل المس بها بمعارك منفصلة ومنفردة داخل بلداننا وهو جوهر ما يجسده نهج التمسك بالمقاومة والتوجه شرقا الذي عبر عنه القائد القومي بشار الأسد وما طرحه القائد المقاوم السيد حسن نصرالله في رؤيته لملامح برنامج الخلاص في لبنان في واحد من أهم خطبه خلال الفترة الأخيرة التي اعقبت ظهور ملامح انهيار النموذج الريعي السائد في لبنان الذي أدرك الرفيق ظافر عمق ارتباطه بالهيمنة الاستعمارية الصهيونية على المنطقة واستحالة التخلص منه بمعزل عن المعركة الكبرى لتغيير وجه الشرق.

كلمة أخيرة إن رؤيتنا المنهجية للبعد التحرري الوطني تتخطى المنكافات والانقسامات العقائدية ومن هنا جسدت مواقف رابطة الشغيلة التمسك بفكرة التحالف ووحدة العمل النضالي في خنادق الصراع بناء على الجوهر الفعلي للخيارات السياسية وموقعها الفعلي من حركة الصراع  وقد أدركنا ان النبض الوطني لحركات المقاومة وللقوى السياسية التحررية هو الأساس الذي يتعدى التصنيفات العقائدية فما تتشكل تلك الحركات والقوى من خلاله بهوياتها الفكرية والعقائدية هو حق لها وخصوصية نحترمها وهي لا تضعف حرارة شراكتنا النضالية وهذا ما عبرنا عنه من خلال مسيرتنا النضالية وتحالفاتنا فكنا ولا نزال إلى جانب المقاومة الإسلامية التي يقودها حزب الله كما كنا ولانزال إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ البداية وإلى جانب سورية الأبية التي ترفع راية القومية والعروبة التحررية المناهضة للاستعمار لأننا نقدم اولوية تصفية الهيمنة والتخلص منها في مسيرة التحرر الوطني لشعوب الشرق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى