بقلم غالب قنديل

كيف يتصرف الحريري في المأزق ؟

غالب قنديل

تفاءل الكثيرون عندما خرج الرئيس سعد الحريري  في بداية الانتفاضة ليتلو على اللبنانيين ورقته الاقتصادية والمالية التي أقرها مجلس الوزراء في جلسة واحدة تحت ضغط الانفجار الشعبي الذي تسبب به اقتراح ضريبة الواتساب التي سربها تصريح لأحد وزراء تيار المستقبل .

 

في نص الورقة كان رئيس الحكومة يؤكد تخليه عن نظرية رفع الرسوم والضرائب التي طرحها البنك الدولي واشترطتها الحكومات الغربية المانحة في مؤتمر سيدر بينما اظهرت الورقة استجابة سريعة من مصرف لبنان وجمعية المصارف لتمويل عجز الموازنة وتضمنت الورقة بندا اجرائيا بارزا هو عودة العمل بقروض الإسكان التي كان تعليقها من عوامل تراكم الغضب الشعبي الذي انفجر في الشارع.

اولا توقع بعض الشركاء في الحكومة ان يستجيب الرئيس الحريري لانطلاق ورشة تنفيذ الورقة وإفساح المجال لقرارات حكومية عاجلة والمساهمة في تحريك نشاط تشريعي واسع لاستصدار قوانين تتعلق بمنع الهدر ومحاربة الفساد جرى تحضيرها بناء على اقتراحات نيابية وهي جاهزة لدى رئاسة المجلس وأدرجها الحريري بنفسه في الورقة الاقتصادية التي اعلنها.

بعد أيام من المماطلة ورفض الدعوة لجلسات حكومية متلاحقة تقوم بهذه الأعمال بإحالة المشاريع واستصدار المراسيم كانت مفاجأة الحريري لشركائه بإعلان استقالته في بيان يحملهم مسؤولية تعطيل المعالجات الاقتصادية والمالية بينما اوضحت بنود الورقة الحكومية انه هو من عدل موقفه السابق من الرسوم والضرائب الجديدة ومن تمويل العجز.

ثانيا حول الحريري  لحظة الاستقالة إلى سانحة لإعلان التحاق محازبيه الصريح في الشوارع والساحات إلى جانب الحلفاء المعروفين في إطار قوى الرابع عشر من آذار ومجموعات جديدة وقديمة يعرف بعضها بالأسماء والوجوه تحت يافطة مدنية وغير حكومية ممولة ومحتضنة من أصدقاء رئيس الحكومة في باريس وواشنطن  وهي تعمل في صلب “الحراك” وقد كان لافتا بالأصل ومنذ انطلاق التظاهرات والاعتصامات حرص المنظمين والمنابر الإعلامية المشاركة على استثناء الحريري من أي استهداف سياسي ومن شعارات المتظاهرين والمحتشدين في جميع المناطق وبالطبع من شتائمهم.

تكشف جميع المعلومات المتداولة عن التفاوض حول الحكومة الجديدة بعد الاستقالة تصميم الرئيس الحريري على حكومة غير سياسية يعلم انها تستجيب لمشيئة اميركية معلنة هي استبعاد حزب الله وتحجيم حلفاء المقاومة في الحكومة العتيدة.

ثالثا يتضح من مواقف رئيس الحكومة المستقيل أنه حائر بين رغبته القوية بالعودة إلى السراي لاعتبارات سياسية وشخصية معروفة وبين مجاراته للشروط الأميركية الغربية التي تحكم عليه بفض التسوية الرئاسية والخروج من ربط النزاع مع حزب الله الذي سبق له أن أعلنه بناء على نصيحة اميركية عشية تأليف حكومة الرئيس تمام سلام قبل سنوات.ولتحديد درجة مسؤولية رئيس الحكومة عن المازق الراهن يمكن السؤال ماذا لو تصرف بصورة مختلفة بدلا من التناغم مع حلفائه الذين قطعوا الطرقات وأقاموا الحواجز وشلوا البلاد بصورة مقصودة كما صرحوا على حواجزهم ونتيجة الشلل الاقتصادي التي يفترض ان الرئيس سعد الحريري يعرفها مباشرة تقدر بمئات ملايين الدولارات ومن الخسائر الإضافية  كل أسبوع وسوف تظهر نتائجها على الواقع الاقتصادي والمالي عندما تدور عجلة الحياة الطبيعية.

رابعا ما تزال جهود حلف المقاومة منصبة على البحث عن فرص تجديد الشراكة مع الرئيس الحريري ومن خلفه داعموه في الغرب والمنطقة والاستعصاء الظاهر ناتج عن درجة تمسك اولئك الشركاء غير المنظورين مباشرة بتعديل التوازن السياسي للسلطة في لبنان على خلفية الصراع في المنطقة التي  تشهد صراعا قاسيا بين المحورين المتقابلين وما صدر من كلام عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي اعتبر انتفاضة اللبنانيين معركة ضد إيران وحلفائها وفقا للسردية الأميركية المعروفة والمستهدف مباشرة في لبنان هو المقاومة أي هوية لبنان وموقعه من هذا الصراع.

في التفاوض بين الحريري وحلف المقاومة عض أصابع وسباق مع الزمن والرهان على الشارع تحكمه حدود وتعصف به مخاطر بعدما ظهرت قوى الرابع عشر من آذار وادوات الحرب الأميركية الناعمة في حلف عريض يتغطى بيافطة الحراك الشعبي ورغم تحويل بعض الحضور اليساري إلى ديكور يلون المشهد المرجو تسويقه لطمس الحقائق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى