بقلم غالب قنديل

الأسد الصلب والمرن ومسيرة التحرير

غالب قنديل

كثيفة،هادئة ورصينة وحازمة، كانت المواقف التي تضمنها الحوار التلفزيوني الذي بثته قناتا الفضائية السورية والإخبارية مع الرئيس الدكتور بشار الأسد الليلة الماضية وقد حملت الأسئلة بوضوح ما يشغل بال شعبنا في سورية والهموم الكثيرة الاقتصادية والمعيشية وسط الحصار المفروض على سورية بقرار أطلسي اميركي وبمشاركة جميع حكومات حلف العدوان وانسابت أجوبة الرئيس بكل وضوح وبعيدا عن الاستعراض والمبالغة كالعادة بل شكلت مصارحة دقيقة بالمتاعب والعقبات وتحديدا للخطوات المقبلة ولخطة القيادة في التعامل معها.

 

تستمر فصول ملحمة الصمود والتحرير التي يقودها القائد الأسد منذ سنوات وهي تتقدم نحو المراحل الحاسمة بعد سيطرة الجيش العربي السوري على معظم المناطق وتحريرها من فلول داعش والقاعدة وعصابة الأخوان والمسافة الباقية تستدعي المزيد من الصبر والصمود والتضحيات لتحرير كامل التراب الوطني باستعادة السيادة الوطنية على كامل الأرض السورية بعد طرد فلول الاحتلال الأميركي التي قرر ترامب إبقاءها وبإخراج القوات التركية المحتلة.

في قراءة الرئيس الأسد لعقدة الاحتلال التركي اكد انها تتواجد بمظهرين هما القوات النظامية التركية التي ميز الموقف منها كمؤسسة عن الرئيس التركي والحزب الحاكم وحتى عن الشعب التركي الذي اوضح ان سورية لاتريد اتباع أي سلوك يضعه في خانة العدو وهي تقدر المتعاطفين معها من الأتراك احزابا وقادة بينما الدور التركي الداعم للإرهاب والشريك في العدوان هو دور الوكيل التابع للمشيئة الأميركية.

اكد الأسد التصميم على مواصلة القتال لتحرير إدلب واستمرار التجاوب مع مبادرات الحليفين الروسي والإيراني وهي مبادرات عكست السعي للتأثير في وجهة الدور التركي دون أي تفريط بمبادئ السيادة السورية وهو ما حمله الاتفاق الروسي التركي الأخير الذي وصفه القائد الأسد عندما وصفه بالمرحلي كما تراه موسكو ودمشق وطهران معا.

لتقريب فكرته عاد الرئيس بالذاكرة إلى اتفاقات مناطق خفض التصعيد التي سبق ان مهدت لتحرير العديد من العقد الجغرافية الصعبة التي احتلتها فصائل الإرهاب والمسلحين وتم تفكيكها بفعل توازن القوى الذي فرضه الجيش العربي السوري وحلفاؤه والنتيجة المحققة هي استرجاع سيطرة الدولة في تلك المناطق وسيكون امام تركيا الاختيار في نهاية المطاف بين الخروج الهادئ برعاية الدور الروسي الإيراني أوالحرب التي ستكون خيارا وطنيا لا تهاب سورية خوضه إذا اضطرت إليه لتحرير أراضيها.

اما في الداخل السوري ومع تأكيد ارادة مقاومة الحصار فقد اعلن الأسد بصراحته المعتادة انه بناء على الواقع القائم في مؤسسات الدولة باتت محاربة الفساد من ضرورات الصمود وقال إن البداية كانت في المؤسسة العسكرية الوطنية التي قدمت تضحيات جزيلة في الدفاع عن الوطن وشكلت عملية محاربة الفساد في داخلها نقطة البداية لعملية وطنية مستمرة وهو في هذه المعركة التي يقودها يصارح شعبه ويدعوه للمؤازرة ويستنهض همة الإعلام الوطني إلى المشاركة في تحصين جميع المؤسسات العامة وتطهيرها من مظاهر التربح على حساب المصالح العامة للشعب العربي السوري الذي يعاني من وطأة العقوبات والحصار المفروض على بلاده.

من أبرز محطات الحديث الرئاسي تجديد العزم على معالجة وتفكيك ترسبات الحرب العدوانية وتكريس جهود مؤسسات الدولة في ورشة وطنية لإزالة الآثار السلبية للحرب الاستعمارية وما خلفته ثقافيا وتعليميا واجتماعيا وحيث ستعلن في وقت قريب خطة وطنية شاملة في تحقيق هذا الهدف الوطني الحيوي الذي واجهته شعوب وبلدان عانت من الاحتلال والحروب بواسطة عصابات عميلة فكيف والحال مع ما شهدته مناطق سورية عديدة من استيلاء على الموارد وتسيير المدارس وخطف الأطفال والفتيان إلى معسكرات لغسل الأدمغة وتشويه الثقافة واستخدامهم في عمليات القتل والذبح والتفخيخ .

من تعبيرات الاحتواء الإيجابي المرن وتمتين النسيج الشعبي السوري تحت سقف الدولة الوطنية ما تناول به الرئيس الأسد المسألة الكردية والمثال الأرمني الذي قدمه يشير إلى عناوين الاحتواء الممكن والعبرة ستبقى في تلقف القيادت الكردية للفرصة الجديدة بعدما توجه به من تثمين الحس الوطني للجمهور الكردي في جميع المناطق التي احتفلت بقدوم الجيش العربي السوري وعودة مؤسسات الدولة الوطنية.

استطاع الرئيس بشار الأسد منذ انطلاق العدوان المدمر بثباته وصبره وبصيرته وحكمته ووعيه الاستراتيجي ان يقهر الأعاصير والزلازل التي توخت كسر إرادة التحرر الوطني والاستقلال التي يجسدها بكل وضوح وحزم من موقع وعيه لمحورية التناقض الرئيسي مع الحلف الاستعماري الصهيوني الذي تقوده الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى