بقلم غالب قنديل

محاولات إحكام الوصاية على لبنان

غالب قنديل

منذ عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم المدمرة فور إعلان وقف إطلاق النار يوم 14 آب 2006 تكرست قواعد وتوازنات تتصل بعمل قوات الطواريء الدولية او اليونيفيل المعززة فقد كانت كونداليسا رايس راغبة في منع وتأجيل عودة المواطنين الذين هجرهم العدوان الصهيوني في تموز لأشهر عديدة بعد توقف الأعمال الحربية وفق ما رواه الوزير علي حسن خليل عن وقائع المفاوضات التي دارت حول وقف إطلاق النار بين الرئيس نبيه بري ووزيرة الخارجية الأميركية بعد تسليم واشنطن نظريا بالشروط اللبنانية في صياغة القرار الأممي 1701 .

 

بعد مرور سنوات ورغم الفشل يتكرر الضغط الأميركي لتعديل قواعد عمل قوات اليونيفيل وتظهرمحاولات متباعدة لإعطائها صلاحية التفتيش والمطاردة لتنفيذ لوائح الطلبات الصهيونية لمنع تراكم انوية للمقاومة في المناطق الجنوبية المتاخمة للخط الأزرق المعرض باستمرار منذ رسمه عام 2000 لخروقات صهيونية لا يحرك المسؤولون الأميركيون او الأوروبيون ضدها شيئا ولو لفظيا إلى جانب صمتهم المطبق على الخرق المتمادي للسيادة اللبنانية في البحر والجو وبالكاد يتوقف مجلس الأمن الدولي امام الشكاوى اللبنانية المتكررة دون جدوى.

تم تعزيز قوات اليونيفيل بوحدات بحرية أوروبية تقوم بعمليات مستمرة لتفتيش السفن في عرض البحر وفي الواقع تولت منذ البداية وحدات ألمانية متخصصة ومجهزة تفتيش آلاف البواخر واستجواب اطقمها وتأمين فرض الطوق البحري مقابل السواحل اللبنانية لمصلحة إسرائيل التي تتصل مباشرة بالوحدات البحرية الأووبية الأطلسية المشاركة في هذه العملية المستمرة منذ ثلاثة عشر عاما ومن غير أي تصريح اممي عن التقاط عمليات نقل سلاح إلى لبنان باستثناء ما تسرب عن الباخرة لطف الله المتجهة إلى طرابلس تحت الرعاية الأميركية لنقل شحنات أسلحة ومتفجرات لحساب الجماعات القاعدية والداعشية والأخوانية التي سعت لتحويل لبنان إلى منصة لخدمة العدوان على سورية.

تثير تل أبيب ثلاث مسائل في ضغوطها لتشديد الحصار على لبنان تحت رايات الأمم المتحدة والقرار الدولي وهي الرقابة الغربية على الحدود البرية اللبنانية السورية وتثبيت نقاط تفتيش في المرافيء البحرية وفي مطار بيروت الدولي.

من الواضح تماما ان بريطانيا تطوعت لملف الحدود السورية اللبنانية تحت غطاء المساعدة في إقامة أبراج مراقبة مجهزة بتقنيات حديثة وتدريب عسكريين لبنانيين للقيام بالمهمة بينما تطوعت قوى سياسية لبنانية عديدة لرفع وتيرة الحملات تحت شعار منع التهريب وضبط المعابر البرية الشرعية وسد المعابر غير الشرعية والمقصود بالتحديد هو اعتراض أي تواصل محتمل خارج الرقابة بين حزب الله والعمق السوري قد يتيح له الحصول على أسلحة وذخائر نوعية تدعوها القيادات الصهيونية بالكاسرة للتوازن.وذلك الرهان بات أصعب بكثير منذ تواجد حزب الله المكثف على الأرض السورية بعد تعاظم المخاطر الناجمة عن غزوة التكفير التي دعمتها دول الغرب بكل قوة واستعملت لبنان لإدخال اعداد كبيرة من قادة وكوادر القاعدة والأخوان وكميات ضخمة من السلاح وما يزال في الأرشيفات الإعلامية مشهد إشراف السفير الفرنسي في بيروت على عملية سحب فريق استخباراتي خاص من حمص عبر البقاع بعد حسم الجيش العربي السوي لمعركة حي باب عمرو.

الهدف الفعلي الذي تسعى إليه إسرائيل والولايات المتحدة وحكومات الناتو هو محاولة سد المسارب التي تعتقد ان المقاومة اللبنانية استطاعت من خلالها نقل الأسلحة والتقنيات الخاصة بتطوير منظومات القوة النارية التي تمتلكها  ولا سيما سلاح الصواريخ الدقيقة التي اعتبر إعلان قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله عن صولها في خطاب “تم الأمر” وتاكيده لذلك في حديث الخارطة وعرضه لسيناريو حرق القلب الصهيوني بمثابة صفعة وخيبة لجهود دول الغرب مجتمعة ومعها إسرائيل طيلة ثلاثة عشر عاما بالتمام والكمال.

الالتفاف على الفشل يتم بتصعيد الضغوط على الحكومة اللبنانية وبتحريك حملات لبنانية مفتعلة تحت عنوان مكافحة التهريب والمقصود ليس ترميم مداخيل الجمارك اللبنانية بل منع تسرب أي إمكانات لصالح المقاومة اللبنانية وليس أي شيء آخر.

تحدث قائد المقاومة عن الحملة الصهيونية وألمح إلى الضغوط الغربية محذرا من وصاية اجنبية قائمة بالفعل ومسكوت عنها على قاعدة تنصل القيادات اللبنانية المختلفة من مسؤولياتها السيادية وإلقائها للحمل الثقيل على كاهل حزب الله بمفرده.

بالتأكيد هي وصاية اجنبية تهدف لتدبير انقلاب على انتصار تموز عبر التجويف التدريجي لما حققته معادلات القوة والصمود التي فرضت انتصارا تاريخيا باهرا على الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي الذي قاد الحرب في تموز مجتمعا وبمشاركة تامة من فرقاء لبنانيين لم يوفروا جهدا سياسيا أو استخباراتيا أو إعلاميا.

هذا امر في غاية الخطورة تتهاون فيه السلطات اللبنانية وتتخلى عن مسؤولياتها السيادية فتبقي التصريحات الصهيونية والبيانات والتلميحات الغربية والضغوط المتكررة دون رد واضح ومن غير موقف حازم يرتب تعديلا في طريقة التعامل مع حكومات اجنبية تتدخل في شأن سيادي لبناني لمصلحة العدو بينما هي تتغاضى عن جميع الخروق الصهيونية الكبيرة والصغيرة برا وبحرا وجوا وتلتزم باجندة تل أبيب دون قيد اوشرط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى