بقلم غالب قنديل

صفقة القرن : الموقف سلاح

 

غالب قنديل

تطالعنا بكائيات بعض الكتاب والإعلاميين المخضرمين في هجاء المواقف السياسية والإعلامية الرافضة لصفقة القرن والتبخيس من قيمتها ووزنها وهم يرددون “هذا لن يقدم او يؤخر” في تعليقاتهم على التجمعات والتظاهرات والاعتصامات والخطب السياسية الرافضة للمشروع الأميركي الصهيوني كأنما تحولوا إلى طابور مهمته المركزية هي نشر الإحباط وتثبيط الهمم  ويحاول البعض تعميم خيباتهم الخاصة على كل ما يتصل بالتصدي للغزوة الاستعمارية الصهيونية الهادفة إلى الهيمنة على المنطقة.

 

هذا الطابور نفسه تلعثم في الموقف من العدوان على سورية ومن الحرب الاستعمارية الهمجية على اليمن والمتقدمون من صفوفه تأخروا في الإفصاح عن موقف داعم للدولة الوطنية السورية ويتحاشون ذكر أبطال اليمن الحفاة العراة بينما يستمر آخرون منهم في ذات الموقع العدائي وفاء لبعض الرموز الزائفة التي تحولت إلى جبهة دفاع وتبرير لأفعال قاطعي الرؤوس وآكلي القلوب ودمى الاستعمار الغربي ومرتزقة النفط وهم من ساهموا قبل ذلك في ترويج اكاذيب واجهات المعارضة التابعة للغرب والخليج عن الديمقراطية والتغيير السلمي قبل ان تتكشف الفصائل “الديمقراطية ” السورية عن اشتقاقات متنوعة لداعش والقاعدة تتلقى دعما سافرا من الموساد وقبل ان يفتضح التدبير الأميركي الغربي لحرب إبادة اليمن وشعبه.

يتحصن هؤلاء بنطاق وهمي ليرفضوا الانحياز الفعلي لمحور المقاومة من خلال كذبة الحياد الموضوعي او يتمترسون على هوامش المهن الإعلامية المتعددة رغم إدانتهم الظاهرة للمشروع الأميركي الصهيوني  وهم في مكان ما  يروجون روايات تسويقية لصالح الغرب الأوروبي الذي عاش بعضهم طويلا في حضنه ولايزال مسكونا باستلاب اغترابه الثقافي والحضاري ولا نقول اكثر لحسن الظن.

الرواية التي يعممها هؤلاء هي ان المواقف والكلمات لم تبدل شيئا في سير خطط تصفية قضية فلسطين المتواصلة حتى اليوم ليطمسوا حقيقة ان توازن القوى الحالي ومن جميع الزوايا يظهر حجم قوة الاعتراض التي يمثلها محور المقاومة في مجابهة الغطرسة الاستعمارية الأميركية الصهيونية الرجعية ومنظومة الهيمنة ويطمسون أيضا حقيقة توازن الردع الذي فرضه المحور بجميع قواه والذي يملي  على الكيان الصهيوني الانكفاء خلف الجدر والاعتراف بالعجز عن التصدي للتحديات التي تثيرها المقاومة والانتفاضة والإخفاق الصهيوني المتجدد امامها.

الكلمة والموقف هما الأصل في أي حركة اعتراض اومقاومة للخطط الاستعمارية وهذه عبرة يقولها التاريخ المعاصر وتؤكدها جميع فصول مقاومة الهيمنة الاستعمارية في منطقتنا لكن السادة يسعون لتسفيه كل نشاط او تحرك بخنقه في حلقة إحباط قاتل وتيئيس مستمر لمن يساهمون فيه بادعاء عدم الجدوى وتحويل المشاريع الأميركية إلى قدر لاراد له وهذا امر يعاكس وقائع التجارب وخلاصة دروسها الفعلية.

لقدس أسقطت قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية هيبة العدو الصهيوني باعتراف قادته وشلت حركته بمنظومة الردع التي تمتد أذرعها من اليمن إلى العراق وتتمحور في سورية وإيران ولبنان وفلسطين وهذه الجبهة المناهضة للمشاريع الاستعمارية تمتلك قدرات وإمكانات هائلة غير الكلمات فقوتها القتالية وطاقتها النارية تقض مضاجع جنرالات البنتاغون والكيان الصهيوني وهميحسبون لها مليون حساب في حال وقعت الحرب الاستعمارية الكبرى لو انطلقت بغزو شامل سورية أو لبنان ام بعدوان ضخم على إيران وما تراجع الإمبريالية الأميركية في أيلول 2013 في عهد باراك اوباما عن قرار ضرب سورية ثم مؤخرا عن ضرب إيران إلا حصيلة منظومة قوة ودفاع تحرك بناؤها وترسخ بتلك الكلمات التي خاضت معركة الوعي ومارست تعبئة الحشود الشعبية وبناء القوى المقاتلة في معارك الوجود.

يتناسى المحبطون المثبطون ان محور المقاومة انتصر على غزوة داعش والقاعدة التي كانت اخطر فصول الحرب الاستعمارية بالوكالة وهو استطاع بناء حلف دولي داعم لجهوده واستند إلى كتل شعبية تم حشدها بالكلمات التي كانت اهم ادوات معركة الوعي دفاعا عن الوجود والمصير.

المتهربون من اتخاذ المواقف الحازمة والواضحة يجدر بهم الاعتراف بأن لديهم “ظروفهم الخاصة” وربما ارتباطاتهم وحساباتهم ورغبتهم بتحاشي الكاميرات كما يفعلون احيانا في اعتذارهم عن المشاركة بالتجمعات والتظاهرات أما ان يتلبسوا الصفات الوطنية ليهشموا همم الاخرين فتلك طريقة مشينة للتنصل من استحقاق الموقف اما من هم مهزومون أصلا فليوفروا على الناس تلك العدوى القاتلة.

نختم بترداد عبارة القائد الشهيد الشيخ راغب حرب في بداية الاحتلال الصهيوني “الموقف سلاح ” وقبل تبلور فصائل المقاومة المقاتلة واكتمال بنيانها … ما زال الموقف السلاح والبدء كان دائما كلمة وهاهي جماهير فلسطين الأبية بكلماتها وهتافاتها تمنع أي قيادة كانت من التوقيع على الصفقة خشية الحساب العسير وهوة السقوط المروع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى