بقلم غالب قنديل

الإعلاميون في مواجهة صفقة القرن

غالب قنديل

ينعقد في بيروت لقاء إعلامي لمواجهة صفقة القرن في مناخ التصدي لمحاولات تعميم التطبيع مع العدو الصهيوني والسعي الأميركي الصهيوني لتصفية قضية فلسطين وفرض تثبيت نتائج الغزوات والحروب العدوانية الصهيونية من خلال قرارات الضم والاستيطان الصهيونية المدعومة أميركيا في الجولان العربي السوري وفي الضفة الغربية المحتلين .

ان ثمة الكثير مما يقتضي بالإعلاميين توحيد الجهود للقيام به في مواجهة صفقة القرن بوصفها مشروعا استعماريا غربيا صهيونيا يستهدف تثبيت الهيمنة على المنطقة بعدما تمكن محور المقاومة من الصمود طيلة السنوات الماضية في مجابهة أشرس الغزوات وحروب التدمير والإبادة التي شنتها القوى الاستعمارية الصهيونية بقيادة الولايات المتحدة مباشرة وبواسطة أدوات عميلة متعددة جمعت حشدا ممتدا من الحكومات التابعة حتى فصائل التكفير الإرهابية.

تمثل معركة الوعي احد أخطر جبهات التصدي لصفقة القرن التي تقدم للرأي العام العربي بوصفها طريقا إلى السلام والرخاء وحيث يشكل فضح أهدافها الحقيقية الطريق الفعلي لتحريك الشارع واستنهاضه إلى ميادين مقاومة هذه الخطة الاستعمارية.

اولا تستعمل لتسويق صفقة القرن كمية وافرة من الوعود والأوهام التي سبق أن سيق مثلها وانفضح كذبها مع جميع اتفاقات الاستسلام من كمب ديفيد إلى وادي عربة فأوسلو وينبغي التذكير بما تكشف من اخطار في سياق التطبيع مع العدو الصهيوني الذي تمتد اطماعه في الهيمنة إلى جميع الثروات والأسواق العربية وإلى تفاصيل مسام البنى الاقتصادية المحلية وحيث تسخر الولايات المتحدة وزنها السياسي والاقتصادي لفرض شراكة صهيونية مقررة في الاقتصاد العربي وما واجهته مصر والأردن وما يواجه اهلنا في الضفة الغربية المحتلة وما تزامن ظهوره من الأخطار والأطماع في زمن توقيع اتفاق 17 أيار المشؤوم في لبنان هي الشواهد العملية على نوايا التحكم الصهيوني بالشاردة والواردة وعلى كون التطبيع اداة هيمنة وتدمير اميركية صهيونية لفرص الاستقلال والتحرر والتنمية في بلادنا العربية.

ثانيا تمثل تصفية قضية فلسطين الخلاصة المكثفة لصفقة القرن وبذلك يتكشف السقوط النهائي لأكاذيب السلام والتسويات ومعادلات الأرض مقابل السلام فالمؤشرات الفعلية عن مضمون هذه الخطة هي الإجهاز النهائي على جميع المبادرات والالتزامات والمشاريع التفاوضية التي قدمتها الولايات المتحدة ودول الغرب طيلة نصف قرن لتمرير الاعتراف بكيان العدو لصالح تكريس اغتصاب جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وإسقاط فكرة الدولة الفلسطينية والشطب النهائي لحق العودة مع تحريك وتعميم مشاريع توطين اللاجئين لاستثارة التناقضات والتناحر بين الأشقاء بدلا من توحيد جميع الجهود في مقاومة العدو الغاصب وداعميه وهكذا تثبت التجربة بالدليل الحي ان لابديل عن المقاومة حتى دحر العدو الغاصب والتقدم على طريق التحرير والعودة.

ثالثا دفاعا عن فلسطين وحقوق شعبها في الوطن المحتل وفي الشتات ومن اجل قضية التحرر والاستقلال في جميع البلدان العربية يمثل التصدي لهذه الصفقة وفضحها وإفشالها مهمة عاجلة لجميع الأحرار والشرفاء في الوطن العربي وهذا ما يفترض توسيع نطاق التحرك وتنسيق الجهود والقدرات في المعركة السياسية والإعلامية ومناداة الإعلاميين المقاومين في الوطن العربي ليرصوا الصفوف ولينظموا تحركات موحدة ومشتركة تطلق نداء المقاومة في وجه الخطط الاستعمارية الصهيونية الرجعية.

رابعا في لبنان لابد من العمل في سبيل مجموعة من الأهداف التي تندرج في سياق التصدي لصفقة القرن ولابد من إطلاق تحركات من اجل تحقيقها بجميع الوسائل الممكنة :

سن قانون خاص ضد التطبيع الاقتصادي والثقافي والفني والإعلامي مع العدو الصهيوني في ضوء التجارب الأخيرة ومن اجل تعزيز الحصانة الوطنية التي يعمل العدو على إضعافها لاختراق المجتمع اللبناني والثأر للهزائم والخيبات التي مني بها الكيان الصهيوني في لبنان منذ اجتياح عام 1982 بفضل المقاومة والتضحيات الجزيلة للشعب اللبناني والدعم الإيراني والسوري الكبير للمقاومة الشعبية والمسلحة.

التصميم على التصدي للعقوبات التي فرضت على مؤسسات الإعلام المقاومة في لبنان وخصوصا قناة المنار وإذاعة النور وسائر منابر الإعلام الحرة والمقاومة العربية السورية والفلسطينية والإيرانية وتوفير المستلزمات القانونية والعملية لتحرير الإعلام المقاوم من القبضة الأميركية الصهيونية وفرض إقرار تأسيس باقة فضائية لبنانية وإتاحة حيز بث فضائي محرر من القيود الغربية والصهيونية من خلال العمل لقيام السلطات اللبنانية بواجباتها في حماية الحريات الإعلامية.

مقاطعة جميع وسائل الإعلام التي تتورط بأعمال التطبيع وتساهم بترويج صفقة القرن وعدم تمكينها من تلميع صورتها الخادعة وادعائها لاحترام تعدد الآراء حتى تنفذ إلى القطاعات الشعبية المناصرة للمقاومة والاستقلال.

تطوير انظمة مقاطعة العدو وتحديثها واحتضان المبادرات الشعبية الطلائعية في هذا المجال لقطع الطريق على محاولات التسلل الصهيونية إلى البنى الاقتصادية والثقافية والإعلامية ومنع بث السموم المخربة.

تنظيم حملات مستمرة لشرح النتائج والأخطار التي ترتبها تصفية قضية فلسطين على لبنان والمنطقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وبالذات على الصعيد الاقتصادي حيث يعمل الكيان الصهيوني مع شركائه في الغرب بقيادة الولايات المتحدة لتحويل التطبيع إلى فرصة لتنصيب العدو الصهيوني وكيلا إقليميا للهيمنة الغربية يتلقى كل الدعم في فرض السيطرة على جميع المجالات الاقتصادية والتقنية والإعلامية والخدمية والامنية في البلاد العربية بحيث يصبح الكيان الغاصب هو المركز الفعلي الذي تتبع له البلاد العربية في دورة حياتها اليومية وليستبيح المنطقة برمتها.

صفقة القرن هي مشروع خطير لتصفية قضية فلسطين ولفرض الهيمنة على جميع البلدان العربية بواسطة شركات قابضة اميركية صهيونية يجري تجهيزها لنهب الثروات العربية وللسيطرة على الأسواق ولإخضاع المنطقة وتدجينها ولكسر إرادة الاستقلال والتحرر.

إن التصدي الحقيقي لصفقة القرن في لبنان وإبعاد اخطار التوطين وتداعياته التي يتحدث عنها الفرقاء اللبنانيون يفترض حماية المقاومة ودعم المقاومة الفلسطينية الشعبية والعسكرية.

التمسك بالمقاومة والانعتاق من الوصاية الأميركية يقتضي التحرر من القيود والعقوبات المفروضة التي تمنع لبنان من ان يكون شريكا في نهضة الشرق الكبير ضد الهيمنة الأميركية.

لابد من التصميم على علاقة الأخوة وشراكة المصير مع الشقيقة سورية قلعة المقاومة والعروبة في هذه المعركة الوجودية كما يجب العمل على بناء رأي عام لبناني داعم لفكرة التكتل الإقليمي والشراكة مع سورية والعراق وإيران وكل من روسيا والصين في وجه الاستعمار المالي الأميركي المفروض على لبنان من خلال منظومة العقوبات المصرفية والمالية التي تستهدف حزب الله وحلفاءه ومناصريه بسبب دوره التحرري المشرف والمحوري في التصدي للأطماع الاستعمارية الصهيونية.

           

           

           

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى