بقلم غالب قنديل

الشراكة المصيرية العربية الإيرانية

غالب قنديل

شكل انتصار الثورة الإيرانية انعطافة كبيرة وهامة في تاريخ المنطقة ووفي حركة نضال شعوبها ضد منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية وكان فرصة لتصعيد مكانة واهمية قضية فلسطين في مسيرة مقاومة الهيمنة بوصفها القضية المركزية لكل نضال تحرري بحكم الدور الحاسم للكيان الصهيوني وقد اطلق الإمام الخميني مفهوم الغدة السرطانية ليجعل تحرير فلسطين قبلة انظار القوى التحررية.

كان يوم القدس العالمي مبادرة إيرانية لتحريك معركة الوعي ولتصعيد المقاومة الشعبية ضد الكيان الصهيوني بصورة منتظمة وتراكمية أثبتت جدواها على امتداد العقود الماضية فقد تحول هذا اليوم إلى ميدان للنضال المتواصل ضد الاحتلال الصهيوني ولشحذ همم المقاومين داخل فلسطين المحتلة وخارجها.

على امتداد العقود الماضية تلاحقت فصول الخطط الاستعمارية الصهيونية لتصفية قضية فلسطين ولتثبيت الكيان الصهيوني كحقيقة قاهرة في قلب الشرق وتم الترويج لاتفاقات الاستسلام والتطبيع في مقدمات مرسومة لفرض الهيمنة الصهيونية المحورية على جميع صروح الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية بأقنعة الواقعية وبالسلام المزعوم المبني على تصفية الحقوق المشروعة لشعب فلسطين بما فيها عودة اللاجئين دون قيد او شرط وضم الأراضي العربية المحتلة إلى كيان العدو.

لقد اختار الإمام الخميني القدس عنوانا من موقع فهم عميق لكيفية إدارة الصراع الفكري والثقافي ضد الكيان الصهيوني والإمساك بخطوط التفاعل الإنساني مع قضية فلسطين من مدخل مفهوم العدالة وحساسية المعتقدات الدينية في المنطقة والعالم واستند إلى رمزية المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لتكثيف الدلالة الثقافية والمعتقدية على رفض الكيان الصهيوني ودوره الاستعماري في المنطقة كقوة عدوان مستمر على الحريات والحقوق المشروعة وبديهيات الوجود الإنساني.

يوم القدس كان واحدة من مبادرات عديدة اتخذتها إيران وأرست من خلالها ثقافة الأخوة العربية الإيرانية وشراكة النضال والكفاح والتطلعات والآمال مع الامة العربية وهذا كان وما يزال احد أبرز دوافع استهداف الدور الإيراني في المنطقة من قبل الحكومات الرجعية العربية والكيان الصهيوني ودول الاستعمار الغربي.

تتكثف اليوم إرادة التحرر الوطني بالمقاومة التي تعاظمت في المنطقة ضد منظومة الهيمنة وما دبرته من حروب تدمير وغزوات احتلال وهيمنة واستعملت لتحقيق غايتها جميع الأدوات المتاحة وصولا إلى عصابات التكفير حيث لم تجد بلدان الشرق العربي المستهدفة سوى السند الإيراني والدعم الذي قدمته جبهة مناهضي الهيمنة في العالم بزعامة روسيا والصين.

الوعي السياسي الفلسطيني لمخاطر مشاريع التصفية يتقدم وينمو بعد الانسداد الذي بلغته مسيرة اوسلو ويحقق مناعة جدية تقيم سدا في وجه صفقة القرن بعدم استعداد أي من القيادات الفلسطينية للمساهمة في تصفية القضية الحية والفضل لجذوة المقاومة الشعبية والعسكرية التي حظيت فصائلها المختلفة بدعم إيراني متواصل وباحتضان سوري إيراني كبير خلال السنوات الماضية.

لقد توسع محور المقاومة بمزيد من الروافد وليس ذلك توسعا إيرانيا بل هو توسع للشراكة العربية الإيرانية في مسيرة التحرر من الهيمنة أي نقيض ما تروجه أبواق التضليل الأميركي الصهيوني الرجعي لزرع الشكوك والشبهات حول الفاعلية الإيرانية في قيادة النضال التحرري في المنطقة.

التحية لكل عربي يخرج بهتاف من أجل القدس وفلسطين بين المحيط والخليج وخصوصا في صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت وفي قلب فلسطين السليبة وقطاع غزة ولجميع الإيرانيين في مسيراتهم المليونية الحاشدة ولسائر شعوب الأرض التي تجعل من هذا اليوم نداء لتحرير فلسطين ولخلاص البشرية من الغدة السرطانية الاستعمارية الجاثمة على صدرها ثكنة عدوان واستنزاف لإرادة التحرر الوطني ولتحيا الأخوة العربية الإيرانية في شراكة المصير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى