بقلم غالب قنديل

معركة إدلب والدجل الإعلامي

غالب قنديل

يعترف الخبراء العارفون والباحثون في تقنيات الحروب الإعلامية المعاصرة ان العدوان الاستعماري على سورية شهد أعتى واحدث عمليات التضليل الإعلامي في العصر الحديث فقد طبق مخططو السياسات الأميركية مبادئ الحرب الإعلامية النازية طيلة السنوات الماضية من مشروعهم لتدمير سورية بالجمع بين الغزو والاحتلال وحرب الوكالة التي قادوها من خلال شبكة واسعة من تشكيلات جماعة الأخوان وعصابات التكفير القاعدية والداعشية التي حشدت من جميع انحاء العالم لكن الحرب الإعلامية المتجددة تشكل أقذر فصول هذا العدوان المتمادي بكل ما فيه من ضحايا وخراب.

العقيدة الأميركية في قيادة الحروب الإعلامية تستند إلى نظرية مخطط الحرب النفسية في هيئة أركان ادولف هتلر جوزيف غوبلز الذي قال بكل وضوح “اكذب إكذب حتى يصدقك الناس ” وكذلك نظرية ليو تشراوس عن ” الكذب المشروع لخدمة الأهداف السامية !”.

يتبدى كل ما تقدم في معركة إدلب حيث تستخدم مجموعة الأدوات الإعلامية التي يتحكم بها الأميركي وذيله الأوروبي وتابعه الخليجي خصوصا السعودي والقطري الذي ما زال يمول الحملات الإعلامية حول سورية ويواظب على تحقيق طغيانها في المشهد الإعلامي العربي وهكذا يمكن لنا معاينة الدجل الإعلامي المصنع بإشراف اميركي غربي وبالتمويل القطري والسعودي الذي لم ينقطع رغم تبدل اولويات الرياض والدوحة المتنافستين المتناحرتين حول العديد من القضايا لكنهما تسيران كتفا إلى كتف في العدوان على سورية بينما تلجم المشيئة الأميركية ميل الحكومات العربية الأخرى الراغبة في الانعطاف السياسي نحو دمشق للتنصل من تبعات تورطها في فصول العدوان ويشمل ذلك حكومات الكويت والإمارات ومصر وعمان والأردن على وجه الخصوص.

المصادر الإعلامية المعتمدة لنقل المعلومات عن سير المعارك هي ادوات صنعها الأميركيون والأوروبيون من يوم إطلاق كذبة الثورة وإعادة تدويرها واستثمارها في سياق الأحداث اليومية ومنها ما يسمى “المرصد السوري لحقوق الإنسان” الذي يديره شخص يدعى أسامة سليمان ( اسمه المستعار رامي عبد الرحمن ) وهو مقيم في لندن يدعمه ويموله الاتحاد الأوروبي بتزكية مباشرة من المخابرات الألمانية والبريطانية إضافة إلى جماعة الخوذ البيضاء التي انكشفت خيوط التلاقي الأميركي البريطاني القطري التركي والإسرائيلي في دعمها وتسويقها خلال معركة تحرير الجنوب السوري وهروبها الكبير الذي نظمه الاحتلال الصهيوني إلى الأردن عبر هضبة الجولان المحتلة واختصاص هذه الجماعة كما بينته المعارك السابقة في الغوطة وخان شيخون وغيرها هو تصنيع الضربات الكيماوية المزعومة ووضعها في تصرف القنوات الدبلوماسية الأميركية والأوروبية كمادة قابلة للتوظيف في مجابهة الدولة السورية والجيش العربي السوري وحلفائه وذلك ما تظهره جلسات مجلس الامن الدولي من خلال الخطب المعسولة عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين ومثل سائر حروب الغزو والتدخل الأميركية يشكل الزعم الإنساني في سورية ذريعة تجترها بيانات ومواقف حكومات عديدة تسعى بكل وقاحة لحماية الفلول الإرهابية من مصيرها المحتوم.

طبعا إن احدا لا يسأل من احضر تلك الجحافل منذ البداية ومن دربها وسلحها ومولها ومن يضمن خطوط إمدادها من داخل الأراضي التركية وهو ما زال يفعل ذلك بصورة متواصلة بينما يمثل التفجع الإنساني الكاذب اداة التأثير الفضلى لعرقلة اندفاعات الجيش العربي السوري في الميدان وبعد أشهر من التنصل التركي تهربا من تنفيذ اتفاق سوتشي الموقع حول منطقة خفض التصعيد حيث عززت المخابرات التركية تسليح فصائل الإرهاب وتجهيزها بدلا من نزع سلاحها.

هذه الجوقة الإعلامية تروج صورة لما يقوم به الجيش العربي السوري على انه استهداف لأهالي مدينة إدلب وأريافها بينما كانت عملية التصدي لاعتداءات القاعدة هي نقطة الانطلاق الفعلية لتحرك الجيش العربي السوري بعد فصول دامية من تناحر الجماعات المسلحة وصراعها على السلطة والنفوذ في مناطق سيطرتها داخل محافظة إدلب وبعد انتقالها إلى مهاجمة المناطق الآمنة المحيطة بالمحافظة للسيطرة عليها.

تطمس تلك الجوقة جرائم الجماعات الإرهابية متعددة الجنسيات ولا تتحدث عنها سوى لضرورات الماكياج التضليلي علها تحصد بعضا من المصداقية كما انها تطمس حقيقة وجود آلاف الإرهابيين الأجانب وحجم ارتباط من يقاتلون ضد الجيش العربي السوري بشبكات الاستخبارات الغربية والخليجية ويتبدى اليوم تصنيع البيانات والتقارير لتغذية المزاعم عن ضحايا للغارات السورية الروسية بين صفوف الاهالي وبالذات من النساء والأطفال في سبيل تفعيل الحملات الأميركية والفرنسية والبريطانية والتركية لقطع الطريق على قيام الجيش بحسم المعارك وتحرير محافظة إدلب بينما يجري بكل صفاقة طمس وقائع الدعم العسكري والسياسي لفلول القاعدة في المحافظة.

الفضيحة اللاحقة بالأداء الإعلامي الذي يدعي الموضوعية والنزاهة هي انحيازه المسبق لأبواق الإرهابيين كمصدر رئيسي للمعلومات وتغييبه للدولة السورية وبياناتها وتقاريرها عن المعارك وذلك يسقط ادعاء الموضوعية والحياد المزعوم وتمثل بعض الشاشات والصحف والمواقع اللبنانية مثالا صارخا لتلك الفبركة ولذلك الدجل المنظم وأضعف الإيمان لو صح الإدعاء ان تنقل بيانات الجانبين ومعلوماتهما دون تشويه او تدخل أو مواقف مسبقة علما ان الحياد في القتال ضد الإرهاب مرفوض ومدان سياسيا وقانونيا واخلاقيا فالجماعات التي تحارب ضد الجيش العربي السوري في الشمال مصنفة امميا كجماعات إرهابية شاءت الحكومات والفضائيات والصحف والمواقع المتورطة في العدوان ام أبت.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى