بقلم غالب قنديل

محور المقاومة يكسر الاستنزاف

غالب قنديل

التبس المشهد العام لجبهات الصراع في الشرق العربي على الكثيرين وتوهم البعض ان الإمبريالية الأميركية وخلفها دول الغرب الاستعماري والحكومات الرجعية العربية واسرائيل ينتقلون إلى الهجوم الشامل لقلب الطاولة بتجويف الانتصارات التي حصدها محور المقاومة والتحرر من الهيمنة بعملية استنزاف شاملة من خلال منظومة صارمة من العقوبات والحصار الاقتصادي الموجع واكبتها حملات إعلامية واسعة طورت من ادوات التهويل والضغط والتهديد لتكبيل قوى التحرر في المنطقة تمهيدا لإخضاعها.

من يسترجع شريط الأحداث المتلاحقة التي انطلقت بزيارة القائد المقاوم بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية لإيران واجتماعاته مع المرشد الإمام السيد علي الخامنئي والرئيس حسن روحاني وسلسلة الاتصالات السورية العراقية والعمليات الحدودية المشتركة التي قام بها الجيشان الشقيقان بالتوازي مع الاتصالات والمشاورات المكثفة بين القيادتين السورية والروسية يمكنه ربط حلقات الهجوم المعاكس لمحور المقاومة بالتنسيق مع الحليفين الروسي والصيني والحصيلة العملية :

اولا قيام القيادة الموحدة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بردع العدو الصهيوني وتثبيت المعادلات الجديدة التي اعترف بها الكيان الصهيوني امام عجزه عن التحكم بالصراع وعن لجم الحيوية الشعبية الفلسطينية التي تجسدت بصمود اهل غزة الذين برهنوا عن كفاحية عالية واستعداد مستمر للتضحية في مسيرات العودة التي ستبلغ ذروة مهمة في ذكرى اغتصاب فلسطين العربية خلال الأيام المقبلة بينما يثبت شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وداخل فلسطين السليبة ارادة نضالية متجددة للتمسك بوجوده التاريخي وبخيار المقاومة التي يرفع لواءها وبنادقها مزيد من الشباب المناضل المبادر داخل صفوف الفصائل المقاومة ومن خارجها.

ثانيا قامت المقاومة اللبنانية بشخص قائدها امين عام حزب الله بكسر موجة التهويل الصهيوني بالعدوان وبشن حرب جديدة ضد سورية ولبنان وبرهن السيد حسن نصرالله على فصل جديد من نمو قدرات الردع وجاهزية المبادرة بتأكيد القدرة التي يعرف العدو مصداقية الإعلان عنها منذ خطاب “تم المر ” ورسم خطوطا واضحة لمبادرات المقاومة في التصدي لأي عدوان من خلال جزمه بجاهزية المقاومين لتدمير أي قوات صهيونية معتدية على أرض الجنوب وإحراق الداخل الصهيوني بصواريخ دقيقة تحيل اهدافا صهيونية إلى قنابل تدمير شامل داخل الكيان مع وثبة الجليل الموعودة التي لن تمنعها الجدران الصهيونية على امتداد الجبهة وفي السياق تمكن حزب الله من تحفيز ورفع سوية التضامن الوطني داخل السلطة اللبنانية بمنع أي مساومة على الحقوق البرية والبحرية بنتيجة التفاهم بين سماحة السيد وكل من الرئيسين نبيه بري وميشال عون.

ثالثا واصل الجيش العربي السوري تعزيز قدراته الرادعة في مواجهة العدو الصهيوني بينما استعد للفصول الجديدة من عملية تحرير كامل التراب الوطني السوري من براثن الاحتلال وعصابات الإرهاب وفي هذا السياق انطلقت عملية إدلب التي شكلت صدمة عنيفة لحلقة الابتزاز التركي بالشراكة مع حلفاء الميدان من محور المقاومة ومع القوات الجوية الروسية وأيا كانت الحصيلة فهي محسومة لصالح الدولة الوطنية السورية والشعب العربي السوري بكسرها للاستنزاف الذي سعت لإدامته عصابات القاعدة المدعومة من تركيا التي لم تنفذ التزاماتها في اتفاق سوتشي الروسي التركي وقدمت دعما مكشوفا للإرهابيين بدلا من نزع أسلحتهم الثقيلة وفقا للاتفاق الموقع بين الرئيسين بوتين وأردوغان والنتيجة ان روسيا وسورية ومحور المقاومة صفعوا أردوغان بخط نهاية نارية لزمن التنصل والابتزاز والاستنزاف.

رابعا نشطت مجموعات المقاومة الشعبية السورية في مجابهة الاحتلال الأميركي في الشرق السوري بالتزامن مع التنسيق الحدودي السوري العراقي وهي ترسم آفاقا جديدة لسياق استعادة هذه المنطقة السورية العزيزة إلى كنف الجيش العربي السوري أيا كانت المسارات اللاحقة سياسية ام عسكرية لتحقيق الغاية الوطنية المحددة والمعلنة من قبل القيادة السورية بكل وضوح وبدعم من المحور مجتمعا وهو ما سيضع الموقف التركي المراوغ في زاوية حرجة اخرى كما سيعجل بساعة الهروب الأميركي مع الفلول الأوروبية الأطلسية المحتلة من هذه المنطقة السورية وسيؤثر جذريا في خيارات القيادات الكردية التي يدفع ثمنها السوريون عربا واكرادا بجعلهم نهبا للهيمنة الأميركية الغربية ومشاريعها في المنطقة.

خامسا انتقلت القيادة الإيرانية إلى خطوات ومبادرات جديدة ومشتركة مع الحليفين الروسي والصيني في التصدي للحصار الأميركي واتخذت مبادرات عسكرية دفاعية لجمت الغطرسة الحربية للأساطيل ولتهديدات عصابة المحافظين الجدد ممثلة بكل من جون بولتون ومايك بومبيو رمزي حزب الحرب الصهيوني الأميركي بينما رسمت قواعد جديدة لمعادلات الصراع بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي بحشر الميوعة الأوروبية الغربية في زاوية الخيارات الصعبة وبتضييق هوامش المناورة امامها من خلال مهلة الستين يوما التي اعلنها الرئيس روحاني.

سادسا بادر المقاومون اليمنيون هجوميا في جبهات القتال واستطاعوا إحراز تقدم واسع في العديد من المحاور على حساب حلف العدوان الأميركي السعودي الإماراتي وتفاقمت حالات التناقض والاختلاف والتضعضع في صفوف ادوات هذا الحلف على الأرض نتيجة الهزائم التي فعلت من تأثير التناقضات والتعارضات الكثيرة الكامنة.

سابعا في الحصيلة تم تكتيف العدو الصهيوني وانتقل محور المقاومة إلى مبادراته الهجومية في جميع الجبهات لبناء توازنات جديدة ستظهر ثمارها السياسية تباعا وتقهقرت الإمبريالية الأميركية وطابورها العدواني الأطلسي إلى طلب التفاوض مع روسيا وإيران تحاشيا لكلفة المواجهة الكبرى التي يعرفها جنرالات البنتاغون وخبراء تخطيط السياسات في المؤسسة الأميركية الحاكمة بينما اتخذت خطوات عملية لاختراق الحصار الاقتصادي ستظهر نتائجها تباعا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى