بقلم غالب قنديل

بدائل سيدر موجودة فلا تبتزوا اللبنانيين

غالب قنديل

يتنقل طابور التهويل والابتزاز في انتقاء ذرائعه لمحاولة ترويج الإذعان للهيمنة الأميركية الغربية وشروطها ولمنع اللبنانيين من التفكير في البدائل الاستقلالية لخيار الإذعان والخضوع التامين أمام شروط ستجلب خرابا لهم ولبلدهم ولو بعد حين ولن يكون فعلها أبعد من تأثير مسكنات مؤقتة في جسد عليل أفلت فيه الغرب وعملاؤه فيروسات التضخم وخراب الإنتاج وبطالة الشباب والتهميش وتقييد تحويلات البنات والأبناء من الخارج وهي المصل الوحيد المتبقي في إعصار النضوب الوطني والعربي والدولي.

في خرافة البحث عن حلول داخل نادي الريع والتبعية للاستعمار يعطى مؤتمر سيدر صفة البلسم الشافي وهو في الواقع نوع من المخدر الذي يتيح لأرباب الهيمنة في الخارج فرض شروطهم وتدخلاتهم المنافية للسيادة واستعمارهم الاقتصادي للبلد بإدخال أصابع الوصاية الأميركية والانتداب الغربي إلى جميع النقاط والمفاصل الحيوية في اقتصاد البلد وقطاعه المصرفي والغاية الأولى هي خنق المقاومة وجمهورها وليست حلحلة الانكماش الخانق والشامل والتي لها طريق واحد ينطلق من تحريك عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي وإحياء موارد الثروة الطبيعية التي اغتالها الخراب.

مقررات سيدر تشبه صكوك الغفران الشهيرة التي حجزت مقاعد وهمية في الجنة لتمويل الغزو الاستعماري الغربي لبلادنا ومعها هيئات مرشدين ومراقبين تريد وضع اليد على الشاردة والواردة وهي تتمسك بادعاء الحيادية والحرص لكنها مبنية اولا واخيرا لمطاردة كل أثر لحزب الله في المصارف ومودعيها وهي تكرس جهودها لتطبيق قاعدة تجفيف موارد المقاومين وعائلاتهم وأقربائهم وكل من يمت إليهم بعلاقة أو شراكة.

خلاصة تعريف سيدر هي أنه سلة التمويل الغربي للقروض المشروطة بصورة تمهل السلطات اللبنانية بعض الوقت مقابل ان تعيد النظر بماليتها العامة فتحد من الهدر كما يقولون في العلن لكن الأهم بالنسبة للوصي الأميركي والفرنسي هو تقليص هوامش تقديمات السلطة للفقراء ومتوسطي الحال مقابل إدخال شركات غربية ومحلية على مرافق خدمات الدولة تحت عنوان إعادة هيكلة الإدارة والمؤسسات العامة وترشيقها والعنوان الفعلي هو تعميم بيع وتلزيم الخدمة العامة لشركات اجنبية ولبنانية بما في ذلك مرافق ضخمة كالكهرباء والمياه والهاتف الأرضي والضمان الاجتماعي وصناديق التعاضد العامة والخاصة التي تتلهف على مدخراتها الشركات الاجنبية للتأمين ووكلاؤها المحليون.

ليس صحيحا اننا ام عرض وحيد وفرصة وحيدة نقبلها او نرفضها كما يزعم طابور التهويل والابتزاز فمن من المسؤولين اللبنانيين فتش عن خيار آخر خارج القدر الأميركي الغربي ؟

إن الطاقة المالية لدول الشرق الصاعدة اكبر بكثير مما هو متوفر لدى دول الغرب التي تعتمد بصورة متزايدة على استدانة التريليونات من الصين تتقدمها اكبرها وأشدها طغيانا وتجبرا أي الولايات المتحدة الأميركية ولاشك ان الطريق مفتوح امام لبنان للتفاوض على بدائل جدية لسلة سيدر التي نسقها الفرنسيون والأميركيون بالتعاون مع المملكة السعودية.

المليارات الغربية التي هي مجرد وعود في سيدر يهددون اللبنانيين بوقفها وتعطيلها لقاء الإذعان لشروطهم الاستعمارية .. تلك المليارات لا تساوي شيئا في ميزان القدرات الصينية والروسية والهندية ماليا واقتصاديا مع فارق انها ليست مربوطة بشروط الوصاية التي تمس السيادة والاستقلال بل مقرونة بشروط لإحياء الثروة ومردود الإنتاج في السلة الصينية هو ضمانة سداد الديون.

في التوجه شرقا فرص جدية لتنمية الإنتاج ولتحصين السيادة عبر اتفاقات مالية مع تلك الدول فما هو المانع من شراكات كاملة مع روسيا في قطاع النفط والمشتقات النفطية بإحياء صناعة تكرير النفط في طرابلس والزهراني وشبكها عبر الأنابيب التي تربط الساحل اللبناني بكل من سورية والعراق وما هو المانع من اتفاق مالي مع الصين لتمويل مشاريع تنقية الأنهر اللبنانية وترميم الثروة الحرجية مكان ما خربته المقالع والكسارات وبناء شبكات حديثة للصرف الصحي ولسكك الحديد ؟

وما هو المانع من اتفاق شامل لبناء معامل الكهرباء وشبكاتها الضخمة والحديثة مع إيران وروسيا وبالشراكة الشبكية مع العراق وسورية وما هو المانع من الانتقال إلى تطوير قطاع المعلوماتية بالشراكة مع الصين والهند وبناء الشبكات الرقمية الوطنية الحديثة بالتعاون مع الصين وإدخالها في نطاق إقليمي مشترك مع سورية والعراق وإيران والخليج وما هو الذي يحول دون مشاريع ثورية لسكك الحديد والقطارات السريعة محليا وإقليميا وهي ستكون السبيل الرئيسي لتوليد حركة هجرة عكسية إلى الريف في جميع المناطق اللبنانية وخصوصا في البقاع والشمال والجنوب وبالتالي تقليص الضغط السكاني المتضخم على بيروت وضواحيها وطرابلس وصيدا ؟ طبعا المانع الوحيد لكل ذلك هو الخضوع اللبناني للاستعمار الأميركي.

إن الفرص الفعلية لتنمية بنية إنتاجية وسياحية متطورة مرتبطة بشراكات لبنانية مع سورية والعراق وإيران إضافة إلى الخليج والأردن ومصر وهذا يتطلب جرأة وشجاعة سياسية ببدء التفاوض مع حكومات الدول الشقيقة على إنشاء سوق مشتركة توسع من فرص النمو الاقتصادي وتضاعف طاقة الإنتاج والتسويق وتتيح الانتقال إلى تصنيع السياحة وتقدمها وليقل لنا خبراء المصارف إن كان تعظيم الإنتاج والتشبيك العابر للحدود يزيد من فرص نمو البنوك اللبنانية ام يضرها؟

البدائل متوافرة دائما مع تغير الواقع العالمي وتحولاته وهي تستدعي امتلاك الإرادة ورفض السلطات اللبنانية لأي مساومة على السيادة الوطنية لقاء القروض فثمة مراكز عالمية لاستدراج عروض أكثر عدالة وتوازنا وهذا ما يجب ان يقتنع به الزعماء اللبنانيون والشعب اللبناني بدلا من التصرف بمنطق جبرية التكيف مع القدر الأميركي الأعمى.

إنه استعمار يجب اقتلاعه لا الخضوع لمشيئته أيها السادة إن أردتم وطنا لا دكانا للسمسرة والعمولات على بيع جلود اهلكم وعائلاتكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى