بقلم غالب قنديل

الجولان عربية ولا ينبغي الصمت

غالب قنديل

الموقف الذي اتخذه دونالد ترامب مؤيدا قرار العدو بضم الجولان العربي المحتل إلى الكيان الصهيوني يستكمل ما بدأه بإعلان التكريس الأميركي للقدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية ومن دفن لا رجعة عنه لأوهام التسوية.

يجادل البعض بأن تلك القرارات والمواقف الأميركية ليست قادرة على زحزحة معادلات القوة وهذا صحيح وبالتالي فهي بالفعل لا تبعث على القلق لدى محور المقاومة المدعو إلى تجذير معادلات الردع والتمسك بإرادة المقاومة والتحرير كما كان على الدوام وبالذات في السنوات الأخيرة التي شهدت اكثر من تطور هام في بلورة هذا المحور ككتلة قوية وقادرة على الدفاع عن الشرق العربي ضد العدوانية والهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة وسطر ملاحم بطولية في وجه حروب إسرائيل وغزوة التكفير وكل ما كان من عدوان بقيادة الولايات المتحدة طيلة العشرين عاما المنصرمة.

تمهد مواقف ترامب وقراراته لفرض تحولات سياسية جديدة بنقل التواطؤ العربي الرسمي مع العدو من السر إلى العلن على غرار ما كان في مؤتمر وارسو الذي نقل العلاقات بين الكيان الصهيوني وبعض الحكومات العربية إلى العلن وحشد مواقفها السياسية بقيادة إسرائيل لمجابهة إيران وسائر اطراف محور المقاومة.

إن الصمت على مواقف ترامب من ضم الجولان العربي السوري المحتل سوف يسمح للإدارة الأميركية بتكييف سهل وسريع لمواقف الحكومات العربية الخانعة التي ما زالت نظريا مقيدة حتى اليوم برفض ضم الجولان وبمواقف صادرة عن الجامعة العربية لم تجر مراجعتها وهي تتضمن لفظيا المطالبة بالانسحاب الصهيوني من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 ولاسيما الجولان وبرفض الاستيطان الصهيوني وتدابير الضم والتهويد التي اطلقها العدو.

لا ينبغي التساهل مع الموقف الأميركي انطلاقا من كونه لا يغير شيئا في التوازن الفعلي وهو بالذات لن يؤثر في زحزحة التصميم السوري على تحرير الجولان او ثوابت ومبادئ موقف سورية السياسي من ضم الجولان فهو لن يغير فعلا لا من موقف دمشق ولا من مساندة حلفاء دمشق وشركائها الكبار لتصميمها على تحرير الجولان.

إن بمستطاع الشارع العربي لو تحرك جزئيا وضمن الحدود المتاحة ان يفرض جدارا معنويا في وجه المهرولين العرب انطلاقا من تعرية انحيازهم للعدو الصهيوني وتآمرهم على أبسط الحقوق العربية والأسئلة التي تطرح نفسها اليوم قبل الغد :

         ما هو المانع من تحركات شعبية عربية تنطلق من دمشق تدين قرار ترامب ولتكن بدايتها بمؤتمر للأحزاب والنقابات المهنية والعمالية العربية التي عقد معظمها اجتماعاته في العاصمة السورية خلال السنوات القليلة الماضية ؟.

         تستحق التحية مبادرة الحزب الشيوعي اللبناني والتنظيم الشعبي الناصري إلى التحرك عشية زيارة بومبيو وزير الخارجية الأميركية إلى لبنان.

         لماذا لا تشن حملات إعلامية واسعة النطاق ضد الخطوة الأميركية الصهيونية التي تستهدف سورية وأرضها المحتلة لتعبئة الرأي العام العربي ولمحاصرة المتآمرين مع العدو تحت ستار التطبيع؟

         ما هو المانع من عقد لقاءات دولية وعربية مساندة لسورية في وجه هذا الاستهداف الاستعماري الذي يستكمل العدوان الفاشل الذي شن على سورية طيلة السنوات الماضية؟

         لم لا توجه الدعوات للجاليات العربية والسورية خصوصا وحيث امكن في دول العالم للتحرك دفاعا عن عروبة الجولان وضد قرار دونالد ترامب ؟

         لم لا تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في توجيه وتعميم عرائض إلكترونية احتجاجية بملايين التوقيعات العربية ؟

يجب محاصرة موقف واشنطن وعملائها العرب على اوسع نطاق دفاعا عن عروبة الجولان وعن عهد التحرير والمقاومة في كل أرض عربية محتلة وخصوصا في فلسطين التي يستشهد من اجلها اجمل الأبناء والبنات في عز الشباب وبتواطؤ مشبوه مع المحتل الغاصب الذي لا يتورع عن شكر مرشديه ومخبريه الذين فضحهم الفتى الشهيد البطل عمر أبو ليلى امام العالم .

السؤال يتوجه إلى كل عربي ماذا لو تابع الأميركي البشع والصهيوني الغاشم لعبة التكريس السياسي لتدابير الابتلاع والضم الصهيوني وشملوا لاحقا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وثم ما تبقى من الضفة فقطاع غزة كما تتعالى أصوات بعض الزعماء المستجدين من منافسي الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو ألن يكون ذلك تحضيرا لحملات قتل واقتلاع تستهدف الشعب العربي الفلسطيني وتستكمل ما يدعى بالدولة اليهودية؟.

بصمة الحكومات العربية التابعة جاهزة لتنزل على صكوك ترامب ساعة يأمر وكل شيء في جامعة أبو الغيط قابل للتبديل والتعديل بالأوامر الأميركية الصهيونية وبالتالي فهذا زمن عهر غير مسبوق ولا يمكن الصمت عليه وجميع اوراق التوت تسقط إذا أومأ نتنياهو بأصبعه إلى واشنطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى