بقلم غالب قنديل

كلمة بري والعبرة من عمان

غالب قنديل

للمرة الأولى منذ آذار 2011 تاريخ انطلاق العدوان على سورية سارت الأمور بوضوح قاطع في اجتماع عربي رسمي عكس المشيئة الأميركية الصهيونية رغم انها المرة الأولى التي يكون فيها الصوت السعودي مرتفعا في طلب إقرار التطبيع مع الكيان الصهيوني لكنها المرة الأولى منذ التاريخ نفسه التي تشارك فيها سورية باجتماع عربي رسمي ينتمي إلى منظومة المؤسسات المرعية من الجامعة التي علقت عضوية سورية فيها بطلب اميركي صهيوني وبمبادرة سعودية قطرية.

كانت دعوة الأردن إلى رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ بذاتها حدثا لعب الرئيس نبيه بري دورا رئيسيا في الحث عليه وحوله إلى شرط جازم لحضور لبنان ومشاركته في المؤتمر وقد يقال الكثير عن مداولات السلطات الأردنية مع الحكومات العربية الأخرى لتيسير الحضور السوري الذي هو حضور لإرادة المقاومة العربية المناهضة لجميع محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني ولخطط تصفية قضية فسطين فسورية التي قاومت العدوان الاستعماري الصهيوني الرجعي خرجت من اخطر فصول العدوان أشد صلابة وتمسكا بموقفها القومي التحرري والدعوة التي وجهت لرئيس مجلس الشعب في الجمهورية العربية السورية المقاومة هي تكريس لتحولات كبرى في ميزان القوى الإقليمي احدثها الصمود السوري ورجحتها تحالفات سورية التي انطلقت من رفاق الدرب في محور المقاومة من لبنان وفلسطين والعراق وخصوصا حلفها مع إيران وتعززت بشراكة استراتيجية حاسمة مع الصديقين الروسي والصيني وقد باتت سورية بحضورها في أي محفل تمثل تلك الكتلة الاستراتيجية الفاعلة والديناميكية التي صنعت تغييرات كثيرة في البيئة الاستراتيجية للمنطقة وللصراع العربي الصهيوني.

البيئة الجديدة ترجح كفة المقاومة كخيار وكمحور وهو ما فرض نفسه في المؤتمر بكلمتين حاسمتين للرئيس نبيه بري كانتا البدء والخاتمة في مجابهة المسعى السعودي لتمرير التطبيع مع العدو ولتكريسه بهدف تأمين غطاء عربي لشوط كبير وخطير قطعته العلاقات السعودية الصهيونية التي انتقلت من السر إلى العلن مؤخرا وقد بدا ان لبنان وسورية في موقع المبادرة القومية التي جذبا إليها كلا من الأردن والكويت وفلسطين والعراق والجزائر وغيرها ثم في الختام دحرت دعوات التطبيع وانكفأت السعودية مرغمة عندما قارعها رئيس مجلس النواب اللبناني الذي هو من كبار قادة المقاومة ومؤسسيها قبل أربعين عاما وقد حصن موقفه مذكرا بما سمي مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت عام 2002 .

لا خيار سوى المقاومة اولا وثانيا وأاحد عشر كوكبا” عبارة بري الجازمة التي يعرف المهرولون مغزاها وهم متخذو قرارات ومبادرات لوسم المقاومة بالإرهاب وقد احكموا طوق مؤامراتهم على تلك المقاومة فتورطوا في حروب إسرائيل ضد لبنان وقطاع غزة المحاصر وساروا خلف التعليمات الأميركية الصهيونية في العدوان على سورية وجهدوا لمعاقبة جمهور المقاومة اللبناني الفلسطيني السوري فقدموا كل الدعم لغزوة التكفير الإرهابي التي استهدفت المنطقة برمتها.

لا قيمة لأي مناقشة في فاعلية الاتحاد البرلماني العربي واهميته على الصعيد القومي ومدى تمثيله للإرادة الشعبية هنا او هناك فالمهم ان منبرا كان فيه الصوت الوطني المقاوم مخنوقا ومحاصرا ومضطرا للتفتيش على الكلمات والتعابير التي لاتغضب المتورطين وتحفظ الثوابت وهو قد بات ساحة يصول ويجول فيها رئيس مجلس الشعب السوري بموقفه القومي المقاوم ويعلو صوت قائد مقاوم عروبي من لبنان يجيد الدبلوماسية البرلمانية ويضع النقاط على الحروف بعزيمة المقاومة التي هو أحد بناتها الأولين.

مجرد حضور سورية وموقفها القومي الحازم وحضور لبنان الفاعل والقوي غيرا مناخ المؤتمر وفرضا تظهير فعل العنجهية الصهيونية ورجحا رفضا للهرولة وثباتا عند الحد الأدنى من التقيد بأطر المواقف العربية التي سبق ان صاغها التوازن الفعلي بين حلف الاستسلام العربي وحلف الصمود والمقاومة بقيادة سورية خلال العقود الأربعة الماضية.

أسئلة كثيرة تطرح نفسها امام رمزية الدلالة وهي تفسر كل ما يحاك مجددا ضد سورية لحجب انتصارها الحاسم ولعرقلة قيامتها وتأخير الاعتراف العربي الرسمي بأن سورية وحلفاءها المقاومين والأحرار هم الكفة الراجحة والجبهة الرابحة.

في بيان المؤتمر الختامي دعوة صريحة لوقف التطبيع مع العدو ولتعليق أي خطوات في هذا الاتجاه والحاصل صفعة لصفقة ترامب ونتنياهو ونقطة على السطر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى