بقلم غالب قنديل

الاحتلال التركي الأميركي وآخر الفصول

غالب قنديل

تحركت آلة الاحتلال الأميركي في الشرق السوري بكثافة مؤخرا وأخرجت الاستخبارات الأميركية فلول داعش من أكمامها ومن بؤرها المكتومة منذ تحرير دير الزور على يد قوات الجيش العربي السوري بينما تستمر المماطلة التركية في تمييع جدول الإلتزامات الذي أسفرت عنه قمة بوتين أردوغان بصدد محافظة إدلب وهو لم يكن ليحصل لولا حشود الجيش العربي السوري واستعداده المعلن للحسم العسكري.

في هذا المناخ ظهرت في قمة اسطنبول الرباعية مؤشرات عن حجم الأطماع التركية في سورية رغم انصياع أردوغان الشكلي لمباديء اكد عليها الرئيس الروسي تتعلق باحترام السيادة السورية التي يخترقها الاحتلال التركي كما الاحتلال الأميركي الفرنسي في حين أظهرت المناقشات التصاق فرنسا وألمانيا بالموقف الأميركي العدواني رغم جميع الجهود الروسية الصينية الإيرانية المتواصلة لتحفيز الفرز داخل المعسكر الغربي منذ انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي الإيراني.

العقدتان الواقفتان في طريق النهوض السوري تتويجا لملحمة ضارية خاضتها سورية خلال السنوات الماضية هما هذان الاحتلالان اللذان تبذل مساعي إعلامية ضخمة لتجميل دورهما ببث الأكاذيب الخادعة التي يتطوع لترويجها بعض السذج ذوي العقول المسطحة وبعض العملاء الذي يؤدون دورا هجوميا في خدمة التحالف الغربي بقيادته الأميركية.

تتواصل محاولات الخداع والكذب عن ضخ أموال طائلة إلى الشرق السوري منذ أكثر من سنتين بينما تنطلق مؤخرا دعاية مشابهة عن الحزام الحدودي الذي تحلم به تركيا في عمق الشمال السوري وتجول عبر العالم الافتراضي سيناريوهات كثيرة عن تغييرات ديمغرافية يعتزم فرضها المحتلون الأميركيون والأتراك وهي تذكر بالشريط الصهيوني الذي أسقطته سورية في الجنوب والذي سبق أن سقط في لبنان وكذلك بالأكفار الاستراتيجية التي أطلقها الغزاة الأميركيون في فيتنام للوقاية من عمليات الثوار حول قواعدهم العسكرية.

تلك الوعود الخرافية والشائعات الخادعة سبق أن بثها المحتل الأميركي حول شمال العراق والحصيلة كانت محاولة جعله منصة اختراق اقتصادية ومالية واستخباراتية صهيونية ضد العراق وضد المنطقة وخصوصا ضد سورية التي عانت الأمرين من النشاطات التي رفدت المؤامرة عليها وعلى وحدة ترابها الوطني وسيادة دولتها بأيد كردية وعربية مجندة في الشمال العراقي وتلك هي صورة واقعية عن المشاريع الأميركية والتركية لشمال وشرق سورية المحتلين.

يتأكد من كل ذلك أن التصميم الإمبريالي الرجعي الصهيوني على استنزاف سورية واعتراض طريق نهوضها هو المحرك الرئيسي للسياسات والخطط الاستعمارية الصهيونية الرجعية والهدف المحوري هو منع الدولة الوطنية السورية من تتويج إنجازاتها الميدانية بختم الفصول الأخيرة من العدوان بما يتيح للرئيس بشار الأسد إعلان النصر واسترجاع مكانة سورية المقررة في المنطقة وهو ما تخشاه الصهيونية العالمية وكيانها الاستعماري المهزوم امام محور المقاومة وانتفاضة شعب فلسطين المتجددة.

إن تطوير الأنوية المقاومة التي تتحرك ضد الاحتلال الأميركي وتسريع المبادرات لحسم امر جيوب الإرهاب في إدلب ودعم مبادرات المقاومة ضد الاحتلال التركي واحتضانها هي الخطوط المكونة للخيار الوطني السوري الذي يستدعي مبادرات شعبية وحزبية في هذا الاتجاه تدعم انصراف القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة إلى اولوياتها الدفاعية والتحريرية التي تعرفها جيدا وتتقن التحرك إليها في التوقيت المناسب كما برهنت وقائع الميدان وفقا لأجندة القيادة السورية.

خطة المواجهة في الفصول الأخيرة من تحرير سورية تستدعي عملا إعلاميا كثيفا يحارب الأوهام الخادعة التي تبث عن الاحتلالين التركي والأميركي لتجميل صورتهما ولكسر الروح الوطنية السورية وهو عمل يجب أن يستنهض روح المقاومة الوطنية والشعبية السورية ضد المحتلين دفاعا عن الكرامة الوطنية والقومية ودعم جهود الجيش في جميع الساحات والميادين بأفعال ومبادرات هجومية دون انتظار كما يفعل أحرار سورية في الشرق بكل صمت وتواضع في كل يوم فيسددون الضربات للإحتلال وعملائه ومما لاشك فيه أن أحد أهداف إحياء فلول داعش بقرار أميركي محاولة تطويق نهوض المقاومين بدورهم والإلتفاف على ما حققوه من إرباك للمحتل الأميركي والعملاء معا.

سورية وحلفاؤها مدعوون لمجابهة الابتزاز التركي والأوروبي المرتبط بخطط الاستنزاف الأميركية الصهيونية والطريق إلى قطع الطريق على ذلك وبتر حبال التراقص الأردوغاني الماكروني معروف وواضح في السياسة والميدان ولاشك أن سورية وحلفها المحوري يحتفظان بتحديد المواعيد مع تنضيج الظروف المواتية التي قد لا تمهل كثيرا مع عدو يحرص على استغلال كل شاردة وواردة ليطيل عمر الاحتلال وليديم النزيف السوري ما امكن في ظل الخوف المتزايد من قيامة المارد السوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى