بقلم غالب قنديل

ليست مجرد منافسة على الأحجام

غالب قنديل

تتوضح بصورة مضطردة حقيقة القطب المخفية في حالة الحكومة المعلقة او الممنوع تشكيلها في لبنان بورود تصريحات على ألسنة بعض الفرقاء النافذين عن العوامل الخارجية الدافعة لأزمة التشكيل العالق منذ أشهر.

الحملة التي واكبت تهديدات بنيامين نتنياهو بالعدوان على لبنان استكملت التهويل الحربي الصهيوني بمحاولات لترهيب رئيس الجمهورية والعهد برمته وبث الكلام المضلل عن الموقف الصلب وغير المفاجئ للرئيس ميشال عون ومن بعد خطاب الرئيس في الجمعية العامة ما صدر عن وزير الخارجية جبران باسيل في معرض الرد على التهديدات الصهيونية بخطوات ومواقف استحقت تنويه رئيس المجلس النيابي.

أولا: من الواضح ان الإدارة الأميركية التي وافقت مكرهة على انتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية تقف خلف الضغوط والكوابح التي تعيق أي تقدم سياسي لمسيرة عهد الرئيس الذي تعرف جيدا نزعته الاستقلالية الواضحة ومتانة دعمه للمقاومة من هذا الموقع ولدى الدبلوماسية الأميركية خبرات متراكمة في عناد الرئيس اللبناني ورفضه لأي تبعية خارجية عندما كان زعامة صاعدة فكيف وقد بات رئيسا للدولة وثمة همس في كواليس دبلوماسية وسياسية بأن الإدارة الأميركية لديها توجه بعرقلة مسيرة العهد ومنع تقدمه وهي تخشى من خطوات الرئيس المقبلة في مجابهة خطر التوطين الموضوع على جدول تنفيذي ربطا بما يسمى صفقة القرن التي تتكشف أكثر فأكثر في جوهرها عملية تصفية منظمة لحق العودة سياسيا وقانونيا لدفن هذا الحق بعدما فعله ترامب في ملف مدينة القدس المحتلة التي كرس الاعتراف الأميركي بها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني وكذلك تريد الإدارة الأميركية وحلفاؤها في المنطقة عرقلة ما يعتزم الرئيس عون تحقيقه في الانفتاح على سورية لتطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات التي تحتمها المصلحة اللبنانية من وجهة نظره وحيث تمثل عودة النازحين وإحياء طرق الترانزيت أولويتين لبنانيتين.

ثانيا: من الواضح في التداعيات المحلية لما بعد خطاب الرئيس في نيويورك ان تهويلا سياسيا وإعلاميا مكثفا يمارس ضد الرئيس تحت عنوان دعوته لمراعاة المجتمع الدولي ومواقفه من المقاومة التي تمارس الولايات المتحدة الضغوط الاقتصادية والسياسية المكثفة في جميع الاتجاهات لمحاصرتها معنويا وسياسيا وماليا ولشيطنتها شعبيا وبكل بساطة اعتبر أحد المسؤولين في القوات اللبنانية ومن هذه الزاوية ان ثقل حزبه مع حليفيه المستقبل والتقدمي داخل الحكومة هو ضمان وحاجة للمجتمع الدولي المزعوم.

في هذا الكلام ما يفضح حقيقة الرعاية الأميركية للتشدد في شروط التشكيل تحت عنوان الحجام والمطالب التي يتبناها هذا الثلاثي منذ استرجاع حرارة التحالف بين اطرافه بناء على تمنيات وطلبات اميركية سعودية جاهر بها العديد من المصادر السياسية والإعلامية وبالطبع ثمة تزوير في الكلام هنا عن مجتمع دولي في ظل الانقسام السياسي والاقتصادي المتمادي الذي تثيره حروب ترامب التجارية وعقوبات إدارته ضد الصين وروسيا وليس ضد إيران فحسب بينما يستمر التباعد الأميركي الأوروبي في الموقف من الاتفاق النووي وبات يقترب من تبلور انشقاق كبير داخل المعسكر الغربي تغذيه الحوافز الروسية الصينية والإيرانية المقدمة لكل من فرنسا وألمانيا وسائر دول الاتحاد الأوروبي فالواقع الدولي هو واقع انقسام وليس لبنان مكرها على الخضوع للمشيئة الأميركية بل لسلوك السبل التي تمليها مصالحه الوطنية بعيدا عن إملاءات الوصاية الأجنبية.

ثالثا: قدم احد قياديي المستقبل وهو نائب سابق معادلة اقتصادية لقراءة توازنات الحكومة المقبلة بقوله في تصريح له يوم السبت إن الدول المانحة لقروض سيدر لن تتعاون مع حكومة يكون فيها حضور فاعل لحزب الله ولحلفائه مكررا الفيتو الغربي على تولي الحزب لأي حقيبة وازنة خدماتية الصحة او سواها وهذا ما يعني ان الضغط السياسي المتصل بتوازن الحكومة من حيث تكوينها وخياراتها يلاقيه ضغط اقتصادي يستخدم القروض والتسهيلات المالية المتضمنة في سلة سيدر التي ساهم حزب الله في تسريع إقراراها خلال الجلسة التشريعية والغاية ترويض الموقف الرسمي الصلب من التهديد الصهيوني.

في خلاصة التعليق المستمر لتشكيل الحكومة ثلاث تحديات إقليمية ضاغطة سياسيا يسخر الأميركيون واعوانهم جميع الوسائل المتاحة لإخضاع لبنان الرسمي بشأنها ولفرض التجاوب مع طلبات واشنطن والخضوع لتهديدات تل أبيب وهذه التحديات هي : تصفية حق العودة وربط أي علاقة بسورية بالموقفين الأميركي والسعودي وإفساح المجال امام كل ما يستهدف المقاومة بعزل ومحاصرة الموقف الرسمي الداعم لمشروعيتها كما يعبر عنه الرئيس ميشال عون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى