بقلم غالب قنديل

حول حملة إعادة النازحين

غالب قنديل

تشير محاضر اجتماعات فريق العمل الروسي المشترك الذي يتولى التنسيق مع الحكومات المعنية لتنظيم حملة إعادة النازحين السوريين إلى وطنهم إلى ان خطته العملية انطلقت بإشارة سورية روسية لتتويج إنجازات الميدان الحاسمة بوضع أخطر المعضلات الإنسانية في طريق الحل .

القرار السوري بإعادة النازحين شامل ونهائي وكان أبرز ما تبلغه الفريق الروسي للتنسيق في لقائه مع الرئيس بشار الأسد وقد شرعت جميع الجهات المعنية في الدولة السورية بتحضير المستلزمات الإدارية واللوجستية في سائر المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الدولة ويتم مسح المناطق السكنية لحصر الأضرار والاحتياجات وفرز المعلومات وتسهم فرق هندسية ميدانية روسية وسورية مشتركة في هذا العمل الذي أقرت الحكومة السورية في سياقه مخططات توجيهية تضمنت إزالة العشوائيات وتحديد آليات حصول السكان على منازل بديلة بينما تجري تحضيرات الإيواء المؤقت للعائدين من النازحين السوريين ويفيد محضر اجتماع فريق التنسيق الروسي السوي إلى إحصاء نصف مليون مسكن مدمر بحاجة إلى إعادة بناء ومئات آلاف المساكن المتضررة التي تحتاج إلى ترميم.

التقارير التي أعدها فريق العمل المشترك للوزارات الروسية المعنية بالحملة أحصت العدد التقريبي الإجمالي للعائدين في نتيجة التقارير التي تسلمها الدبلوماسيون الروس من حوالي أربعة وعشرين دولة قدمت جداول للعائدين من مختلف دول العالم ويتخطى تعدادها السبعة ملايين نازح سوري سيعودون إلى وطنهم ويتركز الثقل الرئيسي في الدول المجاورة لسورية أي تركيا والأردن ولبنان بينما يقدر عدد العائدين من غرب اوروبا بمئتي ألف سوري حسب التقارير عن حصيلة جولة الوفد الروسي برئاسة الوزير سيرغي لافروف.

هذا الملف يتعدى في أهميته نطاق الرمزية السياسية والمعنوية التي تؤشر إلى اقتراب الحرب على سورية من خط النهاية فاسترجاع السوريين إلى الوطن هو قرار سوري مبدئي تحتمه الضرورات المبدئية والحاجة الاقتصادية والإعمارية والإنسانية.

تحتاج جميع القطاعات الإنتاجية السورية التي تنفض غبار الحرب وتنهض من جديد لاستئناف نشاطها إلى الأيدي العاملة وتفيد المعلومات ان كثيرا من المعامل التي عادت لتعمل تحتاج إلى المزيد من العمال والفنيين وهذا امر يرتبط بإنهاء ظاهرة النزوح واسترجاع القوة السورية المنتجة إلى داخل سورية وحيث يفضل المواطنون السوريون العودة إلى بلدهم ومساكنهم وإيجاد فرص العمل التي ستكون متوافرة بكثرة في الفترة المقبلة مع انطلاق عملية الإعمار بعد الحرب.

إن ما خبره النازحون خارج سورية ساعدهم في فهم قيمة ما توفره الدولة السورية لمواطنيها من رعاية وضمانات إجتماعية هائلة حيث لا مجال للمقارنة بين الواقع السوري والحياة في أي بلد آخر مع تكاليف الحياة المرتفعة ويستشعر السوريون في الخارج خصوصا أهمية تامين الدولة للتعليم والطبابة مجانا وتسهيلها للحصول على المساكن بطرق متعددة من خلال الأنظمة التعاونية المدعومة في المدن وبتكاليف أقل في الأرياف وبالتالي فالحملة التي تقودها الدولة السورية بالتعاون مع الشريك الروسي تلاقي تجاوبا واسعا في صفوف السوريين الذي يتمنون العودة إلى وطنهم.

حملات العودة شرعت تتقدم وتنتشر وفقا للخطط الموضوعة والتي تتضمن عمليات نقل جماعية وشاملة عبر البر والبحر والجو وتم تحديد المنافذ والتسهيلات الإدارية والأمنية المطلوبة وشرعت عملية تحضير قوائم الأسماء التي تتسلمها الاجهزة السورية المعنية لتوفير المتطلبات الأمنية والإدارية والقانونية لتسهيل استيعاب العائدين.

تشير المعلومات إلى ان الترتيبات اللوجستية على الحدود اللبنانية والأردنية قد تسبق المقلب التركي الذي تحيط به تعقيدات ناشئة عن الدور التركي النشط في العدوان على سورية وهو دور متواصل من خلال العلاقة التركية المباشرة بفصائل الإرهاب المجمعة في محافظة إدلب وكذلك نتيجة استمرار القطيعة بين الحكومتين التركية والسورية ورغم نظرة دمشق الحكيمة التي تقدم اولوية استرجاع مواطنيها على ملف شائك هو مستقبل العلاقة مع إحدى أخطر دول العدوان التي شاركت في تدمير سورية ويبدو ان المساعي الروسية والإيرانية تتركز في جانب منها على هذا الملف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى