بقلم غالب قنديل

المقاومة هي المعيار

غالب قنديل

تحل الانتخابات النيابية بعد تسع سنوات شهدت حروبا ضارية في لبنان ومن حوله محورها المركزي إعادة بسط الهيمنة الأميركية الصهيونية الرجعية على المنطقة بعدما تزلزلت وتصدعت.

اتضح منذ انطلاق العدوان على سورية ان غاية دول الغرب والحكومات العربية والإقليمية المتورطة هي نسف مرتكزات توازن الردع الذي أسقط الهيبة الإسرائيلية وجعل الكيان الصهيوني أسيرا لحالة من الارتباك والتردد عاجزا عن المبادرة إلى حروب جديدة خشية الكلفة العالية التي سيرتبها تصدي المقاومة ومحورها لأي عدوان ومنع تبلور محور المقاومة كتكتل إقليمي سياسي اقتصادي وعسكري عبر ضرب سورية حلقته المركزية وقوة الجمع منذ ثلاثة عقود وواسطة العقد جغرافيا واقتصاديا واستراتيجيا.

لبنان اليوم عرضة لضغوط مكثفة لمنع حسم انتمائه إلى محور المقاومة ولم يوفر الغرب الاستعماري وسيلة لفرض الوصاية على القرار اللبناني بالتعاون مع المملكة السعودية وحكومات الخليج وسائر الحكومات التابعة في المنطقة ولذلك فقد تحولت الانتخابات النيابية اللبنانية إلى ميدان للتدخلات الدولية والعربية سياسيا وإعلاميا وماليا ونظمت ثلاثة مؤتمرات دولية كبرى لدعم الفريق السياسي التابع للغرب والذي يمثل امتدادا للوصاية وهو خاض معركته الانتخابية بعناوين تحريضية ضد المقاومة بلغت حد استباحة جميع الوسائل والضغوط بما فيها ادوات التحريض المذهبي والفتنوي.

الفرز الحقيقي بين اللوائح والخيارات هو فرز بين خيار المقاومة والاستقلال وخيار الخضوع لوصاية الحلف الأميركي الصهيوني الرجعي ولامجال للمسايرة والمراوغة فاللوائح التي تستحق أصوات الناخبين هي الأقرب إلى نهج المقاومة وحلفها الوطني لأن ترجيح كفتها يعني رصيدا مضافا إلى خيار الصمود والممانعة في وجه محاولات الإخضاع والهيمنة.

لبنان يقف بالفعل على المفترق ولأصوات الناخبين دور رئيسي في بلورة معادلة السلطة والحكم للسنوات المقبلة وإذا كانت المعطيات توحي بصعوبة حصول تغيير جذري في الواقع السياسي فلأن التجربة الراهنة اكدت غياب القوى التغييرية الجذرية المستقلة عن قوى الهيمنة الاستعمارية الرجعية والقادرة على إحداث الفرق فقد اظهرت الانتخابات عيوبا كثيرة في الصف الوطني المقاوم منعت خوضه الانتخابات موحدا وبعثرت قواه في العديد من الدوائر بفعل الحسابات الأنوية الحزبية والفردية والطائفية.

أما ظاهرة ما سمي بالمجتمع المدني فعدا عن انقساماتها فهي لم تتقدم ببرامج تغيرية في مضمونها الاقتصادي والاجتماعي والتغيير الوحيد الذي تقترحه هو حلول ممثيلها على مقاعد القوى التقليدية الحاكمة ومما يثير الريبة في طروحاتها خضوعها لأجندة الأولويات الغربية في الموقف من المقاومة وسلاحها تحت قناع الدولة واحتكارها للسلاح.

رغم جميع الشوائب فإن التصدي للهيمنة الاستعمارية الرجعية الصهيونية ومنع تطويق المقاومة في الداخل وبالتالي التخلص من الوصاية بكل أشكالها بات ضرورة عليا في لبنان ويجب ان يصبح العنوان المركزي للنضال الوطني في السنوات المقبلة وسيكون البرلمان الجديد ساحة متاحة ومنبرا قويا للتعبير عن هذا التوجه من خلال النواب والكتل الملتزمة بالمقاومة وبنهجها الاستقلالي.

الواجب هو التصويت لصالح مرشحي النهج المقاوم لإسقاط الوصاية الاقتصادية التي تربط القروض بالخصخصة وبتدمير مرافق الدولة وخدماتها لحساب الشركات المحلية والأجنبية ولإسقاط الوصاية المصرفية التي تنقب عن قروش المقاومة وانصارها في حسابات اللبنانيين داخل القطاع المصرفي اللبناني.

لإسقاط الوصاية التي تمنع الجيش اللبناني من قبول الهبة الروسية او الإيرانية وتحظر عليه التعاون مع الأسطول الروسي في حوض المتوسط وتحظر أي تنويع لمصادر سلاح الجيش من خارج دول الناتو الخاضعة لشروط إسرائيل عبر منع لبنان من امتلاك أي سلاح يطور القدرة الدفاعية للدولة اللبنانية.

لإسقاط الوصاية السياسية على قرار لبنان بإقامة علاقات خارجية متوازنة تلبي مصالحه الحيوية عبر الانفتاح على سورية وإيران وروسيا والصين بدلا من الحجر عليه في زاوية الانحياز إلى الحلف الأميركي الصهيوني السعودي والرضوخ لخطط التوطين المحرمة في الدستور في أرخص ابتزاز عالمي لدولة ذات سيادة.

نتائج الصناديق يوم الأحد ستقرر حجم المسافة التي تفصلنا عن هذه الغاية والعبرة في خيارات الناس وسيكون للتقويم النقدي مجال لاحق بعد كل ما شهدناه في الحملات … فالمعارك مستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى