بقلم غالب قنديل

الانتخابات وخطر الوصاية

غالب قنديل

يرزح لبنان تحت وصاية أميركية سعودية متعددة الوجوه تمثل قيدا مانعا لانتقاله إلى صيغة سياسية للحكم بمفهوم الدولة الوطنية المستقلة السيدة وفي جميع مجالات السياسة والاقتصاد والمال والدفاع والإعلام تضغط على البنية السياسية اللبنانية مواقع النفوذ والهيمنة المرتبطة بالخارج لمنع تبني خيارات وطنية واضحة ولخنق المقاومة بشتى الوسائل والغاية النهائية هي إضعاف لبنان امام الحلف الأميركي الصهيوني السعودي الذي يمثل قوة الهيمنة الإقليمية التي سعت لتدمير سورية وإسقاطها وبعدما فشلت تسعى لمحاصرتها استباقيا ولعرقلة نهوضها .

رغم التداخلات والتشابكات والتحالفات التي يبدو بعضها سرياليا في المعارك الانتخابية إلا ان الخيارات الفعلية التي تجابه لبنان بعد هذا الاستحقاق سوف تتمحور بين معسكري قوى الوصاية وقوى المقاومة والاستقلال.

الأسئلة الجوهرية الكبرى بعد الانتخابات تتعلق بموقع لبنان وبمستقبله السياسي والاقتصادي وبالتالي بموقف الحكومة الجديدة من شروط الوصاية السياسية والاقتصادية التي تفرض على البلد بقرار اميركي سعودي ولمن سيرد على هذا الكلام بتهمة المبالغة نسرد الوقائع العملية ونسأل : إذا كان النأي المزعم حيادا افتراضيا بين المحورين المتصارعين في المنطقة والعالم أي بين المحور الأميركي الأطلسي السعودي ( …الصهيوني عمليا ) والمحور الروسي السوري الإيراني الذي يضم حزب الله فلماذا يتبع لبنان الرسمي سياسة منحازة إلى المحور الأول ويطبق قطيعة شبه تامة مع المحور الثاني.

أولا ما الذي يمنع لبنان من التفاهم مع روسيا على التعاون الأمني والعسكري وتوقيع بروتوكول تعاون مع الأسطول الروسي والجيش الروسي الذي بات حاضرا قرب الشواطئ اللبنانية وعلى الساحل السوري في قواعد بحرية وجوية ولماذا يفرض على لبنان ان يبقى محطة اميركية اطلسية دون التعاون مع روسيا رغم ما في ذلك من مزايا ومصالح لبنانية قابلة للتحقيق وخصوصا لجهة حماية حقوق لبنان البحرية النفطية المهددة من إسرائيل ؟

ثانيا ما الذي يمنع لبنان من تنويع مصادر سلاح الجيش اللبناني من روسيا وإيران في ظل قرار دول الناتو برفض تزويد لبنان بأي سلاح تعترض عليه إسرائيل لأنه يحد من قدرتها على استباحة الأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية سواء بقصد تحضير عدوان على لبنان تهدد بشنه باستمرار ام لاستعمال لبنان منصة في العدوان على سورية التي تربطها بلبنان اتفاقات دفاعية تعطلها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2005 ؟

ثالثا ما الذي يمنع لبنان من تحقيق مصلحته في تطوير العلاقات الاقتصادية مع سورية والعراق وإيران ومن التفاوض مع الدول الثلاث للدخول في ترتيبات الربط الإقليمي في شبكات الكهرباء والطاقة ونقل الركاب والبضائع وهي مشاريع طموحة وواعدة يجري إعدادها وهي تفتح لبنان على أسواق متطلبة ومجزية تجاريا وسياحيا؟

رابعا ما الذي يمنع لبنان من مناقشة ملف عودة النازحين بكليته وتفاصيله مع الحكومة السورية ولوضع خطة مشتركة لعودتهم إلى مناطق سيطرة الجيش العربي السوري ورفض شروط الاتحاد الأوروبي ونادي باريس للديون التي تنطوي على خطر التوطين الذي نص الدستور اللبناني على منعه ورفضه بأي شكل كان ؟

خامسا لو كانت المصلحة اللبنانية في إيجاد تمويل جدي بدون شروط سياسية تهدد السيادة ومصير البلد فالسؤال ما هو الدافع المنطقي الذي منع لبنان من التوجه إلى الصين وهي الدولة الأكثر ملاءة وقدرة مالية في العالم وهي مصدر الديون الأميركية نفسها ولماذا لم تطلب الحكومة اللبنانية قروضا صينية طويلة الأجل لتمويل مشاريع إنمائية بدلا من الوقوع في الفخ الأميركي الفرنسي السعودي وشروطه السياسية المهينة؟

سادسا إن النأي المزعوم يتكشف واقعيا عن الانحياز إلى المحور الأميركي السعودي في المنطقة وهو المحور الذي دبر وأدار العدوان على سورية لخدمة إسرائيل وطموحها إلى الهيمنة الإقليمية وسعى إلى استعمال لبنان كمنطلق لنشاط الإرهابيين عبر الحدود ووفر من لبنان بواسطة قوى محلية تابعة ومتورطة جميع الخدمات اللوجستية والإعلامية لعصابات التكفير والتوحش داخل سورية.

سابعا إن المحور الأميركي السعودي عازم على استهداف المقاومة لحساب إسرائيل وهو يسعى لمحاصرة إمكاناتها وقدراتها فيستبيح السيادة اللبنانية مصرفيا وإعلاميا من خلال العقوبات المالية الأميركية وعبر الحظر الإعلامي لمنابر المقاومة أو المتعاطفة معها والسلطات اللبنانية متغاضية متواطئة ومتكيفة بألف ذريعة وجوهريا هي متخلية عن واجبات سيادية تقضي بحماية القطاع المصرفي عبر رفض العقوبات الأميركية والتصدي لها بدلا من التكيف معها وبإجبار شركات الأقمار الصناعية على بث القنوات الوطنية المرخصة وفقا للقوانين اللبنانية وحمل الحكومة اللبنانية مسؤوليتها التامة عن حماية هذا النطاق السيادي عبر تأسيس باقة فضائية وطنية موحدة.

في يوم الانتخاب يطرح الاختيار بين لوائح المقاومة والاستقلال وبين لوائح الوصاية والقوى الخاضعة للهيمنة الاستعمارية الرجعية الصهيونية ويعود للناخبين حسم الصراع الفعلي ونزع المساحيق عن الوجوه الكالحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى