المفاجأة اليمنية

غالب قنديل

مع اكتمال دورة السنوات الثلاث على شن العدوان الإجرامي ضد الشعب اليمني تراكمت كمية من الحقائق والوقائع التي لابد من وضعها في حساب التوقعات والاحتمالات والنتائج مع بدء السنة الرابعة الذي سجل تصميما أميركيا على متابعة العدوان عبر تصويت مجلس الشيوخ برفض اقتراح يقضي بمراجعة موقف الولايات المتحدة وبانسحابها رسميا من إدارة الحرب على اليمن وجاء هذا التصويت إعلانا لسر كان معروفا على اوسع نطاق في اليمن والبلاد العربية حول الدور القيادي الأميركي في شن حرب الإبادة ضد الشعب اليمني بالشراكة مع المملكة السعودية ودولة الإمارات وشركاء آخرين.

رغم الثرثرة الدبلوماسية المستمرة عن وقف الحرب المدمرة وعن وقف عمليات القتل الجماعي المتواصلة والتباكي على اطفال اليمن يبدو واضحا ان تلك الحلقة الدموية سوف تستمر وقد علقت فيها القيادة السعودية وشركاؤها بمن فيهم الأميركيون الذي اداروا اوسع عمليات توريد للسلاح والذخائر وتأجير للخدمات اللوجستية شملت الأقمار الصناعية وكانت تلك الحرب الإجرامية بالنسبة للبنتاغون ولشركات صناعة الأسلحة وغيرها موسما حافلا بالصفقات والأرباح بشكل لم يسبق له مثيل مما يثر افتخار الرئيس دونالد ترامب الذي تصرف في استقبال ولي العهد السعودي كمندوب مبيعات عند الشركات الأميركية وطالب ضيفه بوقاحة بمزيد من الأموال والصفقات فوق ما جمعه خلال زيارته إلى الرياض التي دشن بها نشاطه الخارجي بعد دخول البيت الأبيض وتباهى بحصادها الثمين وفقا لنظريته المعروفة عن حلب اموال السعودية وهي العملية التي يعتبرها ترامب ومجموعة تجار الحروب في واشنطن استيفاء لتكاليف حماية غير مدفوعة سابقا.

المعادلة المدهشة والمتوقعة رسمتها صلابة الصمود الشعبي في اليمن رغم كل ما ارتكب من مجازر جماعية ومع استمرار الحصار البري والجوي والبحري وتفاقم مظاهر المجاعة وتفشي الأمراض التي تنهك ملايين اليمنيين في العديد من المناطق وهو ما يبرز من خلال التصميم على مواصلة القتال والعمل الجدي الحازم والدقيق على تطوير القدرات الذاتية الرادعة للعدوان من خلال ابتكار طرق متقدمة علميا لتحديث ترسانة الصواريخ القديمة التي كانت في حوزة الجيش اليمني بحيث باتت الصواريخ اليمنية قادرة على دك مواقع محددة بدقة في العديد من مدن شبه الجزيرة العربية وهو المر الذي ينعكس على الحكم السعودي معنويا وشعبيا بصورة كبيرة وهو أسلوب الردع الذي يأتي بعد اختبار إمساك القوات السعودية من حزامها عبر المناطق الحدودية.

انهم الحفاة العراة المتمسكون بكرامتهم عبر العصور يدافعون عن استقلال بلدهم ويرفضون الرضوخ للمشيئة الاستعمارية الرجعية كما فعلوا دائما وتصدوا للغزوات التي لم تستطع ولا مرة بلوغ رؤوس الجبال الوعرة التي تحتضن صخورها القاسية محاربين متمرسين ومستعدين للموت.

مع إرادة القتال وصلابة الإيمان الوطني والمعتقدي يمتلك اليمنيون عقولا وخبرات علمية وتقنية مبهرة في إنجازاتها التي ظهرت في الميدان وفي تطويعها للتقنيات الحديثة ومواكبتها للهندسة الصاروخية المتقدمة في ضبط المدى المجدي والتحكم بدقة إصابة الهدف وهو الإنجاز الكبير الذي تحقق وسط حرائق الحرب وتحت وابل النيران وهو يشهد لهذا الشعب بطاقة هائلة في الخلق والإبداع وهضم العلوم الحديثة الأشد تطورا وتعقيدا.

إنها أهم المفاجآت اليمنية المذهلة التي تعكس لعبة الاستنزاف وتردها إلى النظام السعودي الذي يظهر تصميما على مواصلة الحرب دون جدوى بتحريض اميركي إسرائيلي ولكليهما الولايات المتحدة والدولة العبرية أهداف خاصة من وراء الإبادة المستمرة فالولايات المتحدة ومعها إسرائيل تدركان جيدا ان اليمن يمضي بقيادته الجديدة في طريق الانحياز إلى محور المقاومة والشعب اليمني معبأ بفكرة تحرير فلسطين وبالقتال ضد العدوان الصهيوني بوصفه التزاما تحرريا يمنيا يرتبط به استقلال اليمن الذي يريده أبناؤه بكل حزم ويستشهدون من اجله.

تتحول تلك الحرب إلى ميدان إقليمي ودولي واسع ومتشابك وهي تكشف ظلم العالم وقواه الكبرى المتورطة في العدوان وهي وصمة على تلك الحكومات والدول التي تصمت على استمرار الجرائم ضد الإنسانية على أرض اليمن وبالنسبة لشعب اليمن العظيم هي عض أصابع يعمل اليمنيون على كسبه في النهاية مهما طال الزمن فهم أسياد البر والبحر عبر العصور ولديهم ميزة الاكتفاء الطبيعي ويجيدون استنبات حاجاتهم من أرضهم واستخراجها من بحرهم رغم الحصار وقد عوضوا قوة الجو بصواريخهم المحدثة التي تربك حلف العدوان وتردع احدث الطائرات الحربية والمعادلة التي عرضها الرئيس الصماد امام الحشد المليوني في صنعاء قبل أيام ستفرض نفسها واقعيا في موعد سيأتي : قصف الصواريخ مقابل الغارات وعندما سيتحقق ذلك الردع واقعيا ستكون بداية مسار جديد وثمار صمود وعناد ينتزعان اعتراف واحترام العالم كله.