بقلم غالب قنديل

الاحتلال التركي سيقتلع

غالب قنديل

لامجال في سورية للتخفيف من وطأة الغزو التركي والتدخل الذي انطلق مع بداية العدوان الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة وادير من غرف عمليات اسطنبول والشارع السوري ينظر باستنكار شديد وبوعي وطني إلى دور تركيا في احتضان عصابات الإرهاب والتدخل الوقح في شؤون سورية الداخلية منذ البداية ويحصي الناس خطابات أردوغان المشحونة بالتحريض والعداء لبلدهم مستذكرين الماضي العثماني البشع والأطماع الدفينة لأردوغان وحزبه الأخواني وللسرقة المنظمة التي قامت بها عصابات تابعة للمخابرات التركية في مدينة حلب حين أحضرت الشاحنات الضخمة والرافعات العملاقة لتقتلع آلات متطورة من المعامل السورية وتنقلها إلى تركيا ويروي صناعيون سوريون ان لصوص عصابة أردوغان حرصوا على سرقة سجلات زبائن معاملهم ضمن المنهوبات التي حملوها.

كمية ضخمة من علامات البشاعة والحقد والأطماع المرتبطة بالهيمنة وبرغبة الانتقام تفيض بها التصرفات التركية العدوانية ضد سورية شعبا ودولة ولا تخفيها مناورات أردوغان الخبيثة مسايرة لروسيا وإيران او تحاشيا للصدام معهما لكن الأكاذيب العثمانية لا تنطلي على القيادة السورية التي أصرت منذ البداية على رفض الاحتلال التركي وتحفظت على جميع محاولات تجميل الموقف التركي وتغذية الرهان على تطويعه وقد أعطت حليفيها الروسي والإيراني وقتا كافيا لاختبار فرص شل الدور العدواني الهجومي لتركيا التي استثمرت في التفاهمات المعقودة مع القيادتين الروسية والإيرانية لتوسع من احتلالها وعدوانها داخل الأراضي السورية واستغلت الاختلاف بين الدولة الوطنية السورية والقيادات الكردية التي أعماها الرهان على الوعود الأميركية بينما كانت تركيا توسع من رقعة ما تغتصبه من الأراضي السورية.

لولا ذلك الاختلاف لتوافرت فرص جدية لتحرك مقاومة شعبية هادرة ضد العدوان التركي السافر عبر وحدة الموقف والإرادة القتالية فجاهل او غبي من يعتقد ان العدوان التركي خارج السيطرة الأميركية فمنذ سبع سنوات كان الدور التركي النشط في العدوان على سورية عبر الدعم المباشر لعصابة الأخوان ولزمرة داعش وعصابات القاعدة استجابة لخطة اميركية عبرت عنها قيادة مدراء الاستخبارات الأميركية وقادة المنطقة الوسطى للجيوش الأميركية في غرف العمليات التي شاركت فيها السعودية وقطر وإسرائيل إلى جانب دول الناتو وخصوصا بريطانيا وفرنسا.

الصمود السوري فرض تحولا في ميزان القوى الميداني وهو نجح في إفشال ادوات الحرب بالوكالة ولذلك بات الطاغي في الحرب على سورية هو الحضور المباشر لدول العدوان وجيوشها وهذا يشمل بالذات تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة بعد تآكل قدرات داعش والقاعدة ومثيلاتهما امام سورية وحلفائها الصادقين.

الاحتلال التركي سيقتلع بالقوة إن لم ينكفيء بنتيجة الموقف السياسي الصلب لسورية وحلفائها ومن الواضح ان الحكومة السورية التي راكمت موقفا سياديا صارما ضد العدوان التركي على أراضيها وشعبها قد كونت ملفا حقوقيا وسياسيا لدى الأمم المتحدة يوفر مشروعية كاملة لأي مقاومة شعبية سورية ضد الاحتلال التركي ولأي مبادرة ميدانية قد يستنسب الجيش العربي السوري القيام بها في التوقيت الذي يجده مناسبا تبعا لجدول اولويات مهامه الدفاعية عن أرض سورية وشعبها.

الأطماع التركية لا تقل خطورة عن الأطماع الصهيونية وقناة الشراكة في العدوان مفتوحة بين تل أبيب وانقرة بقيادة واشنطن وجميعهم مع فرنسا وبريطانيا هم شركاء في دعم بقايا عصابات التكفير على الأرض السورية والسعي لإطالة امد الاستنزاف فهم يخشون نهوض سورية كقوة إقليمية قادرة على ردع المعتدين الطامعين وفرض معادلات قوة جديدة.

المتوقع من احرار سورية ان يتحركوا تلبية لنداء المقاومة الشعبية ضد الاحتلال التركي وواجب الوطنيين السوريين من الأكراد ان يقلبوا الطاولة على المحتل الأميركي والمحتل التركي والعدو الصهيوني فهي معركة واحدة لاستقلال سورية ولا مجال فيها لمناورة او مراوغة والمنطقي هو الالتفاف حول القيادة السورية وموقفها المبدئي والشجاع في رفض الاحتلال التركي الذي ستعبر عنه المقاومة في الميدان التي لا ينبغي ان تتأخر بشائرها لتتكامل مع جهود الجيش العربي السوري في الدفاع عن الوطن وتحرير أرض سورية من الإرهابيين ورعاتهم المحتلين في جميع المناطق السورية وكل موقف متخاذل او متردد او مائع يحتسب خيانة في مثل هذا التوقيت المصيري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى