بقلم غالب قنديل

المقاومة تطرق أبواب التغيير

غالب قنديل

شكل خطاب السيد حسن نصرالله الذي كرسه لبرنامج حزب الله الانتخابي نقلة مهمة في تجربة الحزب السياسية والانتخابية على السواء فهو تضمن أهدافا عملية مباشرة يتعهد نواب كتلة الوفاء للمقاومة العمل لتحقيقها من خلال السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال السنوات الأربع المقبلة.

هذا ما يمثل انعطافا كبيرا في سيرة الحزب الذي تنكب منذ امد بعيد مسؤوليات شاقة في الدفاع عن الوطن وتكبد تضحيات جليلة في تحرير الأرض من الاحتلال الصهيوني والتصدي لخطر التهديد الإرهابي وفي بناء منظومة الدفاع والحماية بالشراكة مع الجيش الوطني وكان رده المتكرر على مطالبيه بالانتقال بعد التحرير هجوميا إلى العمل من اجل الإصلاح الداخلي بأن التحديات الدفاعية لا تزال ملحة آملا من القوى المؤمنة بالتغيير والإصلاح ان تستكمل جهد المقاومة بحركة شعبية ضاغطة لفرض التغييرات الممكنة على الواقع السياسي.

برنامج الحزب الانتخابي الذي أعلنه سماحة السيد يوم امس يمثل التزاما من المقاومة بأجندة تغيير واقعية سيجري العمل لإنجازها خلال السنوات الأربع المقبلة وما دفع الحزب إلى هذه النقلة المهمة هو تفاقم مظاهر الاهتراء والتعفن داخل البلاد وعجز القوى الشعبية واليسارية عن ملاقاة جهود المقاومة في الحياة الوطنية وهو ما برهن عليه السيد عبر الإشارة إلى عثرات المساعي التي يبذلها حزب الله لتجميع الحلفاء والأصدقاء في لوائح مشتركة مما يبرز معضلة ناتجة عن التخلف في مستوى نضج هذه الأطراف الحليفة للمقاومة ومدى استعدادها للتضحية والتواضع في سبيل خدمة الأهداف المشتركة وهذا يشمل سائر القوى الوطنية المنتمية لحلف المقاومة التي باعدتها انتخابيا حساسيات وتعارضات ومناكفات غير مبدئية قذفت ببعضها احيانا إلى تحالفات مع خصوم الخيار المقاوم والوطني.

رسالة السيد حسن نصرالله واضحة بقرار قيادة حزب الله التصدي لمهام الإصلاح الداخلي والتغيير السياسي منذ تصميم الحزب على اعتماد النظام النسبي في الانتخابات النيابية مع التعهد بالعمل لاعتماد الدائرة الواحدة في المرحلة القادمة وضمن برنامج الحزب الإصلاحي الذي يتقدم به إلى الانتخابات وأي منصف لا بد وان يعترف لحزب الله ولأمينه العام بفضل التوصل إلى اعتماد قانون نسبي رغم الشوائب العديدة المنظورة والمشكو منها.

من البديهي ان يكون حزب الله في مقدمة التصدي للفساد ولنهج المديونية الذي يدمر فرص التنمية الحقيقية عبر النهوض بالصناعة والزراعة والسياحة والحفاظ على الثروة المائية واستثمار الثروة النفطية المستجدة فتلك هي في العمق محاور سيادية ترتبط بالدفاع عن الاستقلال الوطني في وجه تهديد الهيمنة والوصاية الأجنبية ويبدو ان الحزب حرص عامدا على إبقاء برنامجه ضمن الحدود المحلية المحصنة من المنازعات السياسية حول الخيار الإقليمي فواقع الحال أن علاقة عضوية تربط لبنان بسورية والعراق تجاريا واقتصاديا وحتى خصوم المقاومة يدرجون تطلعهم اليائس إلى حصة من عقود الإعمار في سورية ولا يهملون هذه الحقيقة بل هم ينشرون حولها اوهاما من العيار الثقيل بالرهان على رعاتهم في الغرب والخليج بينما حزب الله قوة تميزها فعالية إقليمية ضخمة لا سيما بالنسبة لسورية والعراق وقد قصد السيد عدم التطرق لأي موضوع قد يتعلق البت به وتحويله إلى سياسة رسمية لبنانية بحسم اختلافات مستعصية حول العلاقة بالمحيط بفعل وجود اطراف لبنانية تمثل فعليا مرتكز الوصاية الأميركية السعودية المانعة لأي علاقة طبيعية مع سورية التي تخوض الفصول الحاسمة من كفاحها ضد العدوان الاستعماري الذي تورطت فيه تلك القوى اللبنانية كما أشار سماحة السيد غير مرة.

برنامج حزب الله الانتخابي يعني قرارا عمليا باقتحام المقاومة بوابات التغيير في النظام اللبناني وبالأفق الإصلاحي الوطني الذي يؤمن به جميع التغييريين الفعليين في لبنان بجميع مدارسهم واتجاهاتهم وعقائدهم وعلى أساس هذا البرنامج يفترض ان ينحاز هؤلاء إلى لوائح المقاومة والخيار المقاوم في جميع الدوائر لأنهم بذلك يدعمون جهدا مكرسا لشق الطريق إلى آفاق جديدة في الحياة الوطنية وإلى تعديل جوهري في بنية النظام السياسي المتحجر والمتخلف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى