بقلم غالب قنديل

قائد المقاومة الشعبية العربية

غالب قنديل

إلى البطل الشهيد عماد مغنية

غدا ستكون انت كل الكلمات في ذكراك العاشرة وسيتحدث القائد الذي جمعتك به مسيرة جهاد واخوة وحب واحترام وولاء فاسمح لي يا اخي وصديقي الحبيب ببضع كلمات في هذا اليوم عشية احتفالنا بذكرى استشهادك وقد قلت يومها عبر قناة المنار وفور تلقينا الخبر المشؤوم ان السؤال الطبيعي هو كيف استطعت الإفلات من مؤامرات خمسة وعشرين جهازا اجنبيا وعربيا يقودها الموساد ولا يسأل كيف نالوا منك اخيرا بعد مطاردات ربع قرن تغلبت فيها عليهم باعترافهم واحيانا قلبت اللعبة فجندت المرسلين لاغتيالك كما اعترف أبرز مطارديك من المخابرات الأميركية المجرم روبرت باير.

طيفك الجميل يرتسم مع كل شروق وغروب في فلسطين وابتسامتك تطل مع كل نسمة من تلال عيترون وبنت جبيل ووادي الحجير وسهل الخيام وقمة صافي وسفوح جبالنا التي حررها أبطال المقاومة من وحوش التكفير وكلاء صهيون … لك وحدك مع رفاقك عرس الحرية وغناء الانهار والعصافير والمطر وحفيف الشجر وفوح الزهور في ربوع روتها الدماء ولك زغاريد اعراس الجنوب والبقاع واحتفال بيوت بسيطة تنبت مزيدا من السواعد والقبضات التي تتعلم في رحابك معنى البطولة.

عماد مغنية أيها البطل الذي عشق الظلال ونذر حياته للحرية مقاوما مقاتلا على مدى الشمس والقمر في شرقنا العظيم وظل عشقك الأزلي فلسطين بقوة الوعي وبعد النظر كما عرفتك في لقاءاتنا المتباعدة التي كنت تختار مكانها وزمانها.

بعيد اتفاق الطائف ناقشنا الوضع الجديد في البلاد وآفاق التطور السياسي اللبناني المحتمل والعلاقة اللبنانية السورية وقلت لي : “نحن في المقاومة لا نعول كثيرا على احتمالات الإصلاح في ظل التكالب الاستعماري الصهيوني الرجعي والمشيئة الاستعمارية هي منع بلداننا من أي تقدم او تطور وهم يحركون الحروب والفتن ليدمروا بلداننا وليتوجوا الصهاينة قوة مسيطرة في المنطقة ولذلك فأولويتنا بعد الطائف حماية المقاومة والتحرير الناجز لأرضنا المحتلة وقيام جيش وطني لا يطعن المقاومين في ظهورهم وهذه أهداف نامل ان ينجح الوطنيون في فرضها بالتحالف مع سورية وعليكم ان تهتموا بها لنتفرغ للقتال ضد الاحتلال والباقي تفاصيل ليست من اولوياتنا فقبل اقتلاع الاحتلال الصهيوني من جذوره وتحرير فلسطين لن تتحرر الإرادة العربية وسوف تتواصل حلقات الاستنزاف والحروب” وقد حققت استراتيجية سورية بعد الطائف تلك الغاية التي تحدثت عنها باختيار قائد وطني للجيش هو العماد إميل لحود وبالتدخل المتواصل لحماية المقاومة من بطش المتواطئين عليها من فريق الشركة اللبنانية السورية العابرة للحدود ومن المؤامرات السعودية الأميركية التي تجند العديد من الساسة والإعلاميين وتحشد الجواسيس في زوايا لبنانية كثيرة حتى اليوم وعباراتك تلك كانت تختصر ما شهدناه طيلة العقود الثلاثة الماضية وقد اوفيت الوعد بالتحرير وبمعادلات الردع والقوة التي كنت طامحا لفرضها.

عندما لاقيتني مرة بصورة مفاجئة كالعادة ولمحت على محياك معالم بهجة واحتفال استوضحتك عن السبب قلت لي إني ادرس واتعلم كل استراتيجيات القتال في العالم واكتشف كل جديد في فنون الحرب عبر التاريخ وكنت تخبرني بلهفة الطالب الذي يتعلم ويكتشف ويدرس مبتهجا بلذة الحصول على المعلومات والقواعد والابتكارات في حروب البر والبحر والجو النظامية والشعبية وتوجت كلماتك بالقول “سنبني مقاومة تدهش العالم” كان ذلك أيضا في مستهل تسعينيات القرن الماضي ولم يطل الزمان حتى قدمت لنا البرهان في انتصارات مبهرة توجتها من نيسان إلى أيار إلى تموز واليوم يا صاحبي تتسابق اكاديميات العلوم العسكرية عند جميع اعدائك ومن تآمروا عليك واولهم الأميركي البشع على دراسة ما فعلت وما خططت له وانجزته وهم يتحدثون جهارا عن مذهب جديد في الاستراتيجية العسكرية وطريقة مبتكرة في الدفاع عن الدول الصغيرة ذات الإمكانات القليلة وهي استراتيجية تحمل توقيعك مع رفاقك الأبطال الذين يواصلون الابتكار والخلق.

عشر سنوات وحضورك الطاغي يضج في الأرجاء انتصارات في حروب الوجود وقد احتفلت بك سورية حبيبتك الجريحة من حلب إلى دير الزور وكان اخوتك فيها سادة الميدان مع رفاقهم من جيشها الأبي وعيناك هي الراية التي خفقت لكل انتصار وفلسطين التي عشقتها حتى النفس الأخير نهض فيها ومنها جيل جديد وقادة شهداء على دربك وبأسلوبك ونذرك فهاك الجراج والجرار وعروسنا عهد الأسيرة علامات بطولة وفداء لا ينضب تستلهم دروبك في النضال والكفاح والمقاومة وقد ارتفعت صورتك علامة حضور مع راية فلسطين وصورة السيد القائد أبو هادي.

اما العراق الذي أرسلت لي تبشرني ذات يوم بما زرعت فيه ففصائله تعلن انتماءها إليك بوفاء وانت المعلم وهي على العهد جاهزة في أي قتال ضد الصهاينة وأبطالها الذين هزموا داعش يحفظون لك القسم والولاء وفي اليمن أبلغ المقاومون الحفاة العراة سماحة السيد نصرالله انهم قادمون بنداء المقاومة ورهن الإشارة … إنه احتفالك العظيم تتحضر له امة بأسرها بقسمك على تحرير فلسطين وتدمير الكيان الصهيوني.

أيها الفتى العاملي العظيم حلمك الجميل يكبر ويتحقق فكيف تموت وكل ما يجري علامة لحضورك ولفكرك ولبصمتك ولإبداعك فانت طريق المقاومة الشعبية المقاتلة التي غيرت تاريخ هذا الشرق وأذلت المستحيل لك المجد .. لك العهد .. ورايات نصر تلوح فوق التلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى