بقلم غالب قنديل

الأولويات الوطنية اللبنانية

غالب قنديل

كثيرة هي المشكلات والتهديدات التي تدعو اللبنانيين إلى القلق والخوف من المستقبل رغم دروع الحماية التي تفرضها منظومة الدفاع المكونة من الجيش والشعب والمقاومة وقد أثبتت جدواها وفاعليتها الحاسمة في مجابهة التهديد الصهيوني المستمر وفي التصدي لخطر الإرهاب التكفيري الوجودي الذي عصف بلبنان والمنطقة العربية.

انطلاقا من طبيعة التهديدات والمشكلات الراهنة يمكن استخراج الأولويات الوطنية لهذه المرحلة :

أولا التمسك بالمقاومة ورفض استهدافها من أي جهة كانت والحرص على المعادلة الثلاثية: الشعب والجيش والمقاومة في ضوء التجارب التي اكدت أهميتها وما تنطوي عليه من قدرات وإمكانات في التصدي للمخاطر الداهمة التي عصفت بالوطن خلال السنوات الأخيرة ومنذ حرب تموز 2006 حتى اليوم.

هذا التوجه يستدعي اعتماد لبنان الرسمي لنهج جديد في التصدي للضغوط الأميركية والغربية التي تستهدف المقاومة بدلا من تسهيلها والتجاوب والتكيف معها بذريعة العجز عن صدها وكأنها القدر المحتوم فمن المشين ان يستسيغ المسؤولون فتح سجلات المصارف اللبنانية للمراقبة الأميركية بحثا عن أموال تعود لحزب الله او تتصل بنشاطه او بجمهوره ومسانديه من الشعب اللبناني لقد سبق لدول عديدة أن رفضت الخضوع للتدابير الأميركية التي تعامل في لبنان وكأنها قرارات دولية فالطبيعي هو التحرك ضد الاستهداف الأميركي الذي ينتهك السيادة الوطنية.

ثانيا تنفيذ خطة وطنية لتعزيز قدرات الجيش اللبناني وتطويرها عبر تنويع مصادر السلاح بصورة تتيح له الحصول على الصواريخ المضادة للطائرات والبوارج وتزويد القوات النظامية الوطنية بالتجهيزات والتقنيات اللازمة للدفاع عن الوطن بالتكامل مع المقاومة برا وبحرا وجوا وهذا يفترض التخلص من نزعة الارتهان إلى دول الغرب في عمليات التدريب والتجهيز الخاصة بالجيش الوطني وقبول العروض غير المشروطة لاسيما الروسية والإيرانية لتزويد الجيش بالسلاح الفعال والمناسب لخططه الدفاعية دون اعتبار للقيود الأميركية والغربية التي تعكس انحياز دول الناتو إلى الأولويات الصهيونية.

ثالثا إسقاط الوصاية الأميركية السعودية ورفض إملاءاتها بمنع التواصل الجدي لتطوير علاقات لبنان بالشقيقة سورية وبإيران وروسيا والصين على جميع الأصعدة لاسيما الدفاعية بالنسبة لسورية والاقتصادية عموما واعتبار هذه الشروط انتقاصا من السيادة والاستقلال ومنعا للدولة اللبنانية من انتهاج السياسة التي تجسد مصالحها وتفتح لها آفاقا واسعة للتطور والتنمية ومضاعفة المقدرات والفرص امام تطور الاقتصاد اللبناني بجميع فروعه ومؤسساته.

رابعا التخلي عن الأوهام والفرضيات التي تحصر التوجه اللبناني في اولوية العلاقات بالغرب والخليج بينما تحيط بمنطقتنا وبالعالم تحولات كثيفة ومتسارعة تؤشر إلى نهوض الشرق وتحوله إلى مركز للثروة العالمية وفي حين تتيح علاقة الأخوة والجوار مع سورية فرصة نادرة للعب دور حيوي ضمن التكتل الشرقي الناشئ لاسيما مع انطلاق عملية إعادة البناء الوطني السورية التي تحفز العديد من الرساميل والشركات اللبنانية الوطنية.

خامسا كسر الحلقة المفرغة التي تنذر بخضات طائفية متلاحقة عند كل اختلاف بين المسؤولين وترسيخ الوحدة الوطنية للشعب من خلال تطبيق المادة 95 من الدستور ومباشرة البرلمان المنتخب لمهامه الدستورية بوضع وتنفيذ خطة وطنية شاملة تقود إلى إلغاء الطائفية السياسية عبر قيام الدولة المدنية اللاطائفية في مدى زمني محدد ورفض أي وعود معلقة دون تحديد كما جرى في نصوص ميثاق 43 وفي وثيقة الطائف فالمهل المفتوحة والمعلقة تفتح شهية القوى المسيطرة على الحكم لتحويل الأحكام الانتقالية إلى نظام دائم ومؤبد.

سادسا تنفيذ تحديث إداري شامل ينقل الدولة اللبنانية إلى العهد الرقمي ويبسط المعاملات الخاصة ويتيح إنجازها دون حاجة إلى وساطات سياسية كما درجت العادة منذ الاستعمار العثماني إلى اليوم فهذا ما يشكل أحد اخطر مظاهر الفساد والتواطؤ العام في خرق القانون وانتهاك مبادئ المساواة بين المواطنين.

سابعا تطوير الإعلام العام والخاص وتحديثه عبر إقامة شبكة وطنية للبث الرقمي تحقق المساواة بين المواطنين وتنشر الخدمات التفاعلية الرقمية وتنهي القرصنة على حقوق الدولة وتوفير كل الدعم لمضاعفة القدرات الإنتاجية الوطنية في كافة المجالات خصوصا الفنية والثقافية والعلمية باعتبار طاقة الإبداع ميزة لبنانية نوعية ينبغي العمل على تطويرها ومضاعفة عائداتها الحضارية والمادية.

ثامنا كسر منهجية الاستدانة ورهن المستقبل وإسقاط عادات التسول المعيبة وتنفيذ خطة اقتصادية شاملة تنطلق من تطوير الصناعة والزراعة والسياحة واستثمار الموارد المائية والنفطية والغازية لبناء قطاعات منتجة تعزز القدرات الوطنية وتضاعف فرص العمل وربط المنظومة الجامعية الأكاديمية بأسواق العمل بدءا بتطوير الجامعة اللبنانية بوصفها قائدة التعليم العالي الوطني وإعادة تنظيم الجامعات الخاصة والتعليم الخاص ووضعه تحت رقابة مالية وتربوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى