بقلم غالب قنديل

اوقفوا هذا الفلتان الخطير

غالب قنديل

بلغت السجالات المشتعلة بين مناصري حركة امل والتيار الوطني الحر مرحلة بالغة الخطورة بعد الشريط المسرب للوزير جبران باسيل والذي صرح واصفا ما قاله فيه عن الرئيس نبيه بري بأنه يخالف ادبيات التيار ولا يبرر ذلك ورود الكلام في حلقة ضيقة خصوصا بعدما انتشر وأثار غضبا واسعا علما أن التسجيل واضح وظهر فيه الوزير متحدثا خلال لقاء شعبي او حزبي.

إننا امام مخالفات صريحة لنهج التفاهمات والشراكة الذي بشر به الرئيس العماد ميشال عون منذ تفاهم مارمخايل وحرص على تجسيده بقوة اتجاه سائر الاطراف السياسية التي تعامل معها بروح الحوار والسعي لتخطي الاختلافات الكثيرة والمعقدة وقد حذر فخامة الرئيس في حديث تلفزيوني أدلى به مؤخرا من خطر تضخيم الاختلافات القائمة وتحويلها إلى تناحر سياسي وهو كان يلمح إلى ما عرف بأزمة المرسوم وما ظهر من اختلاف بشأنها بينه وبين دولة الرئيس نبيه بري.

السجال الإعلامي يتمادى وتنتهك فيه محرمات كثيرة وهو يتحول إلى تحريض مدمر وخطير بالخروج عن أدبيات التخاطب وبتعميم الشتيمة السياسية ما يفترض تدخلا عاجلا من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري لضبط الأمور ومنع انفلاتها بصورة مؤذية ويجب ان يسقط من التعامل مع هذا السجال تبرير انه تعبير عن تنافس انتخابي فهذه مغالطة خطيرة تكشفها حقيقة ان لا معارك كبرى في الانتخابات بين التيار والحركة حتى لو ذهب بعض المحللين والمعلقين إلى تكهنات افتراضية بائسة ولا تستحق النقاش من نوع الكلام عن معركة رئاسة المجلس فهذا امر تحكمه قواعد وفاقية مسلم بها ومكانة الرئيس نبيه بري وزعامته فوق النقاش وتحالف حزب الله وحركة امل يثبت اكثر فأكثر متنانته وقوته وما من جهة داخلية او خارجية تمتلك القدرة على هزه.

بصراحة ينبغي على قادة التيار وإعلامييه ان يضعوا في اعتبارهم انحياز جمهور المقاومة الواسع إلى الرئيس نبيه بري ضد الحملات التي تستهدفه والشراكة بين أمل وحزب الله هي الأرضية الصلبة لخيار المقاومة ولثباتها كحالة شعبية ومن يدير ظهره لهذه الحقيقة يرتكب خطأ منهجيا جسيما ويخطيء سياسيا في إدارة علاقته مع أي منهما ومنذ تفاهم السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري تكرس التكامل الذي مثل جسرا قويا قام عليه بنيان العمل الوطني في السنوات الأخيرة وهو في نظر قيادة حزب الله وجميع مناصري خط المقاومة مدماك لا يقل اهمية عن تفاهم مار مخايل بين السيد نصرالله والعماد ميشال عون.

من المعيب ترك الحبل على الغارب والتفريط بمكاسب استراتيجية تحت عنوان شد العصب الانتخابي عبر اختلاق عداوات افتراضية وتعميم خطاب متطرف يمثل ردة على كل ما بشر به الرئيس العماد ميشال عون فبعض المساهمات الإعلامية في السجال حملت بوادر خطيرة سواء باعتراض مقاطعة التطبيع ام بالحملة على كلام للوزير الياس أبوصعب كان موضوعيا ومتزنا حول الوجود السوري وكأنما أراد احد ما إكمال موجة التحريض بنبش العداوة ضد سورية التي اعلن العماد عون نهايتها بشرف وشجاعة واتخذ موقفا مشهودا بالتضامن مع الشقيقة سورية ضد العدوان الذي يستهدفها.

يهمني كصديق للتيار الوطني الحر ربطتني علاقة حوار وتفاعل مع قيادته طوال سنوات ان انبه إلى المخاطر الجسيمة الناشئة عن التمادي في خلل كبير سياسيا وإعلاميا استنادا لما يلي :

أولا الرئيس نبيه بري رجل دولة وقامة وطنية كبيرة وزعامة شعبية راسخة وهو أحد كبار أركان ومؤسسي خط المقاومة في البلد ورئيس حركة امل القوة السياسية الرئيسية المشاركة في الحياة السياسية الوطنية وفي العمل لإصلاح النظام السياسي قبل الطائف ومن بعده ومن حق أي جهة ان تعبر عن اختلافها مع الرئيس بري لكنها ملزمة باحترام مكانته وما يمثله شعبيا وسياسيا وبالتزام آداب التعبير والمخاطبة السياسية.

ثانيا تقدمت حركة امل الصفوف لإسقاط اتفاق 17 أيار لتحرير البلاد من الوصاية الأميركية الصهيونية ولإنهاء الحرب الأهلية وقيامة الدولة بمؤسساتها وهي القوة الوطنية الرئيسية المقاتلة التي حاربت الطائفية وقدمت الحماية لأهلنا المسيحيين وحافظت على مؤسسات الدولة وفكرة الدولة في جميع مناطق وجودها وهذا ما كان تجسيدا لتوجيهات الرئيس نبيه بري بالذات.

ثالثا كانت حركة امل منذ أربعين عاما خلال الحرب ضد الفرز الطائفي وضد دويلات الأمر الواقع التي قامت على حساب هياكل الدولة وشكلت نذير تقسيم وتآمر صهيوني… والرئيس نبيه بري بشر منذ ذلك الوقت بروح التفاهم والوحدة الوطنية والشراكة الوطنية وبالتمسك بفكرة الدولة الوطنية المركزية.

رابعا إن استعادة خطب التحريض ضد سورية عمل رجعي مشبوه ولا يعني صمتنا على الاختلاف مع بعض الأدبيات التي يتبناها التيار قبولا بها بل احتراما للاختلاف وحرصا على التفاهم فهذه صفحة خلافية سعينا إلى طيها منذ عودة العماد ميشال عون وتوقيع تفاهم مارمخايل وبكل وضوح لا ينبغي بقيادة التيار تجاهل حقيقة وجود فريق وطني واسع يعتبر أن الوجود السوري لم يكن احتلالا بل جاء بطلب من السلطة الشرعية الدستورية بعد اتفاق الطائف ولا هو وصاية كما يقول الخطاب التحريضي الذي يطلقه البعض وهذا اختلاف يفترض حله بحوار هاديء وليس بالشتائم واستثارة الغرائز الفالتة.

خامسا لولا سورية لما أوقفت الحرب الأهلية التي اكلت الأخضر واليابس ولما تمت إعادة بناء الجيش اللبناني ولولا سورية لما انتصرت المقاومة وتحرر الجنوب ومن موقعنا الوطني والقومي كنا في مقدمة ناقدي خلل ما عرف بالإدارة السورية للملف اللبناني وهو خلل بات معروفا للبنانيين من هم المستثمرون فيه والمستفيدون منه وقد كانوا اول المنقلبين على سورية وطعنوها بالتنسيق مع كفيلهم الأميركي والسعودي.

سادسا المصلحة اللبنانية العليا تقتضي تطوير اللغة الإيجابية اتجاه سورية بدلا من الإذعان للوصاية الأميركية السعودية التي تمنع التواصل معها والحملة الراهنة تصب في خدمة القطيعة والعداوة خلافا لتوجهات الرئيس ميشال عون التي نعرفها جيدا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى