بقلم غالب قنديل

بكل صراحة : أين هي السيادة ؟

غالب قنديل

وضع لبنان بات فضيحة كبيرة فالوصاية الأميركية السعودية تحاصر دولتنا سياسيا واقتصاديا وحزب الله المستهدف يتصرف بإيجابية ويقبل تقديم التنازلات والتساهل مع الشركاء والحلفاء مساهما في تكريس ما امكن من الاستقرار الداخلي سياسيا واقتصاديا.

يتصرف حزب الله بصبر شديد مع كل ما يستهدفه من حملات تحريض وإجراءات وتدابير يعلن فارضوها صراحة انها تعتبره هدفا لجميع التدابير العدائية التي تتولى السلطات اللبنانية التكيف معها وإعلان الالتزام بتنفيذها دون تردد امام الأوصياء ومن يمثلهم .

نتحدث عن الوصاية الأميركية المالية والمصرفية التي سيوسع نهج التسول اللبناني من نطاقها عبر المزيد من الاستدانة والارتهان من خلال تكرار الارتباط بنادي القروض الدولية الذي يستتبع الحكومات المدينة في العالم المفلسة والعاجزة اقتصاديا وسياسيا.

هكذا تتحول مؤتمرات التسول اللبناني في العالم ذريعة للرضوخ لمزيد من العقوبات وتقدم لنا بوصفها إنجازا ثمينا يجري التبشير به تحت شعار : ابتهجوا أيها اللبنانيون لقد أقنعتهم فرنسا بان يقرضونا مزيدا من الأموال لنسدد بعضا من قروضنا وفوائدها المستحقة عن بضعة اعوام وحبل التراكم على الجرار كما اوضح تحقيق لونوفيل أوبسرفاتور مؤخرا.

يبقى السؤال المحظور والجواب المكتوم بأية شروط وبأي كلفة سنقترض وهذا ما يمكن أن نعرفه مسبقا بعد كارثة الديون المتراكمة منذ الطائف وحصاد الوبال الذي جلبه المشروع الإعماري مع وصاية الصناديق والمؤسسات والحكومات الغربية والخليجية.

“مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي” هو آخر الزوار من مفوضي الوصاية الأميركية المفروضة على لبنان وهي مكرسة جهارا لمنع تمويل حزب الله ولشيطنته باعتباره متهما بتبييض الأموال وقد اجتمع بهذه الصفة مع كبار المسؤولين وأجرى لقاءات تقنية مع مصرف لبنان وجمعية المصارف لبحث تدابير جديدة ويقال أنها مشددة أيضا ضمن خطة استهداف الحزب وجمهوره وأصدقائه ونشاطاتهم المصرفية والاستثمارية انطلاقا من الاتهام الجاهز بالإرهاب وبتبييض الأموال وكل ذلك تطبيق لقرار سياسي اميركي وليس قرارا دوليا كما يتعمد بعض الإعلام اللبناني ان يوحي للجمهور وثمة فرق كبير لمن يريد ان يفهم.

مع كامل احترامنا لسائر الأطراف والجهات اللبنانية التي تتذرع بالهيمنة الأميركية القاهرة على النشاط المصرفي العالمي وهي حقيقة تفرض نفسها على دول عظمى مثل روسيا والصين وعلى دول أخرى تحوز مقدرات ضخمة مقارنة بلبنان لكن السؤال أين هو الموقف اللبناني السيادي وكيف يسمح للولايات المتحدة واحد موظفي وزارة الخزانة ان يبحث التدابير المصرفية الداخلية تحت عنوان وقح هو مكافحة حزب لبناني تحاربه الولايات المتحدة لأنه قوة المقاومة التي حررت الأرض ومازالت تمنع العدوان وتحمي البلد وتدافع عن السيادة وكيف يقبل بعض المسؤولين اللبنانيين بمناقشة التفاصيل والتقنيات على قاعدة التسليم باتهام حزب الله بنشاطات جرمية وتحويل الشروط والتدابير التي يمليها الأميركي إلى لائحة التزامات يتم الضغط على المجتمع اللبناني والاقتصاد اللبناني للتكيف معها تحت ذريعة الاضطرار وهم يعلمون سر ودافع استهداف هذا الحزب اللبناني الذي لو قبل تقديم القليل من التنازلات للولايات المتحدة وإسرائيل والغرب على حساب سيادة لبنان وحقوقه لحصد مكاسب ومغانم كثيرة وما كشفه أمين عام الحزب السيد نصرالله مؤخرا عن عرض نائب الرئيس الأميركي الأسبق ديك تشيني السياسي والمالي يكفي للبيان.

الولايات المتحدة تريد محاصرة حزب الله ماليا وهي تحاصر فعليا جمهور الحزب ومناصريه في صفوف الشعب اللبناني وبالتالي تحاصر لبنان وتطبق واشنطن في ذلك نظريات المجمع العسكري والاستخباراتي الأميركي الصهيوني المشترك عن تجفيف الموارد لتضرب المقاومة القوة الشعبية المدافعة عن لبنان ولتشيطن فكرة العلاقة بحزب الله أي بالمقاومة ومنافق كذاب من يجادل بهذه الحقيقة لتبرئة الموقف الأميركي وتنزيهه عن الغرض السياسي الإسرائيلي الفاقع.

من اخطر سلوكيات الدولة اللبنانية التكيف مع شروط واشنطن وإملاءاتها الإسرائيلية بالكامل وهذا كان منذ انطلاق العقوبات التي طالت إعلام المقاومة بداية وقبل ما يزيد عشرين عاما بدلا من بحث بدائل المجابهة بما يليق بدولة مستهدفة في سيادتها واستقلالها وليس مشرفا لأي جهة لبنانية انخراطها في عملية التكيف والرضوخ واستغلال حكمة قيادة المقاومة وترفعها وتقديمها الوحدة الوطنية والاستقرار على أي اهداف اخرى وتكفلها بمجابهة ما يستهدفها دون تحميل أي كان في الداخل عبئا سياسيا او عمليا.

لكن الحصيلة الفعلية وبكل صراحة في ملف العقوبات الأميركية وكما في ملف الشروط السعودية التي تمنع لبنان راهنا من تطوير علاقاته مع سورية وإيران وروسيا نحن بلد تحت الوصاية منتهك السيادة واستقلاله مباح امام قوى الهيمنة والتحكم السياسي والاقتصادي بقيادة الولايات المتحدة ولنعترف بلا مكابرة وعنجهية فارغة بأن التركيبة السياسية الطائفية لنظامنا “العظيم ” سمحت للحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي الذي فشل وانهزم في حروبه منذ التحرير عام 2000 ان يبتكر آليات ضغط وإخضاع سياسية واقتصادية تشكل وزنا مضادا لفعل المقاومة الاستقلالي.

المهمة الوطنية المركزية التي يجب ان تتقدم على سواها هي تحرير لبنان من الوصاية الأميركية السعودية وكل شيء آخر هو لغو فارغ فلا معنى لجميع الشعارات والطموحات التي يطرب لها اللبنانيون لتصور مستقبل سياسي داخل دولة بلا سيادة لا تملك قرارها الوطني سياسيا واقتصاديا والباقي سراب والنداء الواقعي الوحيد هو إسقاط الوصاية الأميركية السعودية على البلد قبل المنافسة الانتخابية حول مستقبله المهدد والمصادر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى