بقلم غالب قنديل

عبد الناصر الخالد عبر الزمان

غالب قنديل

مئوية الزعيم جمال عبد الناصر تطرح السؤال المتكرر عن سر بقاء هذا الزعيم في الذاكرة العربية وعن تحوله رمزا عربيا خالدا للتحرر الوطني والوحدة القومية وللتنمية والعدالة فيحن الناس إلى زمانه ويسترجعون خطبه وأقواله مع كثير من الأحداث الراهنة والمعاصرة التي تذكرهم به.

أكدت أحداث العقود الماضية صحة الخيارات التي بشر بها ودعا إليها جمال عبد الناصر بأولوية التحرر من الاستعمار الغربي بجميع أشكاله والكفاح ضد الكيان الصهيوني بوصفه قاعدة الهيمنة الاستعمارية على البلاد العربية والتصدي للرجعية العربية التي هي السند والذراع للحلف الاستعماري الصهيوني.

الاستعمار القديم والاحتلال الأجنبي يعودان إلى الواقع العربي والمقاومة الشعبية التي بشر بها عبد الناصر تثبت انها السبيل إلى التحرر وطرد الجيوش الاستعمارية والتصدي للعدو الصهيوني وبذات القدر يتضح من التجربة نفسها ان طريق التنمية والتقدم الاجتماعي مرتبط بالتصدي للطبقات الرجعية العميلة المهيمنة في المجتمعات العربية وهي مرتكز الهيمنة الاستعمارية الصهيونية.

كل ما بشر به عبد الناصر عن ضرورة امتلاك الإرادة الوطنية التحررية ومراكمة القوة لقهر الاستعمار والصهيونية يثبت عمليا انه الطريق إلى الاستقلال والتحرر في البلاد العربية وإلى سلطة تحقق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة الوطنية وتقود التنمية.

يتذكر الناس مشاعر العز والكرامة القومية التي بثها عبد الناصر في الأمة العربية وثقافة رفض الخضوع لهيمنة الاستعمار والصهيونية وإرادة المقاومة التي عبر عنها في مواقفه المشهودة التي تحدى بها جبروت الهيمنة والعدوان وتتأكد اليوم في فلسطين المحتلة مقولته الشهيرة بعد هزيمة حزيران 67 “ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ” بينما سقطت هرطقات التسوية والتفاوض تلبية للمشيئة الأميركية.

جاءت التحديات الكبرى التي اجتاحت الوطن العربي بعصابات التكفير الإرهابي لتؤكد على صواب فكرة الوحدة القومية وضرورة قيام سلطة وطنية معادية للاستعمار قادرة على توحيد البلاد العربية التي بالكاد يقوم بين بعضها تنسيق عابر للحدود بينما يتواطؤ بعضها الآخر في التآمر لتمزيق الدول والمجتمعات بإمرة الحلف الأميركي الصهيوني.

الهزائم والانتكاسات التي مني بها المشروع الناصري هي الأدعى للتمسك بمبادئه وأفكاره التقدمية لأنها كانت حصيلة شراسة التواطؤ الاستعماري الصهيوني الرجعي وجاءت نتيجة لعثرات ينبغي التمحيص فيها لوقاية التطلعات القومية التحررية من نكسات جديدة.

جمال عبد الناصر هو زعيم حركة التحرر العربية والعالمية التي تصدت للاستعمار والصهيونية وهو رائد حضاري من رواد التنمية الحقيقية لبلادنا وقد رسم بالإصلاح الزراعي وبحركة التصنيع التي اطلقها في مصر وبسعيه المستمر إلى تجسيد فكرة الوحدة العربية طريق التقدم التاريخي والتطور الحضاري في البلاد العربية وقد حصدت مصر ويلات لا تعد ولا تحصى من التراجع عن المنجزات الناصرية والارتداد عليها في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فشرعت ابوابها لجميع انواع التخريب والاختراق والتبعية والاستسلام ولحق بها الوهن المشين وتراجع دورها بعدما تقدمت في الزمن الناصري صفوف القيادة الإقليمية والقومية والإفريقية والعالمية.

للحرية كلفة على الشعوب ان تستعد لدفعها وللكرامة أثمان مستحقة وللاستقلال طريق رسمه عبد الناصر بتحدي المشيئة الاستعمارية الصهيونية الرجعية وكل ما يدور حولنا في الوطن العربي يذكرنا بصحة تلك المباديء والأفكار التي لا تموت ولا يطويها النسيان وهذا هو السر الحقيقي لخلود عبد الناصر ولذكراه الحية بين المحيط والخليج فكل يوم يذكرنا عفن التخلف وبشاعة التفكك والضعف وصلافة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وبشاعة الرجعية العربية المتخلفة والبائسة بنداء الفتى الأسمر الذي انطلق في منتصف القرن العشرين صادحا : إرفع رأسك يا اخي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى