بقلم غالب قنديل

كيف نواجه التهديد السعودي ؟

غالب قنديل

أشارت بعض التقارير الصحافية إلى قيام المملكة السعودية بممارسة ضغط كثيف في الأسواق المالية ضد الليرة اللبنانية مما استدعى تدخل المصرف المركزي دفاعا عن الليرة وكلفه ذلك مليارات من احتياط العملة الصعبة لديه.

هذه الواقعة هي بادرة عدوانية سافرة ينبغي التعامل معها على هذا الأساس بقاموس الرئيس ميشال عون السيادي وبعيدا عن لغة المسايرة والاسترضاء التي عممتها الحريرية وأعوانها وهي تواصل السير في سياقها رغم ما سدد إليها من طعنات مهينة منذ احتجاز الرئيس سعد الحريري الذي لم يكن ليحرر ويعود إلى بلده ومنصبه رئيسا للحكومة لولا مواقف شجاعة لثلاثة رجال كبار هم الرئيسان ميشال عون ونبيه بري والسيد حسن نصرالله وهذا ما يعترف به العقلاء من جميع المواقع.

لا يستقيم النأي بنسخته الحريرية المنحازة نتيجة الضغوط السعودية التي ماتزال مفعلة رغم عودة الحريري وهذه هي الحقيقة وإن كان البعض يعتبر تصميم السعودية على إبقاء الحريري أسيرا لملفات وضغوط بهدف ابتزازه سياسيا شأنا ثنائيا بين جهتين كانتا ملتصقتين برباط كلف لبنان الكثير منذ اتفاق الطائف وما يزال واقعيا لكنه يكاد يكون شأنا سعوديا داخليا يطبق عليه مبدا النأي فإن خسائر مصرف لبنان نتيجة مضاربة سعودية ضد الليرة يعتبر امتدادا لعدوان سعودي ضد الليرة وغايته كسر إرادة الاستقلال اللبناني وعلى الجهات المختصة ان تدرس طرق المواجهة مع هذا العدوان.

تفرض علينا المملكة العالقة في حروبها الفاشلة وبغطرستها السياسية مواجهة اقتصادية ومالية انطلاقا من رصد الأصول والموجودات السعودية في لبنان التي يمكن حجزها احتياطا للجم العدوان الوقح على الاقتصاد والنقد اللبناني وتحديد التدابير الوقائية الممكنة في التعامل مع هذا النشاط التخريبي ضد العملة الوطنية بما في ذلك التقدم بشكاوى لدى المراجع الدولية المعنية.

الموضوع يتطلب إثارة وتحركا لبنانيا على اوسع نطاق خلافا لما قد توصي به العقول السياسية والمصرفية التقليدية التي تتحصن برفض أي كلام علني حول الأمور النقدية والمصرفية وتؤثر التزام الصمت والتكتم على الحقائق ومنع تداولها في الإعلام بذريعة عدم هز الثقة في النظام المصرفي ام في سعر الليرة وبالتالي توليد ضغوط مضافة نتيجة العامل النفسي وانعكاسه في سوق التداول.

المطلوب تحقيق تقني عاجل في مدى صحة المعلومات المنشورة في الصحف المحلية وتوثيق المضاربات السعودية ضد الليرة وتضمينها لمحاضر التحقيق اللبناني الرسمي التي يجب إرسال نسخ عنها إلى جميع المؤسسات النقدية العربية والدولية وتحميل المملكة السعودية مسؤولية كل ضرر يصيب الاقتصاد اللبناني وإلزامها بدفع المبالغ التي هي خسائر تحملها المصرف المركزي نتيجة النشاط التخريبي السعودي في السوق المالية اللبنانية ولولا اقتضى الأمر التوجه بشكاوى إلى جهات التحكيم المالية والنقدية المتعارف عليها أو القضاء الدولي.

من المشروع للدولة اللبنانية البحث في حجز احتياطي لجميع الممتلكات والأرصدة السعودية كتدبير وقائي ضد المضاربة التي تستهدف ضرب النقد اللبناني وهز القطاع المصرفي وإلحاق الخسائر بالاقتصاد الوطني وهذا بصراحة يجب ان يكون مطروحا على طاولة القرار السياسي وهو يقتضي إخراج الملف من حلقة التدابير التقنية لمصرف لبنان التي يتجاوز الخطر قدراتها فالأمر يتعلق بقرار سياسي سعودي خطير يتطلب قرارا سياسيا بتجنيد جميع القدرات الدفاعية ومن الضروري التواصل مع الحكومات العربية وخصوصا مصر ودول الخليج لإخطارها بالعدوان السعودي ومطالبتها بموقف واضح يؤازر لبنان وحقه السيادي فالمضاربة السعودية ليست سوى عدوان تخريبي مرفوض كما يقتضي استنفارا للطاقات اللبنانية الوطني عبر الدعوة إلى اكتتاب عام في صندوق سيادي لدعم العملة الوطنية ولحماية الاستقلال الوطني ويمكن للبنانيين خصوصا في عالم الانتشار تقديم الكثير من الإمكانات المالية التي يستطيعون توظيفها بفائدة متواضعة في الدفاع عن وطنهم وعملته ضد عدوان سافر وقح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى