بقلم غالب قنديل

إيران وخصومها العرب

غالب قنديل

منذ رفع راية فلسطين على مبنى سفارة العدو في طهران تشير الوقائع المتراكمة خلال أربعة عقود إلى التزام إيران لموقف واضح في نصرة فلسطين والمقاومة الفلسطينية وهي تجسد التزامها المبدئي بدعم مسار الكفاح الفلسطيني ضد الكيان الغاصب وهي عمليا صاحبة المبادرة من سنوات طويلة بالحث على تفعيل النضال الشعبي والمسلح وتطوير أشكاله المتعددة لمجابهة الاحتلال والاستيطان والعدوان ملتزمة بتوفير جميع سبل الدعم والمساندة بالأفعال.

تقوم إيران باحتضان فصائل المقاومة الفلسطينية على اختلاف مشاربها العقائدية والسياسية وقد بنت علاقتها بتلك الفصائل من غير إملاءات او شروط مسبقة وركزت فيها على أولوية تعزيز الجهود لمجابهة الاحتلال الصهيوني والتصدي لخطط تصفية قضية فلسطين من خلال مبادرات الاستسلام تحت الرعاية الأميركية.

على هذه القاعدة الصلبة يتحرك موقف إيران من قضية تهويد القدس ومحاولة تصفية قضية فلسطين وهي تؤكد دعمها العملي لفصائل المقاومة ولانتفاضة الشعب الفلسطيني في الأيام الأخيرة بعيدا عن السلوكيات الاستعراضية ويقينا إن الجهد الإيراني الداعم لحركات المقاومة ولانتفاضة فلسطين سيشكل الرافد الأساسي لخطة العمل التي عرضها السيد حسن نصرالله باسم محور المقاومة مجتمعا.

هذا الموقف الإيراني المتقدم يعبر عن نفسه بأفعال محددة سبق ان جربت على امتداد السنوات العشرين الماضية في دعم صمود غزة ومحرريها ثم المدافعين عنها وفي الصفة الغربية المحتلة كما سبق ان شهدنا ثمارها وعشنا فصولها في ملحمة تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني.

على النقيض تماما فإن الحكومات العربية المناوئة لإيران والتي ضعتها في رأس قائمة الأعداء هي التي وفرت المساعدة السياسية والأمنية للكيان الصهيوني في حروبه وانخرطت إلى جانبه في محاولات تصفية القضية الفلسطينية التي أطلقها التحالف الأميركي الصهيوني وسعى إلى تنفيذها واوكل إلى حكومات عربية مهمة ترويض القيادات الفلسطينية وتدجينها لتسخيرها في مسار التمييع التفاوضي المؤدي إلى الإذعان لمشروع التصفية.

منذ اتفاق اوسلو المشؤوم وتلك هي مهمة الحكومات العربية الرجعية التابعة للهيمنة الغربية والتي طورت من تورطها بالانتقال إلى علاقات مباشرة معلنة ومكتومة سياسيا واقتصاديا وامنيا مع العدو الصهيوني وجميع المؤشرات السياسية والمعطيات الإعلامية ترجح تنسيقا مسبقا مع هذه الحكومات قبل إعلان قرار ترامب الخطير والمشؤوم.

بعض تلك الحكومات تعادي إيران وتخطب ود الدولة العبرية وتسعى لتطوير العلاقة معها بشراكة سافرة في التآمر على قضية فلسطين وفي العمل لمحاصرة حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وهي حكومات تآمرت على سورية التي عطلت خطط التصفية وصمدت بخيار المقاومة وشاركت بالتحالف مع إيران في احتضان فصائل المقاومة ووفرت لها الحماية والقدرات النوعية والدعم السياسي.

يعود للشارع العربي ان يقارن ويحكم وان يعرف من هي الجهة الداعمة لآماله وتطلعاته للتخلص من التهديد الصهيوني الدائم بالعدوان وبتعريض البلدان العربية لأخطار عاصفة ومدمرة وبين من يشتركون بالأمر الأميركي في تحضير منصات العدوان الأميركي الصهيوني الذي يهدد المنطقة برمتها.

إيران هي الدولة الصديقة للشعب الفلسطيني وهي الدولة الداعمة للفصائل المقاومة وهي الدولة التي تكرس جهدها وحضورها في شتى المحافل الإقليمية والدولية لصالح قضية فلسطين وفصائل المقاومة في المنطقة وهي التي توفر مستلزمات النضال ضد الاحتلال الصهيوني لجميع الملتزمين بنهج المقاومة والتحرير.

إن مضمون مشروع الدولة اليهودية الذي يدخل مرحلة حاسمة بعد قرار ترامب ينطوي على خطط لإسقاط حق العودة نهائيا بعد إقامة كيان فلسطيني هجين ومباشرة توطين الشتات الفلسطيني بالإضافة إلى القيام بحملات تهجير واقتلاع ضد أبناء الضفة الغربية المحتلة والأرض المغتصبة عام 1948 مما يمثل خطرا وجوديا على جميع قطاعات الشعب العربي الفلسطيني في الداخل والخارج وهو تهديد للدول العربية المحيطة بفلسطين وتلك الحاضنة للجوء الفلسطيني منذ قيام الكيان الغاصب.

حكومات التبعية العربية التي وضعت كل الأوراق بيد الولايات المتحدة تحت يافطة ما سمي بعملية السلام لا تملك سبيلا لمواجهة المخطط الجديد وهي تصدر مواقف خجولة بل إنها تقود عبر وسائل إعلامها حملات لتسخيف المواجهة التي يدعو إليها محور المقاومة وقد باتت مأخوذة بصدمة احتراق أوراق الفتنة بعد قرار ترامب وما ولده من استقطاب شامل ضد الكيان الصهيوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى