بقلم غالب قنديل

الهزيمة الأميركية امام الأسد

غالب قنديل

في يوم واحد وعلى طريقة دور السينما في دول العالم الثالث ظهر تصريحان اميركيان حول سورية دفعة واحدة الأول لوزير الخارجية ريك تيليرسون الذي أعلن من انقرة أن مصير الرئيس بشار الأسد يقرره الشعب السوري والثاني لمندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن التي قالت إن إزاحة الرئيس الأسد لم تعد أولوية اميركية .

منذ بدايات الحرب على سورية كان الرئيس الدكتور بشار الأسد يجاهر بدعوته إلى الاحتكام لإرادة الشعب السوري ومن خلال صناديق الاقتراع في امرين حاسمين هما :

         الدستور السوري وصيغة التمثيل السياسي التعددي للقوى والأحزاب والتيارات المكونة للمجتمع السوري وبحيث تم التصدي لجميع الاقتراحات التي استنسخها الغرب الاستعماري وعملاؤه من عمليات التنصيب والفرض والتصنيع السياسي والمخابراتي التي مورست في دول اخرى من خلال الثورات الملونة او عبر خرافة الربيع العربي وهو بذلك رفع التحدي في وجه سائر الجماعات التي حشدتها حكومات دول الغرب والخليج وتركيا تحت يافطات معارضة بدعوة مفتوحة للمنافسة عبر صناديق الاقتراع الأمر الذي تهرب منه حلف العدوان وسائر الواجهات السياسية التي حشدت من باريس وانقرة والدوحة والرياض إلى درجة منع الحوار وتعطيله لعدم الانتقال إلى اختبار واقعي كانوا جميعا واثقين من قدرة القوى الوطنية السورية بزعامة الأسد على كسبه خصوصا بعد التسونامي الشعبي الذي شهدته انتخابات الرئاسة السورية .

         مبدأ اختيار رئيس الجمهورية العربية السورية بالاقتراع الشعبي العام وتبني فكرة الانتخابات التعددية والشروع في تطبيقها بعد التعديل الدستوري الذي احتوى العديد من مطالب المعارضة الوطنية الإصلاحية وبصورة قطعت الطريق على ألاعيب الدوائر الأجنبية والخليجية والتركية والصهيونية للنيل من الرئيس السوري انتقاما من مواقفه القومية الصلبة ومن متانة التزامه الاستقلالي الذي اختبر منذ العام 2000 بحيث سقطت جميع محاولات الغواية والمراودة الاستعمارية والرجعية لمساومته بينما تصدى بكل صلابة لمهام الدفاع عن سورية واستقلالها عندما شنت الحروب عليها ورفع لها شعار إسقاط الرئاسة مباشرة ومداورة فجعل الاحتكام للشعب حصنا للرئاسة وللدولة بجميع مؤسساتها التي أظهرت صلابة وتماسكا صدما حلف العدوان.

على هذه الأرضية السياسية والدستورية قاد الرئيس الأسد معركته السياسية دفاعا عن سورية متمسكا بالحوار وبالمصالحات الوطنية كمنهج في التعامل الداخلي لتفكيك منصات العدوان ولإنقاذ سوررية بينما بادر منذ الأيام الأولى لرفع شعار القضاء على الإرهاب كأولوية وطنية حاسمة وقدم بذلك الأساس الواقعي الممكن لأي تعاون بين الدولة وأي قوى معارضة في سبيل الخلاص الوطني وإنهاء المحنة الدامية .

بعد ثلاثة أعوام على الحرب سرق جيفري فيلتمان شعار اولوية مكافحة الإرهاب وتلبسته إدارة اوباما بمشورته لتوسع من تدخلاتها الاستعمارية في الحرب على سورية التي أشعلتها بخطة جهنمية حشدت لها اكثرمن ثمانين دولة في العالم وجميع العملاء في المنطقة وشتى فصائل الإرهاب والتكفير الدولية .

مع اجترار كذبة الحرب على الإرهاب وقعت واشنطن في ورطة تكرار شعار هو بالأصالة شعار الرئيس الأسد الذي عبأ له قدرات الشعب والجيش والدولة فقاتل السوريون بقيادته منفردين وقدموا التضحيات الجليلة في صد العدوان قبل ان يهب الحلفاء لنصرتهم بعدما أيقنوا بحجم مصالحهم الوجودية في مؤازرة سورية.

بدأ التلميح إلى الفشل بعد اعتراف باراك اوباما في حواره الشهير مع جيفري غولدبرغ بسقوط الرهان على إزاحة الرئيس بشار الأسد وتأكيده سر التراجع عن حماقة محاولة غزو سورية عسكريا بانه وصل مع قادة البنتاغون إلى الاستنتاج بأن تنفيذ الغزو الأميركي كان سينتهي ببقاء قوة من الجيش العربي السوري تكفي لإعلان الرئيس بشار الأسد انتصار بلاده على الولايات المتحدة وحلفائها فضلا عن احتمال إشعال حرائق كبرى عالمية وإقليمية مكلفة لا قبل للولايات المتحدة على تحمل نتائجها.

الاعتراف الأميركي مؤخرا هو إقرار بالهزيمة والفشل ولا يعني تراجعا كليا عن خطط الهيمنة الاستعمارية التي تستهدف سورية وموقعها فالمواجهة مستمرة ولو تغيرت أشكالها نتيجة الصمود السوري العظيم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى