بقلم غالب قنديل

كلمة السر الجديدة في سوريا .. لا بديل

غالب قنديل

يستدعي التوقف ما قاله وزير الداخلية اللبناني حول الوضع السوري بان لا بديل للرئيس الاسد مبديا اسفه لذلك فهو من المعروفين في دعوتهم لإسقاط الدولة السورية والرئيس السوري وانسجامهم مع المخطط الذي استهدف سوريا بحرب استعمارية استعملت فيها ادوات الارهاب التي تم التفاهم الاميركي السعودي بعد الفشل و تعاظم المخاوف من ارتداد الارهاب على تفويض الوزير المشنوق بتفكيك منصاتها في لبنان، باي حال هذا الكلام الصادر عن الوزير المشنوق يأتي متأخرا عن اعلانات اميركية متلاحقة في المضمون نفسه تؤكد ان معركة اسقاط الرئيس الاسد باتت وراءنا وانها كانت معركة يائسة فاشلة منيت بالخيبة.

لكن العناد السعودي والعنجهية التي تحكم مواقف العائلة المالكة في الحجاز وشبه الجزيرة العربية ما تزال تلقي بظلالها على حلفاء المملكة الذين يأخذون التوجيهات منها او يراعون توجهاتها اذا اردنا ان نكون اكثر لباقة في التعبير عن واقع مشين.

باي حال الذي حصل ان ادارة اوباما وفي نهايات ولايتها اقرت بانه لا بديل عن الرئيس الاسد وقد ابلغ وزير الخارجية الاميركي آنذاك جون كيري وفدا من وجهاء المعارضات السورية التقاهم في نيويورك على هامش دورة الجمعية العامة في ايلول الماضي بانه عليهم الاستعداد للحوار مع الدولة السورية والرئيس الاسد وكذلك للسير في حل سياسي يرعاه الرئيس الاسد ويقود فصوله قد يعطيهم فرصة المشاركة في الانتخابات وحجز مواقع في مستقبل سوريا ان استطاعوا ان يحصلوا على الاصوات الضرورية لذلك في صناديق الاقتراع.

هذه الحصيلة، هي حصيلة الخيبة التي وصلت اليها الدول التي قادت الحرب على سوريا، فإدارة اوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالذات والرئيس اوباما نفسه هم الذين اشعلوا الحرب على سوريا وهم الذين حشدوا الحكومات والدول التي شاركت في تلك الحرب وهم الذين اوعزوا بتجنيد جحافل التوحش والارهاب وحشدها من كل اصقاع الارض لتقاتل في سوريا وجعلوا الشعار اسقاط الرئيس الاسد وكانت النتيجة سقوط جميع الرهانات امام صلابة هذا الرئيس وصلابة الدولة الوطنية السورية العميقة وراسخة الجذور في المجتمع السوري وفي وجدان الشعب السوري وامام متانة الوحدة الوطنية السورية وامام بسالة وقوة الجيش العربي السوري الذي اثبت في ست سنوات انه قلعة متينة وقوية شرعت مؤخرا ورغم الجراح تسترجع قدراتها الرادعة في وجه العدوان الصهيوني الذي اسقطت له طائرة بعد الاغارة على سوريا.

لا بديل عن الرئيس الاسد، لأنه لا بديل عن الشعب العربي السوري، الذي تمسك بوطنه وبدولته وادرك عمق موقف رئيسه الذي بات راية استقلال وخلاص وطني في نظر غالبية سورية واضحة عبرت عن موقفها منذ الانتخابات الرئاسية الاخيرة وهي ما تزال تتوسع امام دور هذا الرئيس القوي والنشط في استيعاب التائبين والعائدين من ورطة القتال مع الارهاب عبر المصالحات التي كان مبتكرها ومهندسها وهو ما يزال مشرفا عليها في كل انحاء سوريا نتيجة اعتقاده الحازم بان الدولة هي راعية وأم لأبنائها عليها ان تعصمهم عن التمادي في الخطأ وإن استطاعت ان تستردهم الى حضنها والى صفوف مؤسساتها كذلك وهذا ما جعل من هذا الرئيس حضنا يؤب اليه السوريون ويستظلونه في ظروف المحنة القاسية التي تعيشها سوريا بينما هم اكتشفوا خداع المعتدين وكذب المتورطين والمتواطئين كما خبروا حقيقة ان ما دبر لهم كان تدميرا لبلدهم وكان خرابا شاملا الحق بسوريا وبكل صروح الحياة واليوم حين يسأل اي سوري عادي داخل الوطن او خارجه عن امنيته فهو يعرب بكل صراحة عن حنينه الى زمن الدولة القوية التي كانت تحفظ الامن والاستقرار وحنينه الى زمن الدولة الراعية التي كانت وما تزال حريصة على تقديم الرعاية الطبية والصحية وضمان فرص التعليم لجميع ابنائها وهو نظام صحي وتعليمي ما يزال قائما برعاية هذه الدولة وبتصميم من الرئيس بشار الاسد.

في نظر السوريين لا بديل للرئيس وقد زادوا اقتناعا بذلك لان ما عرض عليهم كان عصابات تدمير وقتل وذبح وكان وصاية استعمارية وقد تكشفت رعاية اسرائيل لكل تلك الجحافل فصار اللحاق بتلك العصابات اذعانا للكيان الصهيوني وانتهاكا للكرامة الوطنية السورية التي كانت ميزة سورية وعزة السوريين وما تزال منذ عقود قديمة وغابرة ذاق فيها المستعمرون الامرين حين تطاولوا على استقلال سورية وسيادتها.

لا بديل عن الدولة الوطنية السورية لان ما اقامته العصابات المدعومة من قوى العدوان على ارض سورية كان امارات تكفير ومنظومات نهب وقتل وسلب وسرقات موصوفة دبرها اردوغان وبندر ومعاونوهم في طول وعرض البلاد هذا ما يعرفه السوريون وهم يعرفون اكثر من العالم كله عن سرقات النفط التي نظمتها داعش بالشراكة مع تركيا ومع المخابرات السعودية والقطرية وهم يعرفون ايضا ان المال المدفوع من الخارج وصل الى اوباش التوحش والقتل للنصرة وغيرها عبر يافطات من نوع ما سمي بالجيش الحر بينما جيشهم الوطني الجيش العربي السوري هو قوة الرعاية والحماية والدفاع عن الوطن التي يستظلونها ويؤبون اليها اليوم بعدما اثبتت جدارة وقدرة نادرة في وجه عدوان كوني وحرب بربرية غير مسبوقة على الدولة السورية والوطن السوري والشعب السوري .

لا بديل، عن ذلك الجيش وعن تلك الدولة وعن هذا الرئيس في مقاتلة الارهاب فالغرب كذاب حين يقول انه يريد مقاتلة الارهاب الذي اوجده بيديه وبمخابراته وبأجهزته وبكل عملائه الذين حشدوا في الحرب على سوريا ، والغرب كذاب حين يقول ان ما يفبرك من يافطات وما يجمع من ارتال مرتزقة ومجندين يمكن ان تحل محل الجيش العربي السوري في معركة التخلص من الارهاب ، وثمة فرق كبير بين الارادة الوطنية السورية للتخلص من الارهاب وبين الارادة الاميركية الأطلسية لإعادة استعمال الارهاب وهي ارادة تجند في خدمتها منذ اربعين عاما حكومات المنطقة المتورطة في الحرب على سوريا ولاسيما حكومات السعودية وقطر وتركيا.

لا بديل، اعلان فشل لحرب بعد ست سنوات، هي كلمة سر في جميع الكواليس الدولية ، والامر الواقع الذي تستصعب الولايات المتحدة ان تعترف به جهارا وان تبني عليه خطوات عملية تسلك اليه الطريق عبر ارسال الموفدين من رجال الكونغرس ونسائه الذين يلتقون بهذا الرئيس المقاوم وتسلك اليه الدرب نفسه بالوفود البرلمانية حكومات اطلسية حليفة لواشنطن فقد تزايد أعداد الموفدين من بريطانيا وفرنسا ودول الاتحاد الاوروبي واستراليا وبينهم قادة امنيون وبرلمانيون ومسؤولون سابقون وحاليون يطلبون ود دمشق ويتلون افعال الندامة على التورط في الحرب علي سوريا وهم يبحثون عن نتائج خيبتهم ومعالم ارتداد الارهاب الذي ربوه لضرب سوريا الى بلدانهم.

لا بديل، لكن السؤال كيف ستكون الترجمة العملية لهذه الحقيقة والسؤال يجب ان يطرح على وزير الداخلية اللبناني وعلى زعيم تيار المستقبل وعلى الحكومة اللبنانية مجتمعة فإلى متى تستمر ادارة الظهر لحقيقة ان لبنان لا يمكن ان يبقى مديرا ظهره للدولة الوطنية السورية ولرئيسها ولمؤسساتها ان كان فعلا على خيار محاربة الارهاب والحقيقة التي صرح بها الرئيس العماد ميشال عون والعديد من القادة اللبنانيين حول ضرورة التعاون مع سوريا يجب ان تتحول الى سياسة رسمية يتخطى الانتقال اليها حدود الجهود الكبيرة التي يقوم بها اللواء عباس ابراهيم وبالطبع يتخطى حدود هذا الاعتراف النظري من وزير الداخلية اللبناني، فمتى تكتمل دورة الموقف اللبناني من اجل لبنان وليس من اجل اي شيء اخر؟!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى