بقلم غالب قنديل

عودة القوة السورية

غالب قنديل

الخبراء الصهاينة أعلنوها على الهواء مباشرة يوم امس فاعترفوا بأن الرد السوري على الغارة الصهيونية أسقط التفوق الجوي الصهيوني ودشن بداية لمرحلة جديدة وحسابات جديدة في معادلات الصراع وفي الوضع الإقليمي .

أولا الحقيقة الساطعة التي حملها الحدث هي ان القيادة السورية التي حققت إنجازات كبرى في التصدي للعدوان الاستعماري الذي استعمل وحش التكفير وحشد عصابات متعددة الجنسيات من ثمانين دولة لتدمير سورية مصممة على تأكيد هوية سورية العربية كمحور لمنظومة المقاومة في المنطقة وكقلعة للصمود وهي تجد في ردع الكيان الصهيوني عنوانا لتدشين عودتها كدولة فاعلة في المنطقة رغم كل ما لحق بها من خسائر نتيجة العدوان الأميركي الأطلسي الخليجي التركي الذي ما يزال متواصل الفصول على الأرض السورية التي بات معظمها وغالبية سكانها في حضن الدولة الوطنية وتحت حماية قوات الجيش العربي السوري التي تثبت صلابتها وقدرتها وهويتها الوطنية والقومية بعد كل ما جرى وكل ما أصابها فهي حولت التهديدات إلى فرص وطورت من الخبرات والقدرات ووجهت رسالتها الهادرة إلى العدو والصديق بالتصدي لطيران العدو.

التعافي السوري المتصاعد في سياق المسيرة الوطنية الكبرى لدحر العدوان والقضاء على عصابات التكفير الإرهابية واسترداد الأبناء المضللين والمتورطين بلغ درجة من النضج والتبلور تسمح للدولة الوطنية وقواتها المسلحة بمبادرات ردعية جديدة ضد الكيان الصهيوني.

ثانيا اعترف العدو بأن الصواريخ المضادة للطائرات التي اطلقت امس بسواعد وخبرات سورية ليست من الطرازات الأحدث التي باتت في حوزة الجيش العربي السوري لكنها كانت كافية لاعتراف الصهاينة بتدميرها لخرافة التفوق الجوي مما يثبت ان الإرادة السياسية القيادية والخبرة والمقدرة التقنية التي وفرتها كانت هي الأصل في عملية رادعة نوعية لكل من تسول نفسه العدوان على سورية بأي ذريعة كانت بما في ذلك الكلام الصهيوني عن دعم ترسانة المقاومة اللبنانية بأسلحة متطورة.

تلك الإرادة التي تمتلكها القيادة السورية وهي ميزة حاسمة لشخصية الرئيس الدكتور بشار الأسد حددت التوقيت المناسب واستخدمت الوسائل الناجعة ومن مزايا التوقيت ان يأتي عشية قمة عربية وفي اجواء مرور ست سنوات على العدوان الذي كان محوره صهيونيا وكانت غايته الاستعمارية الرجعية الصهيونية هي تدمير دور سورية القومي وقوتها الإقليمية التي اكتسبتها كمحور وظهر لحركة المقاومة في المنطقة وهو ما برهنت عليه في دعمها لحزب الله وللمقاومة الفلسطينية طيلة أربعين عاما ولاسيما منذ العام 2000 عندما طور الرئيس بشار الأسد من مدى التزامه العميق بدعم قوى المقاومة وقد برهنت على ذلك حرب تموز وحروب العدو ضد قطاع غزة حيث سجلت تل أبيب ان الصواريخ الرادعة التي استهدفتها وآلمتها كانت في جلها سورية الصنع.

ثالثا ما بعد الرد السوري توازن جديد في المنطقة يواكب إنجازات الجيش العربي السوري على الأرض وثبات تحالفات سورية التي حبكها الرئيس بشار الأسد ببراعة استراتيجية فائقة وولد منها قوة رافدة لقدرات الدولة والجيش وفعلا سياسيا نوعيا غير في التوازنات الدولية وهو اليوم يقود مسيرة تحرير الأرض السورية من عصابات الإرهاب ويضع حدا للغطرسة الصهيونية التي سخرت قوة العدوان في خدمة تلك العصابات التي اوكل إليها الاستعمار الغربي مهمة الوكالة عن القوة الصهيونية المردوعة وكلما أصابها الوهن تدخلت تل أبيب التي ستحسب من الآن ألف حساب لتكرار عدوانها على السيادة السورية .

المؤشر الأهم في طبيعة هذا الرد انه اتخذ بقرار حاسم يكشف استعداد القيادة والجيش في الجمهورية العربية السورية للتعامل مع التداعيات المحتملة للرد على طائرات العدو بما في ذلك تورط الصهاينة في عمل عسكري اوسع فمثل هذا القرار ليس ارتجاليا وهو رسالة من محور المقاومة مجتمعا برفع التحدي وصفعة للكيان الصهيوني خلاصتها : جاهزون للرد على عدوانكم واللعبة انتهت فسورية تستعيد دورها وقوتها .

رابعا القرار السوري يتوج منظومة المصداقية السورية وبغض النظر عن السجال الصهيوني في الحصيلة العملية التي اكدها بلاغ القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في الجمهورية العربية السورية بإسقاط طائرة معادية وإصابة طائرة ثانية فالرد يثبت مصداقية القيادة السورية ويترجم بلاغاتها السابقة التي تعهدت بالرد المناسب في التوقيت المناسب هذا مع العلم ان احدا في منظومات الإعلام العالمي والعربي لم يكن يملك مشروعية السؤال عن الرد السوري في ظل العدوان الكوني الذي شغل الجيش العربي السوري على امتداد أرض الوطن وفي معظم انحائه طيلة السنوات الماضية.

سورية الجريحة والمطعونة بأيد عربية رجعية وعميلة والمثخنة بالجراح ما تزال القلعة القومية الصامدة المتمسكة بسيادتها واستقلالها تنتصب شامخة وتعود قوة إقليمية فاعلة تفضح حكومات الردة والاستسلام بعدما أسقطت جميع الروايات الزائفة عن الحرب التي استهدفتها خلال السنوات الست الماضية فقد انتصرت الرواية السورية باعتراف العالم الذي بات يستخدم مفردات الدولة الوطنية السورية والإعلام الوطني السوري في وصف ما يجري على أرض بلد عظيم ضد شعب عزيز وجيش أبي عربي مقاوم يردع الغزاة ويحضن المقاومين الشرفاء في شراكة المصير…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى