بقلم غالب قنديل

ترامب يتراجع في النووي

غالب قنديل

استنفرت عصابة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بجميع رموزها ومواقعها ومراكزها للعمل مع اللوبي الصهيوني “الإيباك ” في مواكبة بنيامين نتنياهو خلال زيارته لواشنطن واجتماعه المرتقب مع الرئيس الأميركي المثير للجدل دونالد ترامب.

تناولت التحضير للزيارة وجدول أعمالها مجموعة من التقارير والمقالات وحلقات النقاش التي تصدرها معهد واشنطن التابع للوبي الصهيوني وقادها مديره التنفيذي روبرت ساتلوف والدبلوماسي السابق دينيس روس الذي لعب دورا محوريا في رسم السياسات الأميركية في المنطقة منذ عهد بيل كلينتون مرورا بخليفتيه دبليو بوش وباراك اوباما وانتقل مؤخرا إلى معهد واشنطن مركز التخطيط السياسي الرئيسي النافذ في إدارة ترامب .

المقالات والتقارير المنشورة في صدد سياسة ترامب الشرق أوسطية على يد أركان اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد وخصوصا ثلاثي ساتلوف وروس والباحث في معهد واشنطن ديفيد ماكوفسكي الذي نشر مقالا مشتركا مع دينيس روس حول جدول أعمال المباحثات التي ستجري بين ترامب ونتنياهو .

العبارة الرئيسية التي ترددت في جميع المقالات والتقارير المشار إليها أعلاه هي ” تنفيذ الاتفاق النووي بحذافيره بدلا من إلغائه ” ومعها توقع بالتوصل إلى اتفاق بين نتنياهو وترامب على العمل معا لدق الأسافين بين روسيا وإيران إضافة إلى تعزيز التحالف السعودي الخليجي مع الكيان الصهيوني ويزيد دينيس روس نقطة اخرى هي التصعيد العسكري الأميركي في سورية وضد الجيش السوري بذريعة خرق وقف القتال قبل او بالتوازي مع التفاوض حول إطار الشراكة الروسية الأميركية في أي خطة حربية للقضاء على داعش .

الفكرة المحورية هي ان ترامب المصمم على الشراكة مع الكيان الصهيوني في العمل ضد إيران اصطدم بالوقائع العنيدة التي أسقطت شعاره غير الواقعي “تمزيق الاتفاق النووي ” وأبقت له هامشا من التصعيد اللفظي ضد إيران تحت شعار التمسك بتطبيق الاتفاق الذي شهدت وكالة الطاقة النووية لإيران بأنها تقيدت به حرفيا وبالتالي السير على خطى باراك اوباما في محاولة دس طلبات من خارج الاتفاق وشروطه كمثل الاعتراض على التجارب الصاروخية الإيرانية التي ترعب الكيان الصهيوني ومحاولة إحداث وقيعة ما بين موسكو وطهران تبدو نوعا من الرهان غير الواقعي بالنظر لكمية المصالح والاتفاقات الثنائية وللشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية الإيرانية التي قادت تحولا قاهرا في الواقع الدولي هو الذي أنتج ظاهرة ترامب داخل الولايات المتحدة.

حرارة العلاقة الأميركية الصهيونية تتصاعد ولكن الواقع الصعب والاستعصاء المتمادي في معادلات القوة والتوازنات العسكرية والسياسية لا يسمح للكيان الصهيوني ومعه الإمبراطورية الأميركية باستسهال شن حروب جديدة محكومة سلفا بالهزيمة وبنتائج كارثية ستهز المصالح الأميركية في المنطقة وتهدد وجوديا كيان العدو والحكومات الإقليمية العميلة والتابعة التي تسعى واشنطن مع ترامب للم شملها بدبلوماسية الاتصالات الهاتفية لكنها تبدو عاجزة عن تخطي المأزق الكبير والمقيم الناتج عن تراجع المكانة الدولية للولايات المتحدة بعد نشوء قوى صاعدة وفاعلة في العالم أبرزها روسيا والصين ومن بينها إيران في ظل اعتبار الخبراء الاستراتيجيين أن حقبة ترامب نتاج حي لسقوط الهيمنة الأميركية الأحادية على العالم ومع اعتراف الرئيس الأميركي المتجدد بكلفة الذهاب في طريق الحروب والغزوات العسكرية أمام أولوية تحديات إعادة بناء القوة الاقتصادية الأميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى