بقلم غالب قنديل

الرد على العدوان الصهيوني

غالب قنديل

كما في كل مرة منذ سنوات أعقبت العدوان الصهيوني على مطار المزة العسكري موجة تعليقات توزعت بين جبهتين اجتمعتا على السؤال عن الرد السوري تعليقا على بيان الخارجية السورية والعبارات التي تستخدمها القيادة السورية .

أولا تتركز الجبهة الأولى في خنادق أعداء سورية ويتحصن فيها طابور المنفوطين المرتبطين بجوقة العدوان الاميركي الأطلسي الصهيوني التركي السعودي القطري منذ سنوات عملوا فيها ولا يزالون مجندين في آلة التضليل والدجل السياسي المكرسة للتغطية على عصابات التوحش والإرهاب وجلهم ممن يسوغون نهج الاستسلام للكيان الصهيوني ويتبنون السياسات الأميركية الصهيونية في المنطقة كما يناوئون محور المقاومة بجميع اطرافه ولا سيما منه الدولة الوطنية السورية التي تدفع ضريبة خيارها الاستقلالي التحرري وهؤلاء بالتالي هم مزاودون سخفاء لامصداقية لكل لغوهم ،اما الجبهة الثانية فتضم عروبيين صادقين ووطنيين شرفاء يتبنون منطق ردع العدوان بدوافع نبيلة ويسألون عن الرد في هذا السياق وبكل نية حسنة.

إن كلام الجبهة المشبوهة محسوم امره ولايستحق الرد فهي جبهة تضم مرتبطين بالاستعمار والصهيونية ومرتزقة عند الحكومات التي تقيم تنسيقا امنيا وعسكريا مع الكيان الصهيوني لتدمير سورية وللنيل من قوى المقاومة في المنطقة أي ضمان امن إسرائيل ومصالحها ولا مصداقية لسؤالهم عن الرد السوري ونجدهم زاحفين صاغرين امام جرائم الصهاينة في فلسطين وسورية بينما هم يناصبون الجيش العربي السوري وحزب الله العداء السافر ويشنون حملات الكراهية ضد كل نفحة مقاومة وتمرد على المشيئة الأميركية الصهيونية وهؤلاء أصحاب التبريرات والفذلكات عن الواقعية السياسية في تبرير جميع اتفاقات الاستسلام من كمب ديفيد و17 أيار إلى اوسلو وهم انفسهم يندبون اليوم نهاية ولاية أوباما وتراجعه عن قرار غزو سورية ولذا هم خارج دائرة اهتمامنا كنفاية وسقط متاع من التفاهة والنذالة اما الرد المنطقي المستحق فهو موجه بالذات لكل وطني وعروبي شريف يؤرقه فعلا هم رد سورية وحلفائها على العدوان الصهيوني المتمادي وسبيل ردعه.

ثانيا إن الحرب على سورية هي حرب صهيونية بالوكالة بأهدافها وفصولها وهي تنفيذ لخطة صهيونية تستهدف قلعة المقاومة في المنطقة ومركز محور المقاومة الذي فرض معادلات نزعت هيبة الردع الصهيونية في السنوات الأخيرة وهو ما بينته التقارير الاستراتيجية ومئات الدراسات الصهيونية والتقويم الاستراتيجي الذي تضمنته تقارير المؤسسات والمعاهد العسكرية والأمنية في كيان العدو .

ومثل أي حرب كبرى يستدعي الدفاع الاستراتيجي عن سورية وضع اولويات للخطة العامة تبنى على تقدير دقيق للموارد المتاحة ولشروط المواجهة فحيثما يقاتل الجيش العربي السوري ضد عصابات الإرهاب والتوحش يتصدى لأدوات العدوان الصهيوني التي تشن حربا بالوكالة عن تل أبيب ينظمها الحلف الدولي والإقليمي بقيادته الأميركية وما يحققه هذا الجيش من انتصارات بتحرير مناطق سورية جديدة من هيمنة عصابات الإرهاب ليس سوى إنجازات في الحرب ضد إسرائيل ومشروعها الذي يستهدف سورية وبالتالي إن منطق الرد السوري الذي ورد في بيان وزارة الخارجية عن تصميم الدولة السورية على مواصلة القتال ضد الإرهاب حتى تحرير كل شبر من الأرض السورية هو تعبير عن إرادة المقاومة الاستراتيجية في وجه الحرب الصهيونية وحتى دحر ادواتها داخل سورية وهو مسار يتقدم بتضحيات الشعب والجيش والحلفاء وبخطة القيادة السورية وشركائها الكبار في محورها الدولي الإقليمي.

ثالثا يترقب محور المقاومة كل ما يقوم به كيان العدو ويعرف قادة المحور ما تبيته الغارات الصهيونية المتكررة وما تحمله من رسائل وقد سبق أن سددت ضربات موجعة للكيان ردا على الاعتداءات بعضها معلن وبعضها مكتوم كمثل ما نفذ من ضربات رادعة في الجولان المحتل وفي مرصد جبل الشيخ وفي مزارع شبعا المحتلة والأكيد ان القيادة العليا السورية وقيادة المقاومة يضعان في الحساب مثل تلك الردود وغيرها وقيادة محور المقاومة تعرف جيدا ان الجيش العربي السوري ليس في وضعية تمكنه من حشد القوة القادرة على خوض حرب شاملة ضد الكيان الصهيوني بفعل اضطراره مع حلفائه إلى تغطية انتشار عسكري واسع جغرافيا في القتال ضد قوى الإرهاب التي حشدت من كل انحاء العالم وتلقت دعما غير محدود ماليا وعسكريا وقد قدم هذا الجيش الباسل عشرات آلاف الشهداء من الضباط والجنود الشجعان الذين بذلوا اوراحهم فداء لوطنهم وتعمل القيادة السورية العليا لتعويض هذه الخسائر بجميع الوسائل المتاحة في مزيد من الحشد والتجنيد والتدريب والتأهيل.

تحرير سورية يقتضي الكثير من الجهد والدماء والوقت رغم كل ما تحقق إلى الآن وبالتالي فإن اولويات الخطة العسكرية في الدفاع عن سورية تقتضي التركيز على تحريرها من عصابات الإرهاب وتحاشي الاشتباك الواسع مع الكيان الصهيوني الذي يسلك طريق الاستفزاز والاستدراج المقصود منذ عشرات السنين اتجاه سورية التي حمت أسرار أسلحتها الدفاعية بقوة منذ معارك البقاع اللبناني خلال الاجتياح الصهيوني عام 1982 وضبطت تصرف قواتها ومنظوماتها الدفاعية بصورة محسوبة ومحكمة لتفويت فرص كثيرة على تل أبيب التي تعد اليوم أفخاخا للجيش العربي السوري وهي تدير وتحرك من غرف عملياتها وحدات عسكرية إرهابية على الأرض السورية.

رابعا من المسلمات التي يفترض وضعها في الحساب ان الانخراط الروسي في سورية يتمحور على غاية مشتركة رئيسية هي محاربة الإرهاب ودعم الجهود السورية لتحرير البلاد من العصابات متعددة الجنسيات التي تخوض الحرب بالوكالة عن الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي وان روسيا التي تقدم السلاح والخبرات التقنية للجيش العربي السوري وللمقاومة ليست شريكا محتملا في أي حرب ضد إسرائيل لاعتبارات روسية واستراتيجية كثيرة وعلى محور المقاومة ان يضع هذا البعد في حساباته وبالتالي من الحكمة راهنا تحاشي إحراج حليف بحجم روسيا وبفاعليتها في قرار المواجهة ومضمونها قبل حسم المعركة ضد الإرهاب .

طبعا نسارع للجزم بأنه لدى القيادة السورية وحلفائها كامل الاستعداد للقرار العسكري الدفاعي الكبير إذا ذهب الكيان الصهيوني في اتجاه المغامرة بعدوان واسع على سورية وفي هذه الحالة لن تبخل روسيا بدعم الجهد الدفاعي السوري فعندها ستعمل آلة الردع بقدرة كافية وواسعة لأن حربا شاملة ستكون قد فرضت بقرار من العدو ولابد من التصدي لها حتى لوكان التوقيت غير ملائم لسورية ولمحورها اما المناوشات والعمليات المحدودة فالحكمة تقضي بردعها بوسائل غير مباشرة وتحاشي فخ الاشتباك الشامل الذي يعطي للكيان الصهيوني فرصة يتحينها ويطلبها ليغير اتجاه المعارك ولينقل بها المبادرة إلى عصابات الإرهاب وجحافل التوحش في الميدان السوري .

ختاما إن إدارة الصراع في ميدان متشابك ومعقد تتطلب اعصابا باردة وصلابة فولاذية حيث يتساوى تفويت الفرص على العدو مع التقاط الفرص لإفشال خططه واستراتيجياته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى