بقلم غالب قنديل

خلفيات الغارة الصهيونية

 

 

غالب قنديل

تظهر الأحداث والتطورات المرتبطة بالحرب الاستعمارية على سورية مركزية إسرائيل في التخطيط الذي اطلق أعنف عملية تدمير وتوحش في المنطقة تستهدف دولة محورية مقاومة رفضت الخضوع لشروط الهيمنة الصهيونية والتراجع عن حقوقها السيادية وعن قضية الشعب الفلسطيني رغم كل ما عرض على رئيسها وما استهدفه من تهديدات اميركية وخليجية.

مع كل تحول في توازن القوى السياسي والميداني في سورية تتحرك إسرائيل وتتدخل عسكريا لتوجه رسائل إلى سائر الأطراف ولترفع معنويات الجماعات الإرهابية المتراجعة التي تعيش حمى صراعات وانهيارات كبيرة منذ تحرير حلب ويبدو واضحا ان خشية صهيونية كبيرة تتحرك على إيقاع التحولات أمام تعاظم قدرات الجيش العربي السوري وحيث يغدو حاصل الديناميكية السورية وكل من ادوار روسيا وإيران وحزب الله نذيرا بتجميد بعض التدخلات الإقليمية التي لعبت دورا كبيرا منذ انطلاق الحرب على سورية في القتال بالوكالة عن إسرائيل وعبر الزج بموارد هائلة في تطوير قدرات العصابات التي سخرت لشن الحرب المدمرة .

وسط التطورات المتلاحقة المتعلقة بمحاولة تشجيع تموضع تركي جديد يحمل بصمات اختبار الاحتواء الذي تلاقت عليه موسكو وطهران اتجاه تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وفي ظل ملامح مراجعة اميركية حول سورية بعد تنصيب دونالد ترامب في واشنطن تستشعر تل أبيب خطرا محدقا قد يودي بجيب عميل احدثته على جبهة الجولان إذا حسم الصراع في أرياف دمشق لصالح الدولة السورية بينما تشير الوقائع إلى اضطرار أردني لمراجعة الحسابات مع ارتداد داعش والقاعدة في الداخل الأردني بعدما حولت السلطات البلاد إلى قاعدة تحريض سياسي وإعلامي وتدريب وانطلاق للجماعات المسلحة إلى سورية منذ ست سنوات وبالتنسيق مع المخابرات الصهيونية والسعودية والأطلسية.

أظهرت إسرائيل منذ بداية الحرب حماسة كبيرة لفكرة الإطاحة بالرئيس بشار الأسد التي تبين سقوطها المدوي رغم تبني إدارة اوباما وحكومات تركيا وقطر والسعودية ودول الناتو التي ألقت إلى جانب إسرائيل بكامل ثقلها الاستخباراتي واللوجستي لخدمة هذه الغاية من خلال الدعم الذي قدمته للجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش العربي السوري وقد سعت إسرائيل بصورة حثيثة لزرع العملاء واستثمار علاقتها ببعض المجموعات السياسية السورية المرتبطة بالغرب والخليج وتركيا لتثبيت وقائع تعامل مباشر بين ما يسمى بالمعارضة والكيان الصهيوني وفي هذا السياق زار كثير من الجواسيس تل أبيب وعقدت لقاءات عديدة سعى الصهاينة عبرها لتثبيت اختراقهم للنسيج الشعبي والسياسي السوري الذي كان محرما وبقوة منذ عام النكبة لتصبح بعض الجماعات من واجهة المعارضات المشبوهة تقيم علاقات علنية مع القادة الصهاينة وتشترك في مؤتمرات ولقاءات تتناول الوضع السوري وتروج للهيمنة الصهيونية وشروطها بينما تمادى الانخراط العسكري والأمني الصهيوني في الحرب عبر التدخلات الجوية والبرية الداعمة للعصابات العميلة ولفصائل داعش والنصرة في الجنوب وعلى جبهة الجولان وفي محيط دمشق الذي راهنت إسرائيل ان يتيح لها اختراقه تهديد العاصمة السورية وهو ما تناوله كتاب ومخططون أميركيون وصهاينة مرارا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة .

الغارات الصهيونية سوف تتكرر خلال المرحلة المقبلة ولا سيما إذا نجحت القيادة السورية في مواصلة تفكيك منظومات الإرهاب والتوحش وفي حال تمكن الجيش العربي السوري من بسط سيطرته في كامل أرياف دمشق التي بقيت فيها عقد إرهابية محاصرة ومقطوعة عن طرق الإمداد ليصبح بعد ذلك كله الجيب الصهيوني محاصرا ومهددا بصورة مباشرة .

ينبغي ان يفكر المحور السوري بصورة مشتركة في سبل الردع المتاحة التي ترغم الكيان الصهيوني على التراجع وتبقيه مردوعا من دون تراجع التركيز على هدف تحرير المزيد من المناطق السورية التي يحتلها الإرهابيون .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى