بقلم غالب قنديل

سوريا محور العالم وعلاقات القوى الكبرى

غالب قنديل

عندما اندلعت الحرب العدوانية ضد سوريا وسعت الولايات المتحدة الى انتزاع تفويض من مجلس الامن الدولي لتطوير هذا العدوان وقفت كل من روسيا والصين موقفا مبدئيا مشرفا ومارست الفيتو في وجه المحاولة الاميركية المفضوحة كان ذلك قبل حوالي خمس سنوات من الان، ويتكرر مشهد الفيتو المزدوج وهذه المرة حول حلب، حلب مرة اخرى هي هذه النقطة من العالم التي تعيد صياغة العلاقات والتوازنات بين القوى الكبرى.

ما الذي تريده الدول الغربية التي تضغط حول حلب وتسعى الى استصدار قرار لوقف القتال عن مجلس الامن الدولي الواضح ان احدى الغايات غير المعلنة من الضغوط الغربية الاميركية البريطانية الفرنسية داخل مجلس الامن هي بالذات اخراج ضباط الاستخبارات الذين تواجدوا في حلب لقيادة جماعات الارهاب في قتالها ضد الجيش العربي السوري، نعم ثمة ضباط مخابرات من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وربما المانيا ايضا موجودون في مدينة حلب ومحيطها بصحبة عصابات القاعدة وعليهم مهام ومسؤوليات مباشرة في الادارة والقيادة وفي عدادهم بالتأكيد أتراك وسعوديون وقطريون يشاركون في ارتكاب المجازر وفي دك المدينة وتدميرها.

آن أوان تفكيك هذه المنظومة بعدما هزمت كل محاولات الحلف العدواني لتفعيل الحرب ضد سوريا بواسطة فلول القاعدة وداعش وبعدما زال الطلاء المزعوم للجماعات المعتدلة وانفضحت أكاذيب جون كيري وسواه من المسؤولين الغربيين عن حقيقة ما حشدوه من إرهابيين ومرتزقة الى سوريا .

روسيا والصين تعيدان رسم المعادلات الدولية وانطلاقا من سوريا سقطت الهيمنة الاحادية الاميركية وانتخب رئيس اميركي باشر حملته بالاعتراف بسقوط تلك الهيمنة الاحادية صحيح لم يقلها مباشرة ولكنه قال انه حريص على التعاون مع روسيا وهكذا يكون الاعتراف من الموقع الرئاسي في القوة التي دمرت عنجهيتها كل فرص التوازن الدولي.

انه توازن دولي جديد فمعه الصمود السوري وللصين وروسيا وايران وكل القوى المتضررة من الهيمنة الأحادية مصلحة أكيدة في تدعيم ذلك الصمود وفي البناء عليه لفرض التوازنات الجديدة ومعادلات القوة الجديدة واولى النتائج المرتقبة من هذا التحول في العلاقات الدولية بنتيجة صمود سوريا هو تحرير منظمة الامم المتحدة من الاستعمار الاميركي.

عندما ترضخ الولايات المتحدة لحقيقة التوازنات الجديدة وتقر بحجم الدور الروسي والصيني والايراني والهندي والسوري في معادلات المنطقة والعالم يمكن ان تستقيم العلاقات الدولية وحينها سيكون شرط الوجوب هو اختفاء الجواسيس الذين يديرهم جيفري فيلتمان وما يعادله في اجهزة الامم المتحدة ومؤسساتها واداراتها وعندها قد يكون ثمة مجال لرد الاعتبار لقواعد القانون الدولي بشيء قليل من التوازن فطيلة الاعوام الثلاثين الماضية كانت الامم المتحدة جهازا ملحقا بالإدارات الاميركية وغاب عنها اي شكل من اشكال التوازن الموضوعي في التعامل مع مختلف القضايا والنزاعات.

انها سوريا بمكانتها الاستراتيجية بثقلها النوعي في معادلات القوى بصمودها الكبير الذي ارهق قوى العدوان واسقطت الاقنعة ودمر كل المحاولات والرهانات والخطط التي وضعت للانطلاق من الرماد السوري الى مخططات جديدة للهيمنة الاستعمارية على الشرق لكن في سوريا قلعة شامخة وصامدة استطاعت ان تقهر المعتدين كما درجت على ذلك العادة في التاريخ القديم والحديث، الفيتو الروسي الصيني المزدوج محطة جديدة في تأكيد هذا البعد العالمي الكبير للصمود السوري ولمعانيه ولمفاعيله وسوف يفرض على المستعمرين الرضوخ امام ارادة صمود سوريا وحلفائها والحلفاء الذين هم شركاء في صنع المستقبل أوفوا بواجباتهم وتعهداتهم في جميع المجالات والفيتو المزدوج الروسي والصيني ما هو الا التعبير عن تلك الارادة القوية والصلبة بدعم صمود سوريا وبالحاق الهزيمة بحلف العدوان الذي يستهدفها.

انها تحية واجبة لكل من الصين وروسيا على موقفهما الامين بشراكة المصير مع سوريا ومع الشرق بأسره فثمة عالم جديد يولد ومن قلب مدينة حلب واحيائها التي تتنسم هواء الحرية بعدما اختطفها الارهاب خلال السنوات الماضية والمجد لدماء الشهداء التي صنعت كل ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى