بقلم غالب قنديل

الحرب النفسية وحملة الأكاذيب

غالب قنديل

إنها حرب عالمية وليست مناوشة عابرة التي يخوضها الجيش السوري والمقاومة مع سائر الحلفاء من العراق وروسيا وإيران ضد عصابات إرهابية محترفة متعددة الجنسيات انفقت على تجهيزها مليارات سعودية وقطرية واميركية خلال السنوات الماضية وشاركت تركيا والأردن والدولة العبرية في تسهيل حصولها على آلاف اطنان الأسلحة وهي تعمل لقيادة معاركها بشبكات اتصالات ومعلومات متطورة بناها الحلف الأطلسي بالمال الخليجي وبالإدارة التقنية التركية وما زال يتواجد في صفوفها ضباط عمليات وأركان من سائر الدول المتحالفة في شن العدوان على سورية.

يدرك أي عاقل متبصر أنها حرب كبرى سوف يتقرر في سياقها وحصيلتها مستقبل التوازن الدولي والإقليمي وترتسم المعادلات والعلاقات في المنطقة والعالم وحين تكون الأمور بهذه الأهمية الاستراتيجية يصبح من المتوجب التعامل معها بما تستحق من الدقة والرصانة بعيدا عن الانفعال الغوغائي واضعا في الاعتبار تعقيدات الصراع وتحدياته الكثيرة في جميع المجالات والحاجة المستمرة للمعاينة النقدية التي ترشد الأداء من غير ان تهدي العدو ثغرة مجانية في جبهتنا السياسية والمعنوية .

الحرب النفسية التي تشن ضد الجمهورية العربية السورية بالشائعات والأكاذيب شكلت ميزة رئيسية في مسارات الصراع خلال السنوات الأخيرة وهي استهدفت الداخل السوري وصمود الشعب والدولة والقيادة كما استهدفت زعزعة التحالفات التي استندت إليها سورية في صمودها.

عندما تواجد حزب الله في الميدان تم العمل على تصنيع تنافر افتراضي بين المقاومة والجيش العربي السوري ونشرت اطنان الأكاذيب عن حوادث وخلافات مختلقة وتم العمل على استثمار ظواهر او تباينات طبيعية قد تظهر داخل الجسم الواحد في التعامل مع واقع معقد وعندما توسع دور المستشارين الإيرانيين إلى جانب الجيش والمقاومة صعدت موجة التحريض ضد الدور الإيراني واخترعت ملايين الأكاذيب بهدف تشويه صورة موقف إيران الداعم للدولة الوطنية السورية وللشعب العربي السوري ولقواته المسلحة فعممت اخبار مفبركة عن شراء أراضي سورية وعن هيمنة ضباط إيرانيين على القرار وفبركت شائعات كثيرة ورسمت سيناريوهات كاذبة للتحريض وجرى تعميمها بهدف ضرب جسور الثقة التي أثبتت صلابتها رغم كل شيء.

هكذا هي الحال منذ خمس سنوات فكلما حصلت وثبة جديدة في قدرات سورية وحلفائها قامت آلة الحرب النفسية بتطوير أدوات ومفردات جديدة للتأثير على معنويات الجمهور ولمصادرة أثر الخطوات المحققة وقد اشتد سعار الهجمات بفبركة الشائعات واستثارة التناقضات الافتراضية منذ الانخراط الروسي العسكري الذي احدث نقلة استراتيجية انعكست في ميزان القوى لصالح محور المقاومة أظهرتها النتائج في الميدان السوري فقد انتقلت عدة الدجل والكذب المنظم إلى جبهات العلاقة بين روسيا وإيران والعلاقة الروسية مع سورية وحزب الله وجرى اختلاق الكثير من الأكاذيب لضرب المعنويات وزعزعة التحالفات التي ازدادت صلابتها في وجه التحديات الاستراتيجية التي تطرحها مهمة الدفاع عن سورية وشعبها وعن المنطقة والعالم.

الحروب النفسية تواجه بنشر الوعي واليقظة وبالتحفز لتفكيك الروايات الكاذبة وبالتعامل الإعلامي الذكي الذي ينقل الوقائع بتوازن وبصدق دون مبالغات ومن يتخيل ان نشر الشائعات والأكاذيب المضادة هو وسيلة مجدية فهو مخطيء وموهوم لأن ما من كذبة إلا عمرها قصير والمصداقية هي رصيد راكمه محور المقاومة لا ينبغي التفريط به تحت أي اعتبار كان .

من ظواهر التقصير الإعلامي اللافتة اننا رغم قدرة حلف المقاومةعلى تحقيق تغييرات نوعية في الميدان السوري وعلى عدة جبهات خلال الفترة الأخيرة لا تعطى تلك الوقائع ما تستحق من مساحات المعالجة والتغطية بينما يستدرج بعض الجمهور خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي ببساطة إلى حيث يريد الخصوم وعلى سبيل المثال ثارت عاصفة من التهويل بعدد شهداء المقاومة واستعملت فيها اخبار كاذبة ومفبركة بينما أهملت حقائق عن حجم خسائر العصابات الإرهابية خلال معارك ريف حلب الجنوبي والتي قدرت بمئات القتلى بينهم قادة بارزون ولم يجر تنوير الجمهور بشيء عن تعقيدات المعارك وعن واقعية الكر والفر في الحروب بينما يحقق المحور تقدما مستمرا في جبهات اخرى مهمة أيضا ولم تعط حقها في التغطية من دير الزور إلى الرقة وريفي اللاذقية وحمص وغوطة دمشق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى