بقلم غالب قنديل

المقاومة والعقول المثقوبة

غالب قنديل

في لحظات حرجة وفي مواضيع دقيقة وملتبسة ينبغي احيانا قول الأمور كما هي مهما كانت الكلفة ومن غير مواربة او تحايل وبعيدا عن مجاملات الصالونات الحافلة بالتذاكي على المفردات .

في التعامل مع قضية الساعة وهي العقوبات المالية والمصرفية الأميركية ضد لبنان وذلك جوهرها وليس كما تقول التسمية ” ضد حزب الله “نسجل ما يلي ولو في حدود كلمة للتاريخ علها تكون نواة مؤسسة لوعي جديد مناقض لموجات والتضليل والكذب .

أولا القانون الأميركي في عرف القانون الدولي يسري على أرض الولايات المتحدة وتحويله إلى قانون معتمد في لبنان هو انتهاك خطير للسيادة الوطنية والاستقلال الوطني وهو خضوع للانتداب الأجنبي. يفترض بقرار من هذا النوع أن يناقش في مجلس النواب بكل تفاصيله وان يخرج من الكواليس الإدارية والتنفيذية لمصرف لبنان وجمعية المصارف ويجب ان يكون النقاش فيه علنيا امام اللبنانيين فكل ما في هذا القانون الصادر عن سلطة اجنبية داعمة للعدو الصهيوني يستهدف اللبنانيين وهو عدوان على المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله وهي القوة اللبنانية المنشئة للسيادة الوطنية ولشرعية السلطة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية .

إن الرضوخ للدبلوماسية السرية في التعامل مع هكذا موضوع خطأ جسيم وليس صحيحا ان يترك الأمر السيادي أي امر سيادي لأي شخص او جهة وبغض النظر عن النوايا والشبهات وخصوصا من تربطهم منظومة مصالح سياسية ومالية عضوية بقوى خارجية مهيمنة في العالم وتعرضهم بالتالي لضغوط قاهرة تضطرهم للرضوخ أيا كان حجم التزامهم الوطني ما لم تتوافر قوة داعمة وفاعلة توفرها السلطات السيادية العليا في البلاد فكيف مع وجود طابور اميركي تابع سلفا وناقل للإملاءات والشروط وفيه من يجاهرون علنا بكراهيتهم للمقاومة وتمنيهم للتخلص منها.

ثانيا القضية المثارة تتخطى في خطورتها ملفات المخدرات وتبييض الأموال التي عرضت على مجلس النواب قبل سنوات وصدرت تشريعات خاصة حولها ورسمت آليات إدارية وقانونية للتدقيق والتحقيق والمتابعة وتبين بالنتائج التي صدرت في عشرات القضايا بطلان الإدعاءات الأميركية والغربية التي استهدفت العديد من اللبنانيين الذين انتزعوا بالطرق القانونية قرارات تبرئة أزالت الشبهات التي أثيرت ضدهم وضد حساباتهم المصرفية وبعضهم لجأوا إلى المحاكم الأميركية ليطالبوا بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بمصالحهم.

من المشين ان تسلم أي جهة لبنانية مسؤولة بمبدأ تحريم النشاط المالي لحزب المقاومة وان يصبح التنصل من العلاقة بحزب الله هدفا يستدرج إليه أي لبناني يريد العيش بسلام فيسافر بحرية وينفق ويقترض كأي مواطن طبيعي وهذا اخطر أهداف العقوبات الأميركية التي تستهدف قبل الحزب محيطه الشعبي ومن المشين كليا تكريس حق العقاب بنتيجة الاشتباه الأميركي الذي لم يكن يوما معيارا نزيها في التعامل مع جميع الحريات والحقوق والتوصيفات القانونية وهو محكوم أصلا ومسبقا بخدمة إسرائيل ومصالحها وأطماعها كعدو للبنان.

ثالثا وطنيا واخلاقيا لا مجال مطلقا لقبول تكريس قاعدة قانونية او إدارية تستهدف الحزب الذي حمى ويحمي حق الحياة والنشاط لجميع اللبنانيين بمن فيهم اولئك الذين لا شغل لهم في الحياة غير التحريض على حزب الله والعداء له وبث الكراهية ضده وقد حصدت لهم ادوارهم تلك ثروات طائلة امدتهم بها دول وسفارات اجنبية وخليجية .

إن مجتمعا كسيحا ومستسلما وتافها وخانعا امام الاحتلال والهيمنة والوصاية هو الذي يمنع حزبا وطنيا مقاتلا ومدافعا عن السيادة والاستقلال من حق جمع المال واستثماره في الوطن هل يذكر أي من مثقوبي العقول كيف عاملت المجتمعات السوية مقاوميها وكيف جمع الجزائريون مثلا حلي النساء ومحاصيل الفلاحين وأهدوها للثوار الذي قاتلوا المحتل وهل يسأل الأميركون المكلفون من إسرائيل باستهداف حزب الله من مول المقاومة الأميركية التي قاتلت الاحتلال البريطاني والمقاومة الفرنسية للاحتلال النازي وكيف عومل المقاومون في أوطانهم وكيف كرم من ساعدوهم ماليا ووفروا لهم القدرات المالية ؟ وهل ثمة من تجرأ في الولايات المتحدة او فرنسا على اتهام تلك المقاومة بالإرهاب او محاصرة نشاطها المالي او معاقبة جمهورها ومازالت سلالات المقاومين تكرم حتى اليوم هناك وينقل احفاد الأحفاد اوسمة تلقاها اجدادهم من جورج واشنطن او شارل ديغول ويتلقون معها التسهيلات والمكافآت والمزايا؟ بكل أسف لاشيء يدعو للتباهي في بلاد الأرز فنحن دولة مشلعة بلا سيادة وفي بلادنا عقول مثقوبة مرهونة للأجنبي وألسنة طويلة تروج العهر وتحاضر في العفة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى