بقلم غالب قنديل

نحن منحازون بالتأكيد

غالب قنديل

نستطيع الاستنتاج بعد كل ماشهدناه في السنوات المنصرمة أن الأخطبوط الإمبريالي الصهيوني يبرع في نصب الأفخاخ والخدع الافتراضية لتزييف الوعي ولتقديم ما يخدم مصالح المستعمرين في العالم مغلفا بأكاذيب شتى عن حقوق الإنسان وعن حرية الشعوب وامن العالم ومكافحة الإرهاب وتبييض الأموال ومواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل وسوى ذلك من الأكاذيب الانفصامية الأميركية الصهيونية التي تصور المقاومة إرهابا وتتحدث عن الاستبداد والديكتاتورية والفساد في الدول المستقلة الحرة التي تريد إسقاطها ونزع استقلالها الوطني بينما تحمي أبشع انماط الاستبداد والتخلف وكفى ان تكون راعية وحامية لأحط شكل للاستعمار الاستيطاني والتمييز العنصري في التاريخ البشري على أرض فلسطين.

يشكل التزييف الإعلامي أخطر أدوات هذه العملية المركبة التي تسهم في تسويق مفردات ومفاهيم يراد منها خدمة الخطط الاستعمارية عبر تغييب التناقض الرئيسي والقضية الرئيسية في كل حرب او نزاع سياسي ام عسكري تعيشه البلدان المستهدفة سواء بالقوة الخشنة من خلال الغزو الاستعماري المباشر ام بالحروب بالوكالة التي تكلف بها ميليشيات إرهابية عميلة ام حتى في حروب القوة الناعمة التي تعد إدارة اوباما منصاتها بإتقان لتكون اداة جاهزة بيد الإدارة الأميركية المقبلة لاستهداف جميع الخصوم والمنافسين الدوليين ولاستنزاف القوى العاصية والمتمردة على الهيمنة الأميركية الصهيونية خصوصا في منطقتنا حيث على الأرجح ان تسليم الولايات المتحدة بفشل حروبها لن يحمل تراجعا عن منظومات الحصار والعقوبات وسواها من ادوات الحرب الناعمة الزاحفة إلينا بقوة لأنها الخيار الباقي للدفاع عن الهيمنة الأميركية التي تواجه الرفض والتمرد في العالم.

لا ينبغي ان يحجب الغبار الاستعماري حقائق الصراع الجوهرية ولا موجات التباكي والعويل والضجيج المنظم للتحكم بالمشاعر والعقول وللتأثير على المواقف والخيارات ومن واجباتنا الإعلامية ان نكرس الحقائق وأولها ان حرية الإعلام كذبة كبيرة في العالم المعاصر فهيمنة القوى المالية والإعلانية والاستخباراتية على معظم وسائل الإعلام تؤكد ان قسما كبيرا ورئيسيا من الإعلام في العالم وفي منطقتنا خصوصا منحاز ومسيطر عليه في لعبة جهنمية تخدم مصالح محددة من خلال منظومة معلومات ووكالات اخبار عالمية تقود هذه العملية لصالح اخطبوط سياسي مالي استعماري وهي تنتج المفردات والمصطلحات والمفاهيم وتسوقها على اوسع نطاق لتكرسها كبديهيات تهيمن على اللاوعي الجمعي لشعوب العالم .

لامجال للتردد والمجادلة حين تكون التناقضات والخيارات اكثر من واضحة فالجوهري في الحرب الاستعمارية ضد سورية هو ضرب استقلالها والتخلص من مخاطر نهوضها الاقتصادي كقوة إقليمية فاعلة ومن دورها القومي الذي تميز بتبني المقاومة وبدعمها للمقاومين في لبنان وفلسطين والعراق فسورية مستهدفة لأنها ساهمت بقوة في نزع زمام المبادرة من الكيان الصهيوني وفي منع تصفية قضية فلسطين في تعطيل مشاريع التسويات المكرسة للهيمنة الإمبريالية الصهيونية على المنطقة ونجحت بقوة في ترسيخ محور المقاومة والاستقلال ونسج تحالفات وثيقة مع مناهضي الهيمنة الأميركية في العالم وهذه هي مضبطة الاتهام الأميركية ضد الرئيس بشار الأسد ومن يجترون روايات الدجال ساركوزي والنصاب جاك شيراك عن فرص ” أعطيت ” لدعم الرئيس بشار الأسد بشروط إصلاحية (الغلاف الإيديولوجي لضرب بنى الدولة الوطنية وركائز صمودها تحت عناوين كالخصخصة وتحرير الاقتصاد ) وهم غافلون أو متغافلون عن حقيقة ان حكومات فرنسا وقطر وتركيا كانت مكلفة من الولايات المتحدة بفخ خداع كبير لمحور المقاومة فلم يكن الجوهري هو ” المساعدة على الإصلاح في سورية ” بل السعي إلى تنازلات سورية صريحة تتضمن تنفيذ شروط كولن باول التي رفضها الرئيس الأسد بعد احتلال العراق أي الكف عن دعم المقاومة في لبنان وفلسطين وفك التحالف مع إيران وقبول التنازل عن حقوق سورية السيادية في الجولان وسنوات الخداع هي نفسها التي شهدت تحضير العدوان العالمي واستمالة الجواسيس والعملاء من قلب سورية ومؤسساتها وتهريب السلاح وتخزينه وإعداد المناطق الحدودية مع لبنان وتركيا والأردن لتكون منصات جاهزة.

بعد ملحمة الصمود السوري تتأكد تلك الحقائق وعلينا استخلاص الدروس والتصدي بخبرتها لمجابهة التحديات الجديدة التي تفيض بها الحملة الاستعمارية ضد سورية ومحور المقاومة وبالذات ضد حزب الله وعلينا الانطلاق من مبدأ ان التناقض الرئيسي الذي لايحجبه غبار هو صراعنا ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية دون التلهي بقشور التضليل وأغلفة الدجل والملفات المفبركة لإرباكنا ولتضليل الرأي العام حول حقيقة ما يجري لتوهين اليقظة ولاستنزاف إرادة المقاومة.

لأننا ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على منطقتنا وضد التوحش والإرهاب التكفيري وضد التخلف ونرفض تصفية قضية فلسطين ونتبنى مقاومة التهديد الصهيوني نقف بحزم مع الرئيس بشار الأسد والشعب والجيش والدولة الوطنية العلمانية في سورية ومع حزب الله ومع إيران ومع محور روسيا الصين عالميا وكل الباقي تفاصيل وعناصر ثانوية في المشهد وغبار استعماري لا يحجب الحقائق العنيدة : حزب الله مقاومة وطنية وقومية ضد العدوان والإرهاب والرئيس الأسد قائد استقلالي وزعيم عربي مقاوم وإيران قلعة حرة داعمة للتحرر وللمقاومة وليست مصدرا لخطر نووي اعترف المستعمرون بانه اختراع كاذب وخادع تماما كما ان رئيسة البرازيل لم تهدر مالا عاما خصصته للفقراء لكنها متمسكة بعضوية بلادها في مجموعة البريكس وباستقلال الدولة التي هي رئيستها عن الهيمنة الأميركية وروسيا قوة عظمى منافسة للإمبراطورية الأميركية واجهت نتائج مؤامرة جون كيري ومعاونته فيكتوريا نولاند في اوكرانيا وهي تدعم قوى الشرق الحرة ولذلك تحاصرها واشنطن بالعقوبات الاقتصادية رغم اضطرارها للاعتراف بقوتها الندية الهائلة انطلاقا من الميدان السوري .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى