بقلم غالب قنديل

سورية : تخريب التفاوض وكسر الهدنة

غالب قنديل

كشف الخارجون من ائتلاف الرياض يوم امس حقيقة معروفة وهي ان السعودية وتركيا معها تسعيان لتخريب فرص الحوار السوري ولتعطيل أي مسار سياسي يضع حدا للعدوان الذي يستخدم عصابات الإرهاب التكفيري لتدمير الدولة الوطنية وللنيل من استقلالها فعندما يقول مشاركون في هيئة التفاوض إن ارتباطات بالخارج كانت خلف نسف فرص الحوار والتفاوض وعندما تكون إحداثيات المشاركين في وفد مجموعة الرياض سعودية وتركية أساسا يصبح واضحا اننا ام تخريب متعمد بقرار من حلف العدوان.

غضت الدولة الوطنية السورية نظرها عن الثقل الشعبي الفعلي الذي تحوزه واجهات المعارضة المفروضة أميركيا في لقاءات الحوار بمسايرة روسية كانت غايتها على الأرجح تطبيق عرف عربي بالسير “خلف الكذاب إلى باب الدار” وبفضل الصبر السوري والوضوح في الموقف المبدئي السوري إضافة إلى الحرص الشديد على إعطاء الفرص لنجاح العملية السياسية تم فضح الخصوم ومشغليهم مرة اخرى والغاية التي سعت إليها الدولة السورية هي ترسيخ مصداقيتها أمام الرأي العام السوري بالعمل لبلورة مخارج سياسية تساهم في وقف دورة العنف وتخلص البلاد من الإرهاب وتحمي سيادتها واستقلالها الوطني .

قامت الواجهات المعارضة بإيعاز خارجي بعرقلة العملية السياسية وتعطيلها عبر التصعيد الكلامي والشروط الخارجة عن القواعد التي تم التفاهم عليها وسعت لمنع مشاركة اطراف معارضة داخلية وخارجية تتبنى نهجا متجاوبا مع العملية السياسية وتلتزم بأولوية توحيد الجهود لمقاتلة الإرهاب ودعم الجيش العربي السوري وبعد فشل الضغوط التي هدفت إلى تعويم العديد من فصائل الإرهاب والتكفير لمحاولة فرضها على العملية السياسية السورية قام وقد الرياض بالانسحاب وتعطيل التفاوض.

خلف موجة التصعيد الجديدة تقف جميع حكومات العدوان بقيادة الولايات المتحدة التي قام وزير خارجيتها جون كيري بعملية خداع خبيثة خلال زيارته الأخيرة لموسكو ورغم تأكيده على دعم إطار وقف العمليات القتالية بينما جرى تصعيد غادر في جبهة حلب لم يقتصر تدبيره على حكومة أردوغان والقيادة السعودية ويمكن بكل وضوح رصد البصمة الأميركية في تتبع ما جرى فما من احد يستطيع البرهنة على ان بمقدور حكومتي اسطنبول والرياض اتخاذ مبادرات منفردة خارج الغطاء الأميركي المباشر وقد برهنت تفاصيل الأحداث منذ اكثر من خمس سنوات على ان التعليمات الأميركية كانت دوما خلف تحريك إرساليات السلاح والمال والمسلحين إلى سورية ويمثل التبني الأميركي لمواقف عدائية ضد الرئيس بشار الأسد تغطية لخطط العدوان والمعتدين ضد سورية بهدف استنزافها وتشديد الشروط في وجه احتمال تقدم العملية السياسية وفقا للرؤية السورية الوطنية .

السعي لكسر ما عرف بالهدنة او باتفاق وقف القتال الذي أعلن من موسكو وواشنطن واكبه العمل بالتوازي على تخريب وعرقلة مسار العملية السياسية السورية في ظل تغطية المواقف والمبادرات والشروط التي اتخذتها دول حلف العدوان التي تشهد اندحار حربها الاستعمارية وفشل ضغوطها على الدولة الوطنية السورية فقد تمسكت القيادة السورية بمبادئها وبمواقفها وخياراتها الوطنية والقومية رغم كل ما جرى حتى اليوم اتخاذه من تدابير عدائية ضدها عبر استنزافها ومحاصرتها اقتصاديا وسياسيا ورغم ما دبر ضدها طوال السنوات المنصرمة عسكريا وامنيا وما استهدفها من خطط مدمرة وسفك دماء وتدخلات إجرامية غير مسبوقة.

الدور المركزي لسورية في محور المقاومة واستقلال سورية الوطني وضعا في مركز التسديد الاستعماري منذ انطلاق العدوان وعندما تتخوف إسرائيل مؤخرا بلسان قادة مخابراتها العكسرية من مخاطر نهوض الدور السوري مجددا ومن تعافي الدولة الوطنية واسترجاعها لحضورها ولديناميكية دورها الإقليمي يصبح واضحا ما هو الهدف من الاستماتة الأميركية في فرض المزيد من الاستنزاف العسكري والاقتصادي عبر إطالة امد الحرب بأي ثمن والتحايل والمخادعة في التعامل مع نتائج التفاهمات مع القيادة الروسية حول رعاية العملية السياسية في سورية بناء على اتفاق مجموعة فيينا ونسترجع من حديث اوباما إلى جيفري غولدبرغ قوله إنه تراجع عن فكرة ضرب سورية نتيجة العجز عن تدمير كامل قوة الجيش العربي السوري وبالتالي قدرة الرئيس الأسد على إعلان النصر مستندا لما سيبقى لديه من قوة مقاتلة ومن دعم شعبي كبير.

المعلومات والأرقام تفيدنا بأن الجمهورية العربية السورية كانت على وشك التحول إلى قوة اقتصادية فاعلة عشية العدوان والمعطيات الاستراتيجية تشير إلى ان شراكات سورية الكبيرة والعميقة اقتصاديا وسياسيا مع إيران والصين وروسيا لولا وقوع العدوان الاستعماري ومكيدة الخداع التركي القطري الفرنسي كانت ستطلق من دمشق محورا شرقيا يتحدى الهيمنة الغربية ويؤمن مساندة قوية ونوعية لقضية فلسطين وذلك جرى اعتراضه وتخريبه بنتيجة العدوان على سورية وبعد إطلاق قوى التوحش والتكفير الأخوانية الوهابية لتدمير هذه الدولة المحورية في المنطقة واليوم تهدف موجات التصعيد العسكري والتخريب السياسي إلى تأخير ساعة الاستحقاق بعدما أرغم الغرب الاستعماري سياسيا على التقهقر نتيجة الفشل وتحت ضغط التوازنات والتحولات الكبرى التي أثمرها الصمود السوري .

جميع قادة حلف العدوان ترتعد فرائصهم من لحظة خروج الرئيس بشار الأسد منتصرا ويخشون عودته إلى صدارة المشهد لأنها ستكون في يقينهم أقوى وأشد هولا من نتائج صمود الزعيم العربي جمال عبد الناصر ضد العدوان الثلاثي عام 1956 وقد ولدت تداعيات الصمود المصري في حينه مدا قوميا حكم التاريخ العربي المعاصر وما يزال بمداه الثقافي والسياسي حاضرا حتى اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى