بقلم غالب قنديل

حزب الله والأصوات الخافتة

غالب قنديل

تعوم الحياة السياسية على بحر متلاطم من فضائح الفساد التي تطال كل شيء ويقينا يتلهى اللبنانيون برأس الجبل المتعفن الذي يشكل هيكل جمهورية الطائف بنتيجة نظام التقاسم والخصخصة والمحاصصة الذي نخر مؤسسات الدولة حتى النخاع الشوكي وادخل المجتمع في حالة من التوتر الطائفي والمذهبي الذي يشتعل تلقائيا او تحركه القوى النافذة في الحكم .

بقوة العادة يستمر كل شيء على حاله ويصبح عاديا تبرير الرضوخ للخارج وإملاءاته وتكتفي حكومتنا بالتحفظ على اتهام المقاومة التي حررت الأرض وحمت السيادة الوطنية ضد الكيان الصهيوني وكذلك ضد قوى الإرهاب والتوحش التي ولدها ورعاها المتآمرون على المقاومة .

يمر موقف رفع العتب عاديا كأن الحكومة ليس لديها ما تقوله عن القوة الوطنية التي تحمي السيادة وتصون مساحة الحرية والاستقرار في الداخل اللبناني وهي بذلك تخرج على بيانها الوزاري وبالتأكيد فبعض المشاركين مع حزب الله في الحكومة يتمنون لو تفلح تلك الضغوط الخارجية المتسارعة والمكثفة في القضاء على المقاومة التي تعجز امامها إسرائيل وهم يدركون كذلك عجزهم عن تحقيق الغاية العزيزة التي عملوا عليها بقيادة “العزيز جيفري” لسنوات خلت وباتوا يعولون على قرارات المحكمة وينتظرون “معجزات ” العقوبات الأميركية التي أقرها الكونغرس والفطين منهم يدرك ان ذلك كله لن يفيد ( تابعوا الوزير وليد جنبلاط ).

تحت التهديد والعدوان وفي ظل سيل من التدخلات الأجنبية الخليجية الفاجرة تقف المقاومة صامدة عزيزة وتكاد تكون وحيدة فالهجمة التي تستهدفها من الخارج واكبتها لعبة خبيثة في الداخل خلطت الأوراق وكشفت هشاشة الواقع السياسي امام الحسابات الصغيرة .

فالمهزلة الكبرى المؤلمة ان معظم حلفاء المقاومة وداعميها من القوى اللبنانية باتوا يقدمون المصالح الصغيرة والافتراضية على المباديء التي طالما جاهروا بها وتمسكوا بالثبات عليها وفي صلبها تبني المقاومة ودعمها وتلك القوى غارقة في لعبة التقاسم السياسي والمصلحي الصغيرة التي غلبت أولوية المباديء والالتزام الوطني والقومي:            

         جعل سمير جعجع وظيفته السياسية محصورة بالهجوم على حزب الله وهو لا يوفر فرصة للتطاول على المقاومة بينما يؤثر التيار الوطني الحر الصمت وعدم الرد “صونا” لقواعد التفاهم مع القوات اللبنانية التي أعلنت دعمها لترشيح العماد ميشال عون للرئاسة مع ان الرد الممكن على منطق جعجع هو ضرورة لتأكيد هوية التيار وثوابته وبما لا يهز قواعد ما تم الاتفاق عليه بين رئيسي الحزبين وبالفعل افتقدت المقاومة ومناصريها حرارة خطاب التيار والعماد عون الداعمة للمقاومة بينما ترك للقوات وقائدها التلاعب بعواطف الجمهور العوني اتجاه حزب الله والطعن بمصداقية تبني الحزب لترشيح العماد ميشال عون رغم صلابة هذا الموقف المتخذ بأسبقية كبيرة وبقوة ثبات نادرة بينما الالتحاق الجعجعي تحوم حوله آلاف الأسئلة في الحيثيات والدوافع وهي معروفة للعونيين جيدا.

         تحت تغطية ترشيحه للوزير سليمان فرنجية يشن الشيخ سعد الحريري أعنف هجوم وبلغة جارحة وخالية من آداب التخاطب على الرئيس بشار الأسد ويمارس تحريضا صارخا ضد حزب الله وامينه العام ولم يخرج الرد القوي المنتظر في مثل هذه الحالة من زعيم تيار المردة او معاونيه على الرغم مما هو معروف عنهم من صلابة الالتزام والوفاء ومسوغات الصمت المفترضة هي الحرص على عدم هز تفاهمات باريس الرئاسية التي ما تزال بعدا افتراضيا ويبدو ان احد اهدافها السياسية توليد الشرخ المتمادي بين الوزير فرنجية والعماد عون وإرباك قوى الثامن من آذار الذي لا يعوضه الرضا بحقيقة أن الخيارات الرئاسية صارت محصورة بمرشحيها عون وفرنجية.

         الهجمة التي تستهدف المقاومة وإعلامها بقيادة المملكة السعودية سجلت محطات متلاحقة من مجلس التعاون الخليجي إلى مجلس الجامعة وصولا لقرارات حجب قناة المنار وثمة قيادات واركان من قوى الثامن آذار اكتفت بمواقف رفع العتب الخافتة ولم تظهر ما درجت عليه من حرارة الدفاع عن المقاومة ومنابرها وعذرها في التفاهمات البلدية مع الحريري التي اعتبرت تكريسا لوزن تمثيلي تنكرت له السعودية منذ الطائف وهنا يتركز الحديث تحديدا على حليفين كبيرين للمقاومة هما الوزيران فيصل كرامي وعبد الرحيم مراد .

حزب الله كما قال امينه العام لا يريد من حلفائه شيئا وهو قادر على مواجهة التحديات لكن هل يصح صمت الحلفاء او اكتفاؤهم بمواقف شكلية يخفضون نبرتها لاعتبارات تكتيكية وأين هي المسؤوليات الوطنية وأين هو الرئيسي والثانوي ولم يصر الشيخ سعد الحريري والدكتور جعجع وحلفاؤهما على مواقف استفزازية وعدائية ولا يضعون في اعتبارهم انهم يشاركون في تفاهمات مع قوى حليفة لسورية ولحزب الله مما يدعوهم إلى اتباع لغة مختلفة في التعبير لو كانوا حريصين على حماية ما عقدوه او عرضوه من تفاهمات يبدو ان فعلها المقصود هو تفكيك جبهة الثامن آذار وتعطيل قوتها لاستهداف المقاومة والنيل منها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى