بقلم غالب قنديل

رسالة إلى مناضلي 14 آذار

14 March Meeting at Maarab photo Aldo Ayoub 8 resize resize

غالب قنديل

بمناسبة 14 آذار كل عام وانتم وعائلاتكم بألف خير وكم كنت أتمنى لو كنتم قادرين على الاحتفال بإنجاز واحد بعد أحد عشر عاما من هبتكم العفوية بأحلامكم الكبيرة وأنا صادق في احترامي لحسن نواياكم وصدق ما آمنتم به يومها. إنها رسالة تعاطف ودعوة إلى التفكير معا وليست رسالة شماتة.

يمكن لكم ان تردوا بالنكاية على رسالتي توصيفا للكثير من عيوب وخطايا تحالف الثامن آذار وأبادركم للقول مسبقا إن هذا التحالف يواجه إرباكات كثيرة وهو يشكو من البطالة الفكرية والسياسية في العديد من القضايا وتنقصه الديناميكية والابتكار وهو متبقرط الهياكل ويجتر كلامه احيانا في بياناته الدورية … سبق لي ان قلت ذلك غير مرة وخصوصا في ازمة النفايات ولا أردده مجاملة لكم اوتطييبا لخواطركم فتحالف الثامن آذار يشترك مع خصومه في العجز امام معظم مشاكل المجتمع اللبناني لكنه رغم ذلك نجح في رسم مشهد سياسي يزعجكم كثيرا : بعد سنوات من الصراخ والرفض والتباهي وبعد سنة ونصف من الحلم بانتخاب الدكتور سمير جعجع رئيسا وعودة الشيخ سعد الحريري رئيسا للحكومة بمشروعه الاقتصادي والمالي المجرب وتحول 14 آذار إلى حلف حاكم تأتيكم الحصيلة المفجعة : قيادات 14 آذار منقسمة حول تبني مرشحين للرئاسة من زعماء 8 آذار العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية وتعرفون ما قيل لكم عنهما بالاسم من كلام التحريض والكراهية والشيطنة فصارا بقدرة قادر عنوانا للخلاص وللحل الممكن عند كل من القوات اللبنانية والمستقبل أليس هذا بذاته دليلا على فشل سياسي كبير؟

تعلمون بالطبع إنها علامة فشل وخيبة جديدة ولا أظنكم قانعين بذرائع الزعماء وخطبهم المتباهية بجبرية التسوية فلم لم يسلكوا دروبها من أول الطريق ؟ ولم لم يتعظوا من التجارب السابقة الفاشلة التي انتهت بقبولهم للتسويات ؟ من الداخل تشعرون بخيبة كبيرة وبحزن عميق خصوصا وانها ليست المرة الأولى التي تدفعون فيها إلى الإحباط فقد حصل ذلك مع جميع البيانات الوزارية التي اعترفت بالمقاومة التي ورطوكم بكرهها والهتاف ضدها ثم خضعوا لقبول الشراكة معها واعترفوا بمعادلتها وجلسوا للتحاور معها بعدما اوهموكم بقرب التخلص منها وما زالوا يفعلون وهو الإحباط الذي سيطر عليكم مع مفاجأة تشكيل الحكومة الأخيرة بعد اضطرار زعمائكم لإسقاط الفيتو عن حزب الله بطلب من السفير الأميركي! تعجبت كثيرا لأنكم لم تسألوهم عن شعارات السيادة والاستقلال يومها ؟

بالطبع تعرفون رأي السوريين اليوم في جحيم نزوحهم وفي وطنهم بما قيل لكم ولهم إنه ثورة أقام لها زعماؤكم الاحتفالات وغرف العمليات الإعلامية والأمنية وقدموا المال والسلاح الذي أرسلته السعودية عبر لبنان وتذكرون الباخرة لطف الله 2 وقد عجبت لأنكم لم تسألوا ولم تحاسبوا على كل ذلك عندما ارتد الويل إلى بلدنا وأهلنا وقتل ضباط وجنود لبنانيون في عرسال وغيرها بينما كان زعماء ثورة الأرز يقلبون الحجارة في الجرود بحثا عن القاعدة ويهاجمون الجيش اللبناني وقيادته وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على الوزير فايز غضن لأنه كشف معلومات استقاها من مخابرات الجيش عن أوكار القاعدة.

أيا كان منطقكم في الموقف من وجود حزب الله في سورية هل تسألون أهل البقاع والشمال اليوم عن سر الطمأنينة والاستقرارعندهم ؟ وهل يعقل ان تتجاهلوا حقيقة ان الإرهاب الداعشي والقاعدي والأخواني كما ثبت عمليا بعد خمس سنوات من ريح الربيع السموم وباعتراف مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة بجلالها الإمبراطوري هو خطر عابر للحدود ومرتد في تهديده ولولا السد الذي أقامه حزب الله والجيش اللبناني والجيش السوري ( نعم الجيش السوري !) لكنا في قلب معمعة الدماء وويلاتها ولما نعم شعبنا بالأمان ولما نعمنا بمساحة الحرية … حتى حرية زعمائكم في مهاجمة حزب الله ليل نهار ! هلا تتأملون اليوم قيمة كفاح شباب من مواطنيكم ضحوا بأرواحهم لحماية لبنان وبالتالي لحمايتكم وحماية عائلاتكم وحريتكم في التعبير والتجمع ساعة تشاؤون؟

لا شك أنكم محبطون من تحول دعوات النقد الذاتي طيلة سنوات إلى فلكلور سياسي لزعماء رفعتم صورهم وآمنتم بهم ولم يقدموا لكم وثيقة خطية جدية واحدة غير بكائيات الدكتور فارس سعيد ليشرحوا لكم مواضع الخلل في التفكير السياسي والمنهج السياسي وأساليب العمل التي اتبعتها قيادة 14 آذار التي لم تمتلك شجاعة الاعتراف بأخطائها وبددت ثقة الحشود التي تدفقت إلى الساحات.

رغم خلافاتهم الكثيرة طلبوا منكم هذه السنة مجتمعين ان تقدموا فروض الطاعة والاعتذار لأشد انظمة البلاد العربية تخلفا واستبدادا وقمعا ولا شك استفز المشهد الذليل إيمانكم بالكرامة الوطنية واعتزازكم بها ولم يستطع أي منكم معرفة الخطيئة التي طلب إليه ان يعتذر عنها “لمملكة الخير” فكل التنازلات والتراجعات التي قدمتها قياداتكم كانت بطلب اميركي وتحت الرعاية السعودية فلماذا تعتذرون ؟!.

هل تذكرون خطب زعماء 14 آذار النارية قبل خمس سنوات يوم قالوا لكم إن ثورة 14 آذار هي ام الربيع العربي؟ ويومها قلنا لكم إنهم يأخذونكم في لعبة شيطانية مدمرة … فما هو الحصاد ؟

لابد من التذكير بحسابات قادتكم الفاشلة خلف جيفري فيلتمان وبندر بن سلطان بالمراهنة على إسقاط الرئيس بشار الأسد ومواعيدهم المتدحرجة ومازال كثيرون منكم في قرارة انفسهم يودون سؤال الرئيس الحريري عن تعهده بالعودة من مطار دمشق ولكن سأسألكم عن ثوار الربيع الذين تكشفوا عن داعش والقاعدة ووحوش إرهابيين حشدوا من شتى بقاع الأرض من جماعات التكفير وتنظيم الأخوان المسلمين وعلى سيرة الأخوان هل تذكرون كلمة الدكتور جعجع فليحكم الأخوان ؟

طبعا كان ذلك سلوكا أوحت به تقارير السفارة الأميركية عن ربيع ديمقراطي في المنطقة وتحمس زعماؤكم فخلعوا علاقتهم الوثيقة لسنوات بنظام الرئيس السابق حسني مبارك وبمخابراته فكذبوا عندما تنكروا لها وأعلنوا انتساب ثوار الميادين المصرية إلى قوى 14 آذار كما عمموا عليكم وحاولوا إقناعكم وكانت الحصيلة حكم الأخوان وما جرى بعدها في مصر تعرفونه جيدا .. وكما في جميع بلدان الربيع داعش والقاعدة ينشران الخراب والموت في كل مكان بكل أسف ويتمنى الناس الطيبون استرجاع أيام زمان بفعل الخيبة واليأس وبالطبع ليس ذلك ما أدعوكم إليه … أحييكم مكررا المعايدة آملا منكم التفكير بهدوء والتحرر من المواقف المسبقة ولنا عودة للنقاش قريبا مع خالص الاحترام والمحبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى