بقلم غالب قنديل

الجامعة وأمر العمليات الأميركي

1 163 590x407

غالب قنديل

في اليوم ذاته الذي أصدرت فيه الجامعة العربية من القاهرة قرارها ضد حزب الله كانت اليزابيت ريتشارد المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان تعلن امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ وفقا لبيان وزعته السفارة الأميركية في بيروت أن مهمتها المركزية ستكون العمل لمحاصرة حزب الله الذي وصفته بالمنظمة الإرهابية كما فعلت الجامعة بالأمر السعودي.

أولا شاع توصيف ما جرى في مجلس التعاون الخليجي ومن ثم في الجامعة بالغضب السعودي وفي ذلك تفسير سطحي وساذج لحقيقة العملية الجارية بناء على قرار اميركي يتصل بمبدأ حماية إسرائيل بعد فشل الحرب على سورية واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وتعاظم قوة حزب الله خلال السنوات الأخيرة وفي ظل انكسار الحصار والعقوبات حول إيران وهي تحولات نوعية حاسمة تؤسس لتغيير في توازن القوى الإقليمي يثير هلعا وجوديا في الكيان الصهيوني جندت الولايات المتحدة الحكومات العربية التابعة للغرب في احتوائه من خلال الانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون والتناغم السياسي والشراكة بين إسرائيل وتلك الحكومات في التصدي لمحور المقاومة وبالذات لحزب الله الذي يعامل بوصفه رأس الحربة في مجابهة إسرائيل والمحور الرجعي العربي بقيادته السعودية.

ثانيا كان الثقل السوري في الجامعة لعقود مضت قوة تفرض شيئا من التوازن الذي فرض في مواقف الجامعة وبياناتها مراعاة تمسك دمشق بالصراع ضد الكيان الصهيوني وبمنع تصفية قضية فلسطين وهو أملى على الحكومات الرجعية العربية تكيفا سياسيا قامت فيه لغة الجامعة ومقرراتها على توازن سياسي لعبت فيه مصر دورا توفيقيا بين سورية والمملكة السعودية ويمكن القول إنه منذ الانقلاب على سورية قبل خمس سنوات وبعد شل الدور المصري في المنطقة بنتيجة المخطط الأميركي الذي أسند إلى الرياض والدوحة تحولت الجامعة إلى دمية سعودية تنفذ التعليمات الأميركية وتعمل في خدمة العدوان على سورية والشراكة مع إسرائيل وهذا هو رصيد خمس سنوات مما قامت به الجامعة في دوراتها المتتالية حيث كانت أصوات الاعتراض خافتة خجولة لا تبدل في القرارات المعدة مسبقا في واشنطن ودون مراعاة انظمة الجامعة التي تفرض التوافق والإجماع في القرارات المصيرية .

ثالثا ما يجري اتخاذه من تدابير وقرارات ضد حزب الله بالمفرد وبالجمع هو تنفيذ للمشيئة الأميركية الهادفة لحماية الكيان الصهيوني والحلف الرجعي المتورط في دعم قوى التكفير الإرهابية وخطط تدمير المنطقة وإحراقها بالحروب لأن حزب الله قدم نموذج القوة الشعبية المقاتلة القادرة على ردع الكيان الصهيوني والقوة الشعبية المقاتلة القادرة على دحر الإهاب التكفيري وبقدر ما هو يمثل الطليعة القومية المقاتلة في وجه هاتين الذراعين اللتين يستخدمها الحلف الاستعماري الصهيوني : إسرائيل وفصائل التكفير فقد مثل حزب الله القيادة السياسية العربية الجديرة بثقة الشارع العربي وباستنهاضه وهي القيادة الجريئة والشجاعة في نقد الحكومات الرجعية المتورطة بتنفيذ خطط الاستعمار الغربي الصهيوني وقد نجح قائد المقاومة المقدام السيد حسن نصرالله في تهشيم أسوار الصمت المضروب حول جرائم الرجعية العربية وخططها في كل مكان وبات رمزا لخيبتها وفشلها السقيم.

رابعا تخشى الولايات المتحدة من خطر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة على الكيان الصهيوني لأنها محاكاة شعبية لنموذج حزب الله ترفع رايته وصورة امينه العام وتقف إسرائيل عاجزة أمامها باعتراف قياداتها السياسية والعسكرية.

كما تخشى الولايات المتحدة على الحكومات الرجعية المتورطة من ارتداد فشل الحرب على سورية أزمات داخلية في الممالك والمشيخات التي يحاصرها الصعود الإيراني والعجز عن إخضاع اليمن والبحرين وحيث تصدر حزب الله التصدي السياسي للتدخلات والحروب الأميركية بالواسطة وحجز موقعا حاسما في صياغة الرأي العام العربي المعارض بخطابات السيد حسن نصرالله القوية التي يسارع حكام الخليج لاستدراك انتشارها بالتدابير التي تستهدف قناة المنار والشخصيات الإعلامية اللبنانية والعربية الداعمة للمقاومة .

خامسا إنها مرحلة جديدة من الفرز تتحول فيها الجامعة العربية إلى اداة بيد الكيان الصهيوني وبالأمر الأميركي ويتحول حضور اجتماعاتها إلى شيء يشبه المشاركة في جلسات الكنيست وينبغي التعامل معها من زاوية قانون الكونغرس وامر العمليات الأميركي الصهيوني ضد حزب الله للحد من قدرته على مراكمة انتصاراته واستثمارفائض قوته النوعية في زعزعة منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة وعلينا ان نتذكر ان الحكومات الرجعية العربية ومؤسسات الجامعة كانت دائما تدين العدوان الصهيوني وتتهم المقاومة بالمغامرة وبالتطرف لأنها متمردة على خيار التسويات الاستسلامية الذي تجندت السعودية لترويجه من عقود بالإمرة الأميركية المباشرة وما تآمرت فيه الرجعية العربية على حزب الله وسائر حركات المقاومة متخفية بالتضامن العربي كان كبيرا وخطيرا فأهلا بسقوط الأقنعة في زمن العري والانكشاف عل الصراع يكون أسهل واوضح في نظر الشعب العربي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى