بقلم غالب قنديل

حقائق فوق الأسئلة والشكوك

463636 144000 large

غالب قنديل

ينطلق جدل سياسي وإعلامي واسع ومتعرج حول الهبة التي أطلقتها ازمة النفايات والتي جوبهت بقمع أوقع عشرات الإصابات وأشعل حرائق واحداث شغب اجتاحت شوارع وسط بيروت وأبرز ما يدعو للتوقف :

أولا بكل إيجابية وتفهم يمكن النظر لشكوك وأسئلة مشروعة واكبت التظاهرات التي انطلقت بدعوة من حملة “طلعت ريحتكم ” ومنها التعامل بريبة مع تاريخ وارتباطات بعض الناشطين الذين يتصدرون الحملة ويعممون إيحاءات بتعميم النماذج البائسة والمشبوهة لكارثة ما يسمى بالربيع العربي وكذلك النظر بكل حذر إلى دخول بعض الأطراف النافذة ومافياتها على خط التحرك الشعبي والسعي المحموم الذي تقوم به جهات عديدة لتوظيف ما يجري في العديد من الاتجاهات مثل قطع الطريق على تحرك التيار الوطني الحر أو تحسين شروط بعض الأطراف الشريكة في تقاسم صفقة النفايات أو استغلال ما يجري لتعميم اتهامات مفبركة بمحاولات الاختراق وافتعال الصدام مع قوى الأمن الداخلي ومنها كذلك الربط والإيحاء بترويج ترشيح العماد جان قهوجي .

من الملاحظات الوجيهة الشعور بميل انعزالي واستئثاري عند بعض أطراف التحرك على الرغم من تبلور حقيقة العجز عن صياغة الأهداف الواضحة والهروب إلى الاستنساخ السهل وكذلك بروز ضعف التنظيم وارتباك الشعارات الذي يظهر نقصا كبيرا وخطيرا في تبصر المخططين والمنظمين وفي خبرتهم ونزوعا إلى الارتجال السياسي في لحظة صدمة وذهول امام حجم التدفق الشعبي إلى الساحات على الرغم من كل ما تقدم .

ثانيا يستدعي المنطق العلمي إثبات الحقائق التالية في كل ما يجري :

الحقيقة الأولى : الأزمة العامة للسلطة اللبنانية القائمة منذ اتفاق الطائف بلغت ذروة خطيرة باتت تمس أبسط تعبيرات الكرامة الإنسانية والحق بالحياة وانفجار الغضب الشعبي هو نتيجة حتمية لتلك الأزمة.

الحقيقة الثانية : الخصخصة وتدمير دور المؤسسات العامة لصالح الشركات هي سمة الصيغة الحريرية للحكم وقضية النفايات هي نموذج لحكم مافيا الحريرية وشركاها وتحكمها بحياة اللبنانيين وحصادها المتراكم من المال العام المنهوب باسم القوانين على حساب حقوق المواطنين وكرامتهم .

الحقيقة الثالثة : المافيا الحريرية وشركاها تعطل الحل السياسي السلمي للأزمات والمشاكل المتداخلة والصعبة من خلال منع الانتخابات ومنع اعتماد قانون انتخابات جديد على أساس النسبية .

الحقيقة الرابعة : إن القمع الذي جوبه المتظاهرون به مدان ومرفوض وهو ناتج عن قرار سياسي معروف اتخذه وزير الداخلية وأشرف على تنفيذه وسواء كان ذلك التهور ناتجاعن منافسة ومناكفة في ملف النفايات مع السيد وليد جنبلاط او حصيلة تصفية حسابات داخل تيار المستقبل فلا يفيد في تبريره كل الضجيج عن وجود مندسين.

الحقيقة الخامسة : إن على قيادة الحملة الاعتراف بأنها صدمت بحجم الحشود وبدت مرتبكة في إدارة المعركة التي حظيت بفرصة إطلاقها وأضاعت لحظة مواتية لرفع شعار مركزي يمثل هدفا ممكن التحقيق مثل فرض الدعوة إلى انتخابات عامة عاجلة على أساس النسبية .

الحقيقة السادسة : حتى في مجال التعامل مع قضية النفايات لم يطرح في التحرك جدول عملي لأهداف ممكنة التحقيق لو شاء المنظمون حصر الأمور بهدف مطلبي في هذه القضية .

الحقيقة السابعة : هب الناس من وجعهم ومن عفونة النظام المافيوي وعلى دعاة التغيير أن يحتضنوا المبادرة الشعبية ويسهموا في تطويرها وتقدمها والمساعدة في بلورة أهدافها الوطنية بدلا من الغرق في حمى الانتقادات والتنظير التي تستدعي حوارا موسعا مع الناشطين والمشاركين بدون استعلاء أو احكام مسبقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى