بقلم غالب قنديل

النصر الذي غير وجه المنطقة

Merkava destroyed

غالب قنديل

كتب العديد من خبراء الاستراتيجيات والحروب في الغرب دراسات مطولة ومهمة بعد انتصارتموز واستخلص بعضهم دروسا كثيرة لكن تقريرفينوغراد الصهيوني كان الأبرز والأهم وقعا وتأثيرا بإشهاره لما سماه سقوط هيبة الردع الصهيونية للمرة الأولى منذ قيام الكيان واغتصاب فلسطين والثاني من حيث الأهمية كان تقرير البنتاغون الذي اعتبر حزب الله نموذجا للقوة المدافعة المنتصرة في حرب عدوانية غير متكافئة .

اما العبرة الأهم فكانت في التقارير والدراسات العديدة التي قالت إن تلك الحرب التي خطط لها الأميركيون وأداروا تفاصيلها مباشرة شكلت اختبارا لمدى قدرة الولايات المتحدة على شن حرب ضد إيران او سوريا أو كليهما انطلاقا من حقيقة قيام منظومة إقليمية واحدة نسميها نحن أبناء المنطقة محور المقاومة الذي حقق إنجازه الأول بطرد الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان دون قيد او شرط في العام 2000 .

أولا حرب تموز 2006 كانت حربا قادتها وخططت لها الإمبراطورية الأميركية وهي شكلت اختبار القوة الأهم في مجابهة محور المقاومة رغم ما سبقها من خطوات عدوانية متلاحقة ضد سوريا وإيران وحزب الله فعلى امتداد ست سنوات بعد اندحار الاحتلال الصهيوني من لبنان دون قيد أو شرط تلاحقت الخطوات العدوانية ضد سوريا والمقاومة وانهمرت العقوبات ضد إيران من جميع الاتجاهات وشملت سنوات التصعيد غزو العراق واحتلاله وتهديد سوريا ورئيسها مباشرة واستعمال القوى اللبنانية المرتبطة بالغرب والخليج لتكوين جبهة نشطة ضد المقاومة وتم قتل الرئيس رفيق الحريري لتفعيل تلك الجبهة وتحويلها إلى قوة عدوانية شرسة أشهرت مخالبها وأنيابها في ظهر المقاومة خلال عدوان تموز لتلاقي آلة العدوان الصهيوني وقد عطلت قدراتها وقفة مشرفة للوطنيين اللبنانيين يتقدمهم زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون يموقف تاريخي مشهود إلى جانب المقاومة تحدى به الإمبراطورية الأميركية وعملاءها في لبنان والمنطقة.

ثانيا المعادلة التي فرضها انتصار تموز لم تكون فحسب رادعة للعدوانية الصهيونية اتجاه لبنان بل كانت صانعة للتوازنات الجديدة التي حكمت جميع اختبارات القوة اللاحقة وخصوصا في سياق العدوان الاستعماري على سوريا وتبين في حصيلة هذا النصر الذي شكل البداية لتعاظم قوة المقاومة اللبنانية ولتلاحمها العضوي مع الجيش العربي السوري ان نصر تموز كرس القدرة النوعية للمقاومة التي تقف اليوم إلى جانب سوريا وتلعب دورا رئيسيا في معادلة الدفاع عنها والتصدي لعصابات الإرهاب التكفيرية وزمر العملاء والمرتزقة التي تمثل جميعا اداة العدوان الاستعماري وقد رسمت معادلات الردع التي أقامتها سوريا والمقاومة معا سورا استراتيجيا يحصن الجمهورية العربية السورية وهو السور الذي أرغم الرئيس الأميركي باراك اوباما على التراجع عن ضربته الشهيرة في أيلول 2013 والانتقال فورا إلى تبني خيار التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي السلمي .

نصر تموز الذي انتزعته المقاومة وشركاؤها الأصيلون في لبنان يتقدمهم العماد ميشال عون هو بصمة حاضرة في معادلة الصمود السوري وفي النصر الإيراني الذي تمثل بالاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية والمجموعة الدولية .

ثالثا إن ملحمة صمود سوريا وانتصار إيران يشكلان ثمرة لمعادلات النصر في تموز ولو قيض لتلك الحرب الاميركية الصهيونية الخليجية ان تحقق أهدافها المرسومة لكانت المنطقة كلها غارقة في وحشة الهيمنة الصهيونية الاستعمارية ولشنت الحروب والغزوات الاستعمارية مباشرة على سوريا وإيران بجيوش العدوان الأطلسية الصهيونية وملحقاتها لكن انتصار المقاومة في لبنان فرض توازنات جديدة تلقي بثقلها في معادلات القرار فشنت الحرب بالواسطة على سوريا وفي سياق تعثرها بفضل الصمود السوري الذي كان للمقاومة فيه مساهمة بارزة رضخ المستعمرون لخيار التفاوض مع إيران واعترفوا بحقوقها النووية والتتمة ستأتي.

العبرة الأهم من هذه السنوات هي وحدة الصراع ووحدة المصيرة ومناعة الوحدة في المقاومة والمواجهة التحررية ضد الاستعمار والصهيونية وهي دعوة مفتوحة لتمتين نسيج المحور الذي انتصر في تموز سياسيا واقتصاديا وعسكريا .

المجد للمقاومة ولشهدائها الأبطال والمجد لقائدها العظيم السيد حسن نصرالله صانع معادلات النصر والتحرير .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى