بقلم غالب قنديل

الأسد : مقاومون حتى النصر

asad1

غالب قنديل

يمثل الخطاب الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد تقريرا شاملا ومفصلا عن المرحلة الراهنة والمهام والتحديات الحاضرة في المسيرة الوطنية الكبرى التي يقودها دفاعا عن استقلال سوريا وعن وجودها ودورها القومي كقلعة للمقاومة والعروبة .

أولا خرج القائد الأسد عن أعراف سياسية كثيرة في العالم ليصارح شعبه بكل ثقة متحدثا بوضوح عن مواضيع وقضايا تصنف عادة في بنود محصورة التداول داخل غرف التخطيط والقيادة السياسية والعسكرية في حرب مقاومة كبرى كالتي تخوضها سوريا في مجابهة العدوان الاستعماري وأداته عصابات الإرهاب التكفيري وواجهات المرتزقة والعملاء من “عبيد الاستعمار “.

الهدف الذي توخاه الرئيس الأسد بلغة واقعية مباشرة وبعيدة عن الشعاراتية هو وضع الشعب العربي السوري عبر المكاشفة والمعاينة أمام التحديات والمهام التي ينبغي النهوض بها في جميع مجالات المقاومة العسكرية والسياسية والاقتصادية دفاعا عن سوريا وهو بذلك حدد القاعدة الناظمة للمرحلة القادمة انطلاقا من نفير المشاركة الشعبية الواسعة في الدفاع عن الوطن لاختصار زمن المعاناة وكلفتها الثقيلة على السوريين وخلص إلى ذلك من عرض علمي لواقع الميدان وسعته وجسامة متطلبات الدفاع التي ينهض بها الجيش في حرب مركبة ومتشعبة وبالغة التعقيد تحشد فيها “مقدرات أقوى الدول وأغنى الدول “وبناء على الوقائع الحية التي صارح شعبه بها لجهة الأولويات العسكرية شدد على أهمية العنصر البشري في مضاعفة قدرات الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الشعبي لتعجيل مسار تحرير المناطق السورية من سيطرة العصابات الإرهابية حتى آخر شبر من التراب الوطني وهذا التزخيم للقوة البشرية المقاتلة الذي يتطلع إليه القائد الأسد ينطلق واقعيا من توسع حجم المشاركة الشعبية في القتال إلى جانب الجيش مؤخرا كما أكد في خطابه.. وحيث شارك المواطنون قواتهم المسلحة في القتال والصمود تسنى دحر العصابات رغم ما حشد لها من دعم خارجي ومقدرات قتالية وجحافل متعددة الجنسيات من المرتزقة والإرهابيين.

ثانيا إن انتقال قطاعات متزايدة من الشعب إلى الانخراط في القتال هو الحقيقة التي كشفتها في الأشهر الأخيرة معارك الحسكة والسويداء والجولان وحمص وتدمر ودرعا ودير الزور وغيرها بالتوازي مع تقدم المصالحات المحلية وتصاعد انتقال المزيد من المتورطين إلى صفوف الوحدات المقاتلة دفاعا عن الوطن.. وهذه حقيقة برهن عليها ارتفاع معدل الالتحاق بالقوات المسلحة وكانت مهمة جدا إشارة الأسد إلى رسائل المتخلفين عن الخدمة العسكرية التي لاقاها بعفو رئاسي قبل يوم واحد من خطابه وقد نوه بنماذج من ملاحم الصمود الشعبي في بلدات وقرى محاصرة من سنوات بفعل بسالة أبنائها ونخوتهم الوطنية بالقتال إلى جانب الجيش دفاعا عن الوطن وقد شرح الرئيس الأسد تفاوت الموقف في قلب الحاضنة الاجتماعية الداعمة للدولة والجيش وهو ما أطلق العمل على تجاوزه بالوعي من خلال خطابه فثمة شرائح داعمة معنويا وشرائح أخرى مساندة ماديا يبادر أفرادها بتقديم المؤونة والمعونة للقوات المسلحة والشريحة المتقدمة من الحاضنة الاجتماعية هي التي تنخرط في القتال وتساهم في مسيرة المقاومة والتحرير لاسترجاع مناطقها من عصابات الإرهاب أو لمنع سقوطها تحت هيمنة التوحش وثمة ملاحم وبطولات يسطرها مواطنون في الدفاع عن بلداتهم وقراهم وأحيائهم.

ثالثا شكلت الوحدة الوطنية للشعب العربي السوري محورا رئيسيا في خطاب الرئيس الأسد وهو تصدى لتفكيك الدعاية المعادية ومفرداتها عن الحرب الأهلية والطائفية وعن تقسيم سوريا مقدما الوقائع العلمية والشواهد الحية الأقوى والأشد دلالة على تمسك السوريين بوحدتهم وبتراب وطنهم وباستقلال بلادهم ودولتهم الوطنية وقد اعتبر وعي الشعب وإرادته الصلبة وحسه الوطني المتجذر عاملا حاسما في صمود الدولة والقوات المسلحة النظامية والشعبية وبقوة هذا الموقف المعبر عنه بالوقائع تتجذر صلابة الموقف والقرار القيادي بالمقاومة حتى النصر وبرفض أي مساومة على الاستقلال الوطني والكرامة الوطنية.

أشار الرئيس الأسد إلى جميع وجوه المعاناة التي يعيشها السوريون بفعل العدوان والحصار وتعرض للتضحيات الجليلة التي يقدمونها على جبهات القتال وفي جبهة استمرارية دورة الحياة والإنتاج والخدمات العامة وتنشيط الاقتصاد في مجابهة التدمير والتوحش والحصار وحيث يتحرك السوريون ويبادرون في تحدي المصاعب والتعقيدات بالإرادة الحرة وبالموقف الوطني الحازم عارضا للخطوات التي اتخذتها الدولة الوطنية السورية في تحضير خطط لإعمار المناطق التي دمرها العدوان بالتزامن مع برامج الصمود والمقاومة بإرادة النهوض وبالتصميم على النصر .

رابعا حسم الرئيس بشار الأسد كل الجدل عن العلاقة بين الحسم العسكري والحل السياسي وشرح خلفيات تجاوب الدولة الوطنية مع مبادرات الحوار لمخاطبة الشرائح السورية التي توهمت سابقا أن وقف العدوان ممكن برزمة إصلاحات ووقعت تحت تأثير الدعاية المعادية وجرى تضليلها باستغلال نواياها الحسنة وهي باتت اليوم أشد اقتناعا بحقيقة العدوان واكتشفت أهدافه التدميرية وقواه التكفيرية الإلغائية المتوحشة ولذلك استهل القائد الأسد خطابه بالكلام عن تساقط الأقنعة والخطابات والشعارات والمصطلحات التي حشدت في سياق العدوان الاستعماري على سوريا الذي يقوده الغرب الاستعماري وهو استعماري أيا كانت اللغة التي يتحدث بها ولا يبدل في جوهر أهدافه التي تحركها أطماع الهيمنة وسلب الثروات والسعي إلى كسر إرادة الشعوب المقاومة .

تناول الأسد العلاقة بين عصابات التكفير والإرهاب وواجهات العملاء في ما يسمى بالمعارضة الخارجية” أي المرتبطة بالخارج” كأداتين متكاملتين في العدوان على سوريا وقدم صورة واقعية عن ترابطهما في حركة العدوان تبعا لتوازن القوى وعرض صورة واقعية عن مكونات واجهات المعارضة وأدوارها مميزا بين الوطنيين والانتهازيين والعملاء مشددا على أن الحوار والحل السياسي في نظر القيادة والشعب في سوريا محكوم بأولوية مكافحة الإرهاب.

خامسا جدد الرئيس التمسك بلائحة الالتزامات المتضمنة تجفيف موارد الإرهاب وتفكيك منصات العدوان على سوريا والتصريح جهارا بأن من دعمتهم قوى العدوان كانوا إرهابيين ومرتزقة ولم يكونوا ثوارا ومناضلين من أجل الحرية والديمقراطية كما زعمت الروايات الخادعة التي فضحها الوعي السوري وبناء على هذه اللائحة يمكن فحص حقيقة مواقف حكومات حلف العدوان على سوريا وقد جزم الرئيس بأن لا بوادر جدية في هذا المجال ولا شيء يستحق الكلام وهو بذلك وضع حدا لتسريبات وأقاويل راجت بعد كلام الرئيس فلاديمير بوتين الذي فتح للدول الإقليمية المعتدية باب التراجع تحت غطاء التعاون مع سوريا في مكافحة الإرهاب الذي تعاظم خطر ارتداده على رعاته وخروجه عن السيطرة كما نبه الرئيس الأسد منذ الأيام الأولى واتهم حينها بالتهويل والتهديد وجاءت التطورات لتثبت مصداقية الأسد بينما المتورطون في الغرب والمنطقة يواصلون النفاق ويعتمدون لغة مزدوجة وحربهم المزعومة على الإرهاب للضبط ولتقليم الأظافر وليست للتخلص منه والقضاء على خطره كليا ولذلك نجدهم يصيحون ويولولون عن الإرهاب حين يستهدفهم وحين يحركونه ضد السوريين يسمونه معارضة مسلحة وجماعات ثورية!.

كلمات القائد الأسد الحارة والصادقة عن المقاومة اللبنانية ودورها المجيد في الدفاع عن سوريا وعن الشقيقة إيران التي تقدم المساعدة والدعم والمشورة وعن مواقف روسيا والصين الداعمة دوليا ومعهما مجموعة دول البريكس قدمت صورة عن الجبهة العالمية للنضال ضد الهيمنة الاستعمارية التي تمثل سوريا خطها الدفاعي المتقدم وقلعتها الحصينة كما هي قلب محور المقاومة الاستقلال في المنطقة….مقاومون حتى النصر هو شعار المرحلة القادمة في سوريا التي تصنع تاريخا جديدا للشرق والعالم بصمودها العظيم وببسالة أبطالها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى