بقلم غالب قنديل

على هامش جنيف اليمني

wafd

غالب قنديل

شكل العدوان الأميركي السعودي على اليمن محورا رئيسيا في خطة ترميم منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية في المنطقة وحلقة مركزية في محاولة تثبيت تلك المنظومة بالتزامن مع تصعيدها الشامل في الحرب على سوريا بواسطة عصابات الإرهاب التكفيري ومع الانتقال بالتحالف السعودي الإسرائيلي إلى المجاهرة والتصريح عبر خطوات متدرجة.

أولا برهنت مباحثات جنيف الأخيرة على مدى التعنت والعنجهية السعودية في التعامل مع اليمن بخلفية التصميم على منطق الهيمنة والإلحاق الكلي الذي أسقطه اليمنيون وانتفضوا عليه وبدأوا يكتبون بالدم مرحلة جديدة محورها انتزاع السيادة والحرية لبلدهم.

على الرغم من كون منصة جنيف ثمرة لفشل السعودية في فرض الإذعان لمقترح الرياض السابق حول التفاوض بنصابه وجدول أعماله برعاية سعودية فقد تبدلت المعطيات بعد مداخلة أميركية أريد منها إنقاذ المملكة السعودية من حالة المراوحة والعجز في حرب لم تحقق أيا من اهدافها العسكرية والسياسية المعلنة بفعل الصمود الشعبي والسياسي اليمني بل ومع انتقال زمام المبادرة على الأرض إلى القوات النظامية والشعبية اليمنية في الداخل وعبر الحدود لكن بات من الواضح عدم الاستعجال الأميركي لبلورة التسويات الممكنة والاكتفاء بفتح قنوات التفاوض لاحتواء أي مأزق سعودي لاحق وهكذا فالمنصة جاهزة والأمر متروك للميدان حيث يثبت اليمنيون مزيدا من التماسك والقدرة رغم الحصار والضغوط .

ثانيا التصرفات المشينة والمنحازة التي تورطت فيها منظمة الأمم المتحدة وموفدها الخاص في الملف اليمني كانت تهدف لعرقلة مشاركة وفد المكونات اليمنية الوطنية في مباحثات جنيف وممارسة ضغوط معنوية وسياسية بهدف التأثير على صلابة الوفد وتماسكه السياسي وقد أثارت تساؤلات متجددة حول واقع المنظمة الدولية وهي في الحقيقة اكدت مجددا ان التوازنات العالمية المتحولة لم تنتج حتى الساعة التغيير المنشود الذي يحقق نسبة أعلى من التوازن في الأمم المتحدة فالمنظمة الدولية ما تزال تعبر في تكوين مؤسساتها وقيادتها الإدارية والسياسية عن هيمنة اميركية شاملة مستمرة ومتواصلة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وهي أقرب إلى مستعمرة اميركية يدير اجهزتها ومنظماتها وشبكة موظفيها جهاز اميركي للتحكم والتوجيه في أدق التفاصيل .

ميزان القوى هو ضمانة الشعب اليمني وإرادة الصمود والمقاومة على الأرض هي التي تستطيع تغيير المعادلات والتوازنات الميدانية هي التي فرضت على الولايات المتحدة فتح قنوات التفاوض وكشر الاشتراطات السعودية السابقة اما الضمانات المفترضة تحت مظلات دولية وأممية فهي تنتزع بقوة المعادلة ولا مجال آخر لتحقيقها .

ثالثا إن المواقف الصامتة على استمرار الحصار والعدوان ضد شعب اليمن هي مواقف غير منصفة وهي تناقض أبسط معايير النزاهة والموضوعية فلايكفي ان تعلن بعض الدول المناهضة للهيمنة الأميركية الأحادية عن الدعوة إلى التفاوض على مخرج سياسي لما يسمى بالأزمة اليمنية فأي تفاوض يفترض التكافؤ وعدم التدخل الأجنبي والإقليمي للتأثير على إرادة المتفاوضين وهذا ما لا يكفي لضمانته مكان إجراء المفاوضات وهوية الجهة الراعية للتفاوض بل الشروط الموضوعية التي تحيط بالتفاوض .

إن الحصار المفروض على الشعب اليمني واستمرار العدوان الأميركي السعودي عاملان ضاغطان على المفاوض اليمني غايتهما ابتزاز القوى اليمنية بآلام شعبها وبما يهدد هذا الشعب من كوارث إنسانية ومعاناة صعبة يتحمل العالم مسؤوليتها منذ انكفاء روسيا والصين عن الواجب الأممي الإنساني بإسقاط قرار مجلس الأمن المشؤوم الذي يغطي الحصار الظالم والذي يشكل إلغاؤه شرط الوجوب لأي حل عادل في هذا البلد.

رابعا الصمود اليمني قرين الصمود السوري في مقاومة الغزوة الاستعمارية وحلف العدوان واحد بل إن درجة استخدام جماعات التكفير والإرهاب كأداة للعدوان باتت تبدو متقاربة بعد انكشاف الاستعمال السعودي الصريح لجماعات داعش والقاعدة على الأرض وفي ظل العجز عن تطوير ما سمي بالحرب البرية سواء بواسطة القوات السعودية ام بجيوش مستعارة فالإرهابيون وميليشيات الأخوان هم الذراع الميداني لحلف العدوان الأميركي السعودي القطري التركي في اليمن كما في سوريا والعراق بل وفي ليبيا أيضا.

ينبغي القول وبكل صراحة إن تقصيرا عظيما يحكم المواقف من المأساة اليمنية ولا بد من مصارحة الحلفاء بذلك ولولا الصوت العالي لحزب الله وأمينه العام لران صمت ثقيل فوق المظالم والآلام اليمنية وما يمكن ويجب عمله في هذا المجال هو في أضعف الإيمان تنظيم حملة إعلامية وسياسية وشعبية تدعو لرفع الحصار عن اليمن ولوقف العدوان والكف عن دعم الإرهاب والباقي يتكفل به اليمنيون عمليا فهم يصنعون في كل يوم مآثر عظيمة من ملاحم الصمود والمقاومة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى