بقلم غالب قنديل

سوريا وخيبة عاصفة الوهم

army yy

غالب قنديل

تصريحات سعد الحريري في واشنطن التي ضمنها كمية عالية من العداء للمقاومة ومطالبته بعدوان شامل على سوريا يشبه الحرب العدوانية على اليمن ليست مجرد تمنيات وإفصاحا عن مشاعر شخصية معروفة سبق له ان عبر عنها منذ سنوات وهو زعيم التحالف السياسي اللبناني الذي عادى المقاومة وسوريا في حرب تموز وتخيل مع جيفري فيلتمان قبل سنوات فرصة لإسقاط سوريا يعقبها التخلص من حزب الله في لبنان فوعد محازبيه بالعودة عبر مطار دمشق .

اولا تمنيات الحريري هي ذاتها وردت في مقالات نشرتها الصحافة السعودية والخليجية مع انطلاق الحرب على اليمن وما سمي بحلف عاصفة الحزم وقد كرست حكومات قطر وتركيا والسعودية والأردن خلال الأسابيع الماضية جهودا مشتركة لإحداث طفرة في هجمات الجماعات التكفيرية والإرهابية على الأرض السورية غايتها التأثير السياسي والمعنوي على معادلة الصراع الذي تخوضه الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة ضد ادوات العدوان الاستعماري الصهيوني على البلاد وسعت أبواق العصابات الإرهابية ومنصاتها الإعلامية إلى الإيحاء بتحضير الميدان لهجوم شامل ينذر باستعادتها لزمام المبادرة العسكرية وما لايمكن إنكاره هو ان فشل الحرب السعودية الأميركية على اليمن قطع الطريق على اشتهاء القيادات السعودية والقطرية والتركية لمحاولة اختبار نقل عمليات هذا الحلف العدواني إلى سوريا وفقا لما اوحت به التصريحات والتسريبات الكثيرة ويمكن القول إن شعب اليمن وثواره لهم الفضل في منع ارتداد العدوان على سوريا فقد هيأوا ورطة مفتوحة للمملكة السعودية وشركائها في العدوان على بلادهم.

تفيض التصريحات التي يرددها سعد الحريري ووليد جنبلاط بالكلام المستهلك عن ثورة سورية مستمرة وعن ثوار سوريين بينما في الواقع الذي بات عاريا ومكشوفا امام العالم ان غالبية من يقاتلون ضد الجيش العربي السوري هم خليط من تكفيريين من ثمانين جنسية عربية واجنبية يعملون في فصائل قاعدية متناحرة بينها صراعات واختلافات في التسميات والزعماء ومصادر التمويل والإسناد لكنها تعتنق الفكر الوهابي التكفيري باشتقاقاته الأخوانية والقاعدية والداعشية وقد توزع ما عرف بكتائب الجيش الحر المحببة إلى جنبلاط والحريري وامانة 14 آذار تحت تلك اليافطات الإرهابية المصنفة عالميا وفي حضن المخابرات الإسرائيلية على جبهة الجولان حيث وصلت وقاحة المجاهرة بالعمالة إلى حد التهنئة باغتصاب فلسطين.

ثانيا تميزت الطفرة الأخيرة في عمليات الجماعات الإرهابية في الشمال والجنوب بعنصرين بارزين :

1-    دخول الحكومة الأردنية الصريح والعلني في عمليات العدوان عبر انتقالها إلى تسليم موقع حدودي رسمي ( معبر نصيب ) للعصابات التي تم تدريبها في الأردن وتم تمويلها وتجهيزها بالشراكة مع السعودية وقطر وإسرائيل وهو مؤشر إلى تصعيد خطير ينقل التورط الأردني في العدوان على سوريا إلى مرحلة جديدة.

2-    تصاعد التدخل التركي المباشر على الجبهة الشمالية وظهور قوات معززة لجبهة النصرة القاعدية تدفقت من تركيا إلى محافظة إدلب وهي كما ذكر خبراء عسكريون مجهزة بآليات وأسلحة ليست من العتاد المعروف للجيش العربي السوري الذي استولت عليه الجماعات الإرهابية ومنها على سبيل المثال دبابات وآليات صينية الصنع استعملها الإرهابيون في معركة إدلب مما يفيد أن ذلك العتاد تم شراؤه وتخزينه في تركيا لحساب جبهة النصرة في حين قدمت المخابرات التركية الخدمات اللوجستية والمعلوماتية اللازمة لوحدات النصرة والجماعات الأخرى المشاركة من الإرهابيين والمرتزقة الذين يقودهم إرهابي سعودي من آل المحيسن ( ثائر سوري في قاموس جنبلاط والحريري ).

ثالثا بأعصاب باردة تختبر القيادة السورية طرقا غير تقليدية في التعامل مع الطفرة الإرهابية التي يتصل توقيتها بتحرك دي ميستورا وبالكلام الأميركي عن تنشيط التفاوض السياسي في سوريا بعد نتائج منتدى موسكو وقد سبقت في السنوات الماضية عمليات مشابهة مع كل محطة حوار او تحرك للموفدين العرب والدوليين لكن ما يظهر من سير المعارك الأخيرة يبرز تغييرات واضحة أهمها ان الجيش العربي السوري يتعامل بأسلوب احتوائي ليحصن مواقعه ويحضر ميدان الاشتباك لهجوم مضاد يقرر مكانه وزمانه وفقا لخطته العامة بدلا من الوقوع في فخ رد الفعل التلقائي ودفع خسائر كبيرة لا تناسب حجم الحصيلة العسكرية التي تحققها بعض الأهداف في رصيد الحرب الإجمالي وهذا ما بدا مؤخرا بعد حشد قوات من الجيش السوري في محافظة إدلب تحركت لإحكام الطوق على مدينة إدلب بتحرير القرى المحيطة بها وبالطبع ثمة جانب من العمليات يصعب التحدث عنه إعلاميا قبل نضوج التحضيرات وانطلاق التحرك الميداني بما في ذلك معالجة الثغرات الدفاعية التي سمحت بنجاح بعض الاختراقات التي حشدت لها قوة قتالية ونارية ومخابراتية ضخمة من قبل دول العدوان على سوريا .

ستظهر الأسابيع القادمة استعادة الجيش العربي السوري لزمام المبادرة في وجه الاختراقات وفرضه مجددا للقاعدة المعروفة وهي انه عندما يقرر استرجاع منطقة ينجز ذلك رغم ما تفرضه عليه اعباء الانتشار الواسع على الجغرافيا السورية وفي ظل القتال المتواصل الذي يخوضه منذ اكثر من أربع سنوات بينما يحصد ثباتا في مستوى الاحتضان الشعبي ودرجة الثقة بقدراته وخبراته المتراكمة .

الدولة الوطنية السورية تواصل قيادة مقاومة شاملة للعدوان الاستعماري ولأدواته الإرهابية والأكيد ان عاصفة اوهام الحريري وجنبلاط تتهاوى في اليمن قبل ان تختبر جدران الدفاع السورية بقدراتها الصاروخية الثقيلة والنوعية وبحلفها المقاوم الذي يضم إيران وحزب الله وبشريكها الاستراتيجي الروسي والأميركيون بحزبيهم يدركون ان التورط بتكرار اختبار أيلول 2013 عندما هدد اوباما وحشد الأساطيل لغزو سوريا هو الحماقة الممنوعة في زمن الاعتراف بالوقائع القاهرة بدءا من إيران النووية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى